126-TRIAL- قد يكون هذا السؤال حاضرًا في أروقة صناعة القرار لدى أطراف إقليمية ودولية عديدة؛ لأنهم يرون حركة حماس عقبة في طريق تحقيق "السلام" والاستقرار، ولأن حماس تؤمن بخيار المقاومة لتحرير الأرض والإنسان الفلسطيني، وهذا "إرهاب" من منظور تلك الأطراف.
منذ اليوم الأول لتأسيس حماس، وتبنيها خيار المقاومة المسلحة لدحر العدوان الصهيوني بدأ الاحتلال الإجابة عن هذا التساؤل، فبدأ بحملة اعتقالات واسعة في صفوف الحركة، ولكنه خلص إلى أن حركة حماس بعد كل عملية اعتقال تقوى شوكتها، وتزداد شعبيتها، فقرر إبعاد كل قادتها إلى مرج الزهور بجنوب لبنان، وكانت المفاجأة الكبرى للاحتلال وحلفائه أن ذاع صيت حماس ليتجاوز فضاء فلسطين الجغرافي، وفي الأرض المحتلة بدأت قطاعات عريضة تتعاطف مع الحركة، ما زاد من شعبيتها وقوة تأثيرها.
فكانت الإجابة الأولى عن سؤال: "كيف نُسقط حركة حماس؟" _وهي الإبعاد والاعتقال_ قد فشلت.
وبدأت مرحلة جديدة مع بزوغ فجر اتفاق (أوسلو)، وإنشاء السلطة الفلسطينية، إذ ألزم الاتفاق السلطة بالقيام بخطوات ضد فصائل المقاومة أو احتوائها، ففشل خيار الاحتواء، ورفضت حماس التصادم، فطال اعتقال الأجهزة الأمنية الفلسطينية معظم قادتها، وشبابها، ومن عاصر حقبة التسعينيات من القرن الماضي اعتقد أن حركة حماس قد سقطت إلى الأبد، ولكن عندما جاءت انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000م عادت حماس أقوى مما قبل، وأسست جيشها الشعبي الذي يحاكي الجيوش النظامية، فانتقل الاحتلال بغطاء إقليمي ودولي إلى سياسة جديدة، وهي سياسة الاغتيالات، وطالت تلك السياسية معظم قادة الصف الأول والقادة الميدانيين، ولكن بعد كل عملية اغتيال كان إقبال الشارع الفلسطيني على الانتماء إلى حركة حماس أكبر، وفعلًا استطاعت حماس تجاوز أزمة فقدان القادة التاريخيين.
وقررت حماس خوض غمار الانتخابات التشريعية، وحققت فوزًا كاسحًا، وعلى الفور بدأ المجتمع الدولي يستشعر الخطر الداهم، فكانت خطة الحصار والعزل السياسي هي عنوان المرحلة، وكان لذلك انعكاسات على واقع الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، لكنه فشل في إسقاط الشرعية الدستورية لحركة حماس.
وبعد عدة سنوات وجد الاحتلال بغطاء دولي وإقليمي أنه لا بديل عن خيار الحرب الاستئصالية، فوقعت حربا الفرقان وحجارة السجيل، وعلى عكس كل التوقعات خرجت حركة حماس أقوى من الحربين، ثم جاءت المصالحة الوطنية بعد الأحداث المؤسفة التي وقعت في حزيران (يونيو) 2007م، ترجمة فعلية لخيار الفوضى الخلاقة التي نظّرت إليها وزيرة خارجية الولايات المتحدة كونداليزا رايس.
خلاصة القول: استخدمت قوى الاستكبار العالمي الاعتقال والإبعاد والاغتيال ودفع الشعب الفلسطيني نحو الاقتتال، والحصار السياسي والاقتصادي، والحرب المدمرة؛ من أجل إسقاط حماس، ولكنها لم تسقط بل ازدادت قوة، وبقي (سيناريو) واحد ووحيد لابد من فحصه كي تسقط حماس، ويتمثل ذلك بالوقوف حول ما تريده حماس، فعقلنة حركة حماس دون الاعتراف بها دوليًّا والاستماع لمطالبها سياسة دولية فاشلة، فما تريده حماس يريده كل فلسطيني حر، وكلمة السر تتمثل في العودة والتحرير، والبديل لذلك هو الاستمرار بشيطنتها، وهذا قد يخلف ما لا يحمد عقباه. 103

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد