في الذكرى الـ46 لإحراقه: الأقصى مستهدف والجرائم بحقه متلاحقة
القدس / سوا / في مثل هذا اليوم، وتحديدا في يوم 8 جمادى الآخرة 1389هـ، الموافق 21 آب/أغسطس 1969م أقدم متطرف يتبنى الفكر الصهيوني المتشدد ويدعى «دينس مايكل» على إشعال النار في الجامع القبْلي في المسجد الأقصى، والتهم الحريق أجزاءً مهمة منه.
وكان لهذا العمل الذي مسّ ثالث الحرمين الشريفين ردود أفعال كبيرة في العالم الإسلامي، وقامت المظاهرات في كل مكان، وكان من تداعيات هذه الجريمة البشعة إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية.
ويتذكر أهالي القدس أنه في ذلك اليوم قام الاحتلال الإسرائيلي بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد، وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس- التي يسيطر عليها الاحتلال - التأخير؛ حتى لا تشارك في إطفاء الحريق، بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل و رام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق.
أما أهم الأجزاء التي طالها الحريق داخل مبنى المصلى القبْلي المبارك فكانت منبر "صلاح الدين الأيوبي" الذي يعتبر قطعةً نادرةً مصنوعةً من قطع خشبية، معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو براغي أو أية مادة لاصقة، وهو المنبر الذي صنعه "نور الدين زنكي"، وحفظه على أمل أن يضعه في المسجد إذا حرَّره فلما مات قبل تحريره قام "صلاح الدين الأيوبي" بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد تحرير المسجد من دنس الصليبيين.
كما طال الحريق مسجد "عمر" الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ومحراب "زكريا" المجاور لمسجد "عمر"، ومقام الأربعين المجاور لمحراب "زكريا"، وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق.
كما امتد الحريق ليطال عمودين رئيسين مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، وكذلك القبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها، والمحراب الرخامي الملون، والجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليها.
وطال الحريق المدبر أيضا ثمان وأربعين نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل على الجبص لمنع دخول الأشعة المباشر إلى داخل المسجد، وجميع السجّاد العجمي، وكذلك مطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب، ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترًا إلى الجهة الشرقية، وكذلك الجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.
وتأتي هذه الذكرى والمسجد الأقصى يتعرض لحملة تهويد مسعورة وتدنيس مستمرة واقتحامات عنصرية غوغائية من الجماعات والأحزاب اليهودية المتطرفة، بتزامن مع محاولات إسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا.
في المقابل، يواصل المرابطون التحدي لمثل هذه الهجمات من خلال التصدي للمتطرفين اليهود كما حصل يوم أمس الخميس، حيث اعتقل الاحتلال بسبب ذلك ثلاث من النساء والفتيات المرابطات.
والعدوان على المسجد الأقصى ليس محصورا على هذا الحريق، فمجازر عام 1990م وعام 1996م وعام 2000م ليست بعيدة، كما أن حفر الأنفاق ما زال مستمراً، فالانهيار الذي وقع في بلدة سلوان مؤخراً كشف عن شبكة أنفاق متوجهة إلى المسجد الأقصى المبارك.
كما حصلت عدة انهيارات أخرى في المباني الأثرية الوقفية الملاصقة للجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، وكل ذلك بسبب هذه الحفريات التي تبحث عن أوهام ما يسمى بهيكل سليمان.
إن الأقصى في ذكرى حرقه يستصرخ أفئدة الأمتين الإسلامية والدولية، وكل من يتحدثون عن حماية التراث العالمي للتحرك لحمايته من التزوير والتهويد والتدمير.