هم ما حققته عملية أكتوبر كسرها مكانة المستعمرة الإسرائيلية وكشف حقيقتها كمشروع فاشي عنصري متطرف، في تعاملها وقتلها للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة ، بدون أي رحمة للأطفال والنساء والكهول، بشكل عشوائي منظم مقصود، وقصفها للمنشآت المدنية وبيوت المدنيين وتحويل أراضي قطاع غزة إلى أرض قاحلة تفتقد للسكن، غير صالحة للزراعة، وللحياة، ما دفع المجتمعات الأوروبية والكندية والاسترالية، بل وكل أصدقاء المستعمرة في العالم إلى الوقوع في الحرج، والإحساس بالذنب، لشراكتهم السياسية في دعم المستعمرة طوال عشرات السنين، ولكل منهم رؤيته ومصالحة وعلاقاته، ومع ذلك سارت في بلدانهم مسيرات الاحتجاج، واتخاذ إجراءات مختلفة مناوئة للمستعمرة.

في الولايات المتحدة، الأكثر إنحيازاً ودعماً وتبنياً لسياسات المستعمرة وتسليحها وتشكيل مظلات حماية لها من إحضار حاملات الطائرات والغواصات إلى البحر المتوسط، إلى توفير وتقديم الأسلحة، إلى الدعم المالي، إلى اتخاذ قرار الفيتو لمنع مجلس الأمن أكثر من مرة، لإصدار قرار بوقف إطلاق النار.

ردات الفعل الشعبية في الولايات المتحدة لم تكن أقل حرارة واتساعاً لدى الأميركيين من أمثالهم لدى الأوروبيين، ولكن التوجه الأوضح يتمثل بقواعد الحزب الديمقراطي في عدم استقبال لجان قيادة حملة الرئيس بايدن الانتخابية في العديد من الولايات الأميركية بتحريض مباشر من قبل قادة الجاليات العربية والإسلامية والإفريقية، وقد لعب قادة الجالية الفلسطينية دوراً محورياً في إدارة هذه التوجهات وقيادتها، وهذا ما اضطر إدارة البيت الأبيض لإتخاذ سياسات معلنة تتعارض مع رغبات المستعمرة وإدارة نتنياهو للحرب .

وعلى قاعدة هذا التحول الإيجابي لدى قيادة الحزب الديمقراطي وخاصة لدى السيناتور تشاك شومر رئيس الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ وهو الشخصية اليهودية الأرفع مكانة، والسيناتور بيرني ساندرز زعيم الجناح التقدمي لدى الحزب الديمقراطي، ولدى قيادة الحزب في ولاية ايوا، تم ترشيح الدكتور جون ضبيط رئيس المجلس الفلسطيني في الولايات المتحدة، لعضوية مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي في ولاية ايوا، وبذلك سيكون ضبيط أول فلسطيني يصل إلى هذا الموقع عن ولاية ايوا، وقد اتخذت الإجراءات العملية للترشيح، وتم تقديم الطلب رسمياً للانتخابات في شهر تشرين الثاني نوفمبر 2024.

جون ضبيط فلسطيني، من مدينة اللد، سبق له وأن نجح في انتخابات رئاسة المجلس الفلسطيني يوم 11/11/2023، ونجح معه مجلس إدارة مكون من 11 شخصاً، يمثل الفلسطينيين من كافة الولايات الأميركية لمدة عامين وهم: جون ضبيط الرئيس، عبد الغولة نائب الرئيس، سامية بحور سكرتيرة، شكري طه أمين الصندوق، نزيه أبو هدبة، دنيا غنيمة، جورج حبيب، ناصر حرز الله، عماد الخطيب، محمود الخال وخالدة ليمون، وبهذه المبادرة من قبل قيادة الحزب الديمقراطي الاميركي، يتقدم الفلسطينيون خطوة إلى الأمام، تاكيداً لدورهم وتطلعاتهم ليكون لهم دوراً في مؤسسات صنع القرار الأميركي، وهي مكانة تصب في مجرى مصلحة فلسطين، وتتعارض مع مكانة ونفوذ المستعمرة الإسرائيلية وتجمعها "الايباك" الداعم لسياسات المستعمرة والمساند لها.

النضال الفلسطيني بدا متشابكاً مع كل مواقع المستعمرة وامتداداتها في العالم، ولم يعد مقتصراً على شريحة دون أخرى، وعلى موقع دون غيره، ولا شك أن عملية أكتوبر وتداعياتها الإجرامية البشعة من قبل الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين كان لها الأثر الأبرز عالمياً لصالح القضية الفلسطينية وشرعية مطالباتها القانونية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد