حماس: إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها وقادرون على بناء غزة
أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس خليل الحية، مساء الأربعاء،15 يناير 2025 ، أن إسرائيل فشلت في تحقيق أي من أهدافها في قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية، مشددا على أن الفلسطينيين قادرون على بناء غزة من جديد.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده الحية بعد دقائق من إعلان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن نجاح الوسطاء في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة، لافتا إلى أن تنفيذه سيبدأ الأحد المقبل.
أبرز ما جاء في كلمة الحية
في هذه اللحظة التاريخية من جهاد شعبنا ونضاله المستمر على مدار عقود -والتي سيكون لها ما بعدها- نتوجه بكل عبارات الفخر والشموخ والثناء إليكم يا أهلنا وشعبنا في غزة الأبية.
يا دُرّة الطائفة المنصورة، يا أهل غزة العظام، يا أهل غزة الكرام، يا أهل الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، يا من صدقتم الوعد وصبرتم وتجرعتم الآلام ما سبقكم بها أحد، ولاقيتم ما لم يلاقه أحد، وأديتم الأمانة على حقها وأنتم أهلٌ لها، فديتم لحظة الفداء، وقدّمتم لحظة العطاء، وصبرتم في مواقع الصبر، وجاهدتم في مواطن الجهاد، ونلتم من الشرف أعظمَه بإذن الله.
هنيئا لكم رباطَكم وجهادَكم وصبرَكم وعطاءَكم وتضحياتِكم {سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}.
نقف في هذه اللحظة بالتحية والإجلال أمام قوافل الشهداء، من الأطفال والنساء والشيوخ والعلماء والمجاهدين والأطباء والإعلاميين، ورجال الدفاع المدني ورجال الأمن والحكومة والشرطة، ورجال العشائر والعائلات.
نحيي كل أولئك الذين ارتقوا في أشرف معركة وأعظم قضية، معركة الدفاع عن القدس والأقصى في طوفان الأقصى، والتحية كل التحية لمن بقي بعدهم ثابتاً على العهد، وواصل وأكمل الطريق وحمل الراية من بعدهم.
نقف بإجلال أمام القادة الشهداء الذين تناثرت أشلاؤهم في هذه المعركة القائد الشهيد إسماعيل هنية أبو العبد والقائد الشهيد يحيى السنوار أبو إبراهيم، والقائد الشهيد صالح العاروري أبو محمد، والإخوة في القيادة السياسية والعسكرية للحركة في القطاع.
نقف بإجلال أمام الشهداء من كل الفصائل المقاومة والمجاهدة لا نستثني منهم أحداً، ونقول لهم ولشعبنا ربح البيع قادتنا وشهداءنا ربح البيع بإذن الله، وإنها لتجارة مع الله لا تبور وإننا سنواصل على درب القادة الشهداء حتى النصر أو الشهادة بإذن الله.
لقد شكلت معركةُ طوفان الأقصى منعطفاً مهماً في تاريخ قضيتنا ومراحل مقاومة شعبنا العظيم، وستستمر آثارُ هذه المعركة ولن تتوقف بانتهاء هذه الحرب.
ما حدث في السابع من أكتوبر من إعجاز وإنجاز عسكري وأمني قامت به نخبة كتائب القسام سيبقى مفخرةً لشعبنا ومقاومتنا تتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل، وقد أصابت كيان العدو في مقتل، وسيستعيد شعبُنا كامل حقوقه، وسيندحر هذا الاحتلال عن أرضنا وقدسنا ومقدساتنا عما قريب بإذن الله تعالى.
إن ما قام به الاحتلال وداعموه من حرب إبادةٍ وحشية، وجرائمَ نازيةٍ، ومعاداة للإنسانية، على مدى 467 يوماً سيبقى محفوراً في ذاكرة شعبنا والعالم وإلى الأبد، كأبشع إبادة جماعية في العصر الحديث، بكل ما فيها من أصناف الألم والعذاب وألوان المعاناة.
فصول حرب الإبادة ستبقى وصمة عار على جبين الإنسانية والعالم الصامت المتخاذل، ولن ينسى شعبُنا كل من شارك في حرب الإبادة، سواء من وفر لها الغطاء السياسي والإعلامي، أو من قدموا آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات التي أُسقطت على رؤوس أهلنا وأبنائنا وبناتنا في قطاع غزة، ونؤكد أن كل هؤلاء المجرمين سيلقون جزاء ما قدموا وفعلوا ولو وبعد حين.
بالرغم مما تعرض له شعبنا من أهوالٍ وشدائدَ تشيب لها الولدان، فإننا نرفع رؤوسنا بمقاومتنا ونفخر بأبطالنا ومقاومينا، وبشعبنا الصابر، ولن يرى عدوُّنا منا لحظة ضعف ولا انكسار.
نقول باسم الأيتام والأطفال والأرامل وأصحاب البيوت المهدمة وأهالي الشهداء والجرحى والمكلومين، باسم كل الضحايا، باسم كل قطرة دم سالت، وباسم كل دمعة ألم وقهر، نقول باسمهم: لن ننسى ولن نغفر، نعم، لن ننسى ولن نغفر، وليس منا ولا فينا من يفرط بحق كل هذه الآلام والتضحيات.
لقد حاول الاحتلال منذ بَدء العدوان تحقيقَ العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحةً أنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاءِ على حماس، واستعادةِ الأسرى بالقوة العسكرية، وتغييرِ وجه المنطقة، فيما كان هدفُه المبطن، تصفيةَ القضية وتدميرَ القطاع والانتقامَ من أهله وتهجيرَهم، والقضاءَ على إرادة شعبنا بالحرية، وتدميرَ كلِ معاني الأملِ، وإنهاءَ آثارِ العبورِ المجيد في السابع من أكتوبر.
لكنَّ الاحتلالَ المجرم اصطدم بصلابة شعبنا، وتشبثه بأرضه، ففشل في تحقيق أيٍّ من أهدافه السرية أو المعلنة، فقد ثبتَ شعبُنا في أرضه، لم يرحل أو يهاجر، وكان الدرعَ الحصينَ لمقاومته.
تَمترسَ مقاومونا أبناءُ كتائب القسام، أولئك الأبطال الذين أذهلوا العالم أجمع ببطولاتهم وعملياتهم الاستثنائية، واستمروا حتى آخر لحظة من لحظات هذه الحرب، يقاومون بشرف وأخلاق، في الدفاع والهجوم، ونفذوا عملياتٍ نوعيةً، بجرأةٍ لم يرَ العالمُ مثلَها، واستبسال قَلّ نظيرُه، وهم يضعون العبوات ويطلقون القذائف وينصبون الكمائن ويقاتلون من نقطة صفر، ويثخنون في العدو حتى جعلوا آلياتِ الاحتلال توابيتَ متفحمةً.
نحيي كلُّ المقاومين من فصائل المقاومة الأبطال، ونخصُّ منهم أبناءَ سرايا القدس إخوةَ الدرب والسلاح في الجهاد الإسلامي، وكانوا نموذجاً للمقاتل الفدائي الحر، وباعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل وطنهم ودفاعا عن شعبهم.
نحن اليوم نُثبت أن الاحتلال لم ولن يهزم شعبَنا ومقاومتَه بفضل الله ومعيتِه، ولم يحقق سوى الخرابِ والدمارِ والمجازرِ بحق شعبِنا، ولم يأخذ أسراه إلا باتفاق مع المقاومة بوقف الحرب والعدوان وصفقة تبادل مشرفة.
نقول بثقة ويقين: إن صمودَ شعبِنا وعظيمَ تضحياتِه وبسالةَ مقاومتِه قد أجهض وأفشل أهداف الاحتلال المعلنة والمستترة من هذه الحرب، ولا زالت إرادة شعبنا حرةً أبية نقية، لا تشوبها شائبةٌ من تخاذل أو ضعف، بل بقي عزيزاً شامخاً حتى آخر لحظة بفضل الله.
شعبَنا الوفيَّ المعطاء .. إننا ونحن نعلن عن الوصول لاتفاق وقف الحرب والعدوان، نستذكر بكل كلمات الشكر والامتنان، كلَّ من وقف معنا ومع شعبنا ومقاومتِنا في اللحظات القاسية.
نخص بالذكر هنا الإخوةَ في جبهات الإسناد: في لبنان الشقيق، حيث الإخوةُ في حزب الله الذين قدموا مئات الشهداء من القادة والمجاهدين على طريق القدس، وعلى رأسهم سماحةُ الأمين العام السيد حسن نصر الله وإخوانه في القيادة.
نستذكر كذلك مساندة الإخوة في الجماعة الإسلامية، وما قدمه الشعبُ اللبناني من مقاومة وتضحياتٍ كبيرةٍ وصبر عظيم، دفاعاً وإسناداً لشعبنا الفلسطيني، وقد أبلَوْا بلاءً حسناً، وحوّلوا حياةَ الاحتلال إلى جحيم وتشريد، في مشهد تضامن وإسناد حقيقي، يجسد أُخوّة الإسلام والعروبة.
كما نستذكر الإخوةَ في اليمن أنصار الله -إخوان الصدق- الذين تجاوزوا البعد الجغرافي، وغيّروا من معادلة الحرب والمنطقة، وأطلقوا الصواريخَ والمُسيَّرات على قلب الاحتلال وحاصروه في البحر الأحمر،
نستذكر أيضا جهد الإخوةَ في الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي دعمت مقاومَتنا وشعبَنا، وانخرطت في المعركة ودكت قلبَ الكيان في عمليتيْ الوعد الصادق (1) و(2)، والمقاومةَ العراقية التي اخترقت كلَّ العوائق، لتساهمَ في إسناد فلسطين ومقاومتِها، ووصلتْ صواريخُها ومُسيّراتُها إلى أراضينا المحتلة.
نحيي كذلك أهلَنا وشبابَنا الثائر في الضفة الغربية وخاصة في مخيم جنين البطولة، وفي القدس والداخل المحتل، وشعبَنا في المنافي والشتات، وشعوبنا العربية والإسلامية.
نعبر عن عميق شكرنا وتقديرنا للإخوة الوسطاء الذين بذلوا جهوداً مُضنية وجولاتٍ متعددة من المفاوضات منذ اليوم الأول، للوصول إلى وقف العدوان وحرب الإبادة على شعبنا، ونخص منهم الإخوةَ في دولة قطر الشقيقة، وجمهورية مصر العربية الشقيقة.
نستذكر كذلك المواقف المضيئة للعديد من الدول التي وقفت معنا في مختلف الميادين: الإخوةَ في تركيا وجنوب إفريقيا والجزائر وروسيا والصين وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا وإسبانيا وإيرلندا، وأحرارَ العالم.
نشكر كلَ من وقف معنا بالكلمة والقلم والصوت والصورة، والمَسِيرة والمظاهرة، وسلاحِ المقاطعة، وبالجهد السياسي والدبلوماسي والقانوني، ورفع صوتَه ضد العدوان والظلم، على مستوى المنطقة والعالم، أولئك الأحرار الذين كسروا مؤامرة الصمت وفضحوا جرائم الاحتلال ضد الإنسانية في غزة، وأدركوا حقيقة المشهد.
نحن الآن أمام مرحلة جديدة في غزتنا الأبية هي مرحلةُ البناء والمواساة وإزالة آثار العدوان وإعادة الإعمار، مرحلةُ التضامن والتعاطف، التي من خلالها نؤكد للعالم أننا شعب حر يبني ولا يهدم، ويعمّر ما يخربه الاحتلال.
أهلنا في غزة، كما كنتم رجالاً في الحرب ستكونون رجالاً بعد الحرب –كما عهدناكم، نحن أمام مرحلة المرحمة، فنتراحم فيما بيننا ونتكاتف، فَإن مَا أصابنا من لأواءَ وألمٍ كبير، ولكنْ عظمةُ هذا الشعب أكبرُ وأخلاقُه أعظم.
قادرون –بعون الله أولاً- ثم بمساعدة الإخوة والأشقاء والمحبين والمتضامنين، أن نبنيَ غزةَ من جديد، وأن نخففَ من الآلام، ونداويَ الجراح، ونمسحَ على رؤوس الأيتام، ونكفكفَ دموعَ المكلومين، ونرسمَ البسمةَ على الشفاه التي سلبت الحربُ بسمتها، كما أن أسرانا الأبطال على موعد مع فجر الحرية بإذن الله.