من موقع الدعم والاسناد الاميركي للمستعمرة الاسرائيلية وتبني مساحة واسعة من توجهاتها الاحادية، أعطى الرئيس الأميركي جو بایدن اهتماما غير مسبوق للوضع الفلسطيني في قطاع غزة :
1 -الاقرار بقتل أكثر من ثلاثين الف فلسطيني، ليسوا من حماس ، معظمهم من الاطفال والنساء مخلفين يتامى بالالاف، وبيوت مدمرة وماتوا بلا مأوى مما يحز بالنفس كما قال.
2- إعطاء تعليمات للجيش الأميركي مهمة بناء رصيف بحرى على شاطئ غزة لتزويد الدواء والغذاء، وتوفير المساعدات المطلوبة لأهالي غزة الذين يواجهون الجوع، بلا غذاء أو ماء أو علاج، بدون نزول الأميركيين على الأراضي الفلسطينية.
3- لا يجوز أن تكون المساعدات الإنسانية موضع مساومة، وبقاء الأزمة الإنسانية التي لا تطاق.
4-الحل بالنسبة إليه حل الدولتين .
السؤال هل هذا صحوة ضمير لدى الرئيس الأميركي أم ثمة ما تم فرضه على المشهد السياسي، ام وعود كاذبة مكرر بعضها بلا نتائج.
بداية لم يتردد كعادته في إظهار الدعم التقليدي الأميركي ومنه شخصيا نحو المستعمرة الاسرائيلية، وهو سلوك مستدام متكرر من قبل كل الرؤساء الاميركيين بما فيهم رئيسه السابق أوباما حينما كان نائبا له، في رفع الدعم المالي َ وزيادته مليار سنويا لمدة عشر سنوات، وتزويدها بطائرات اف 35 ، وتوقيع الاتفاق الاستراتيجي، وبقاء المستعمرة متفوقة على البلدان العربية.
وفي إعلانه العداء لحماس على أنها تنظيم إرهابي يجب معاقبته، وحق المستعمرة في توجيه ما تراه مناسبا بهذا الخصوص.
ومع ذلك تحدث بمفردات جديدة تخص الفلسطينيين، غير مسبوقة في خطاب الرئيس السنوي التقليدي في أن تعرض لمثل هذا الوضع المستجد، ففي وقت الخطاب وقبل وصوله إلى مبنى الكونغرس كانت الطريق محاطة بالمتظاهرين الأميركيين يعبرون عن الاحتجاج على السياسة الاميركية الداعمة للمستعمرة، مطالبين بوقف المساعدات السخية المالية والعسكرية المقدمة للاسرائيليين ، ومتضامنين مع الشعب الفلسطيني، مطالبين بفرض وقف إطلاق النار، وحاولوا إعاقة موكب الرئيس في الوصول إلى الكونغرس.
وخلاصة ذلك انه تعبير عن تحول بارز في الشارع الاميركي، بقيادة الفلسطينيين والعرب والمسلمين والافارقة، ورفضهم استقبال ادارة حملة بايدن الانتخابية في عدد من الولايات الاميركية، مما يشير ويؤكد في تغير المزاج لدى الرأي العام الأميركي، وفي طليعتهم شباب الجامعات، وقطاع واسع من الشباب اليهود الذين يعتبرون من المؤيدين التقليديين للمستعمرة الاسرائيلية.
جرائم المستعمرة ضد الشعب الفلسطيني، حتى ولو ما تمت في أعقاب عملية 7 أكتوبر، التي قتل فيها إسرائيليون مدنيون، وأُسر مدنيون أيضا، ولكن ردة فعل المستعمرة، كانت متطرفة متعمدة تستهدف المدنيين بالقتل والقصف المقصود، الذي جعل أغلبية مدن وأحياء قطاع غزة ، غير صالحة للحياة، بهدف تهجير وتقليص سكان وأهالي قطاع غزة وترحيلهم وفق إستراتيجية المستعمرة التوسعية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وتحويلهم إلى مهاجرين خارج وطنهم وتحويل وطنهم إلى مستعمرة إسرائيلية بالكامل ودولة لليهود.
هذا السلوك الاسرائيلي المعلن من قيادات واحزاب ونواب ووزراء المستعمرة، وتنفيذ جيش الاحتلال وأجهزتهم الامنية، استفزت الشوارع الاوروبية ، وانفجرت المظاهرات الاحتجاجية ضد السياسات الاسرائيلية، وتضامن مع الفلسطينيين، ارغمت قيادات حكومات أوروبا التي صنعت المستعمرة على أرض فلسطين، لرفض السياسات الإسرائيلية المتطرفة، بعد أن وقفوا عبر البيان الخماسي: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمانيا وايطاليا، وصدر مرتين تأييداً للمستعمرة وحق الدفاع عن النفس، لنجد تصريحاتهم قد تبدلت وتغيرت نسبياً بسبب الإحراجات التي وقعوا بها من حجم الكوارث التي سببتها المستعمرة للفلسطينيين، من قتل و تدمير وخراب ، دفعتهم نحو اتخاذ قرارات داعمة للفلسطينيين.
هذا التحول النسبي والسياسات الأميركية والأوروبية، نحو الفلسطينيين، مكاسب استراتيجية حققوها، بفعل تضحياتهم على يد جرائم الاسرائيليين البشعة.
الحرية والاستقلال للفلسطينيين لن يتم بقرار واحد، وضربة قاضية للمستعمرين، بل عبر نضال وتضحيات تراكمية، وتراجع المستعمرة وخسارة مواقعها بشكل تدريجي، وهو ما كشفه نتنياهو في خطابه في الكلية العسكرية يقول : "نحن ندافع عن وجودنا" أي معركته ضد الفلسطينيين، قضية انتصار أو هزيمة، قضية استمرار أو زوال لمشروعهم الاستعماري على أرض فلسطين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية