تتناول بعض المقالات في الصحف الفلسطينية، احتمالية عقد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، ولعل ما صدر من تصريحات رسمية مؤخراً، ساعد وحفز على ذلك.
من المعلوم أن مؤسسة المجلس الوطني، غابت عن المشهد الفلسطيني طويلاً، لدرجة بات التذكير بها، يحتاج إلى جهد خاص. ما بات سائداً فلسطينياً، هو تآكل الشرعيات كافة، بعد ما تعذر إجراء الانتخابات، لأسباب سياسية شديدة الوضوح، ولعله من نافلة القول، إن غياب كهذا، يشكل خطراً على الكيانية الفلسطينية برمتها.
جاء هذا التفكير بعقد دورة للمجلس الوطني، في سياق تجديد الشرعيات، خاصة شرعية اللجنة التنفيذية، وهيئات وهياكل "م.ت.ف"، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والبيت المعنوي لجميع الفلسطينيين.
ولعله من نافلة القول، أيضاً وأيضاً، أن اللجنة التنفيذية لـ"م.ت.ف"، باتت تعاني من ضعف واضح، إن لم نقل من وهن!... هنالك أعضاء لم يعودوا قادرين على ممارسة دورهم القيادي، وهنالك أعضاء، هم أعضاء مراقبون، في وقت لا يبيح به النظام الداخلي للمنظمة، بتسمية مراقبين. إضافة لوفاة الأعضاء، وهم كثر، ممن كانوا يشغلون عضوية المجلس المركزي.
منذ العام 1993، وحتى الآن، جرت مياه كثيرة في النهر الفلسطيني، فتغيرت أحوال، ونشأت أوضاع، لعل أبرزها، هو تعاظم دور فصائل مسلحة، غير ممثلة في "م.ت.ف" وأبرزها حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
صحيح أن حوارات داخلية، كثيرة سبق وأن جرت، وصحيح أن هناك اتفاقات تم التوصل إليها، لكنه من الصحيح، أيضاً، خلافات عميقة مازالت قائمة، وتهدد جدياً الوحدة الجغرافية ـ السياسية للوطن الفلسطيني.
في ظل ذلك، هل يمكن عقد دورة جديدة، للمجلس الوطني الفلسطيني، بما هو قائم؟! الجواب هو، فيما حدث ذلك، سنعيد إنتاج الأزمة، بشكل أوضح وأعمق، وهو ما يجب تجنبه والابتعاد عنه!
أي تفكير جدي في عقد دورة جديدة، للمجلس الوطني، يجب أن تأخذ في الحسبان، أمور عدة، ابرزها:
• إعادة قراءة وتقييم مجريات الأمور التفاوضية، مع الجانب الإسرائيلي خلال فترة 1994 ـ 2015، ومحاولة التوصل إلى استخلاصات وطنية متفق عليها، بهذا الشأن.
• خوض حوار معمق وجدي، مع كافة الفصائل، غير الممثلة في "م.ت.ف" وأطرها العاملة، وفي المقدمة منها، حركتا حماس والجهاد الإسلامي.
• التوصل إلى توافقات وطنية، فيما بين الفصائل كافة، الممثلة وغير الممثلة في "م.ت.ف"، بما يكفل نجاح دورة المجلس الوطني الفلسطيني القادمة، والتوصل إلى وثيقة سياسية ـ ختامية للمجلس الوطني.
محاولة إعادة إنتاج الأزمة القائمة، سيعني عملياً تكريسا لها، و فتح الأبواب، على مصراعيها، لتفرعات ناتجة عنها، شديدة الخطورة.
لا يمكن التوصل إلى نقاط سياسية جديدة، بأدوات قديمة، ولا يمكن التوصل إلى آفاق تنظيمية جديدة، بهياكل قديمة، فات عليها الزمن.
للشعب الفلسطيني، سجله النضالي العميق والطويل، وللشعب الفلسطيني، مقدراته ورصيده السياسي والكفاحي، وبالتالي، لا يجوز بأية حالة من الأحوال المهادنة مع ما هو قائم، لأن ما هو قائم، أساس الأزمة، ومظهرها، وهياكلها، وهو ما يجب التفكير بتجاوزه!.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية