أبرز المقالات الاسرائيلية التى نشرت اليوم على الصحف

القدس / سوا / ركز الكتاب الاسرائيليون في مقالاتهم التى نشرت على كافة الصحف الاسرائيلية الصادرة اليوم الاحد على تبعات وعواقب جريمة عائلة دوابشة والتخوف الاسرائيلي من عمليات انتقام فلسطينية ضد أهداف اسرائيلية وكذلك الدور الغائب لجهاز الشاباك الاسرائيلي في تعقب منفذي جريمة دوما، "سوا" تنشر لكم أبرز المقالات التى نشرت على الصحف الاسرائيلية اليوم

صُنع في المستوطنات

تكتب صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها الرئيسية، ان القائد العام الاسبق للجيش ايهود براك، ادعى اثناء مثوله امام لجنة التحقيق في مجزرة الحرم الابراهيمي في عام 1994، ان جريمة باروخ غولدشتاين هزت الجيش الاسرائيلي "كالرعد في يوم صاف"، أي انه لم يكن بالإمكان توقع واحباط المجزرة التي نفذها، ولذلك لا يتحمل مسؤوليتها احد من القيادتين العسكرية والسياسية. وفي حينه، ايضا، كانت لدى الشاباك ذرائعه، وفي مقدمتها تحدي "الارهابي المنفرد"، الذي يضرب من دون توفر أي أدلة مسبقة على وجود تنظيم.

لكن قتل الرضيع علي دوابشة، فجر يوم الجمعة، في قرية دوما، لم يكن "رعدا في يوم صاف". النار التي التهمت علي واصابت ابناء اسرته خلال نومهم، تم اشعالها من قبل وشوهدت من بعيد، كالشعلة في ليل مظلم. لم يكن ارهابيا منفردا هو الذي هاجم المدنيين الفلسطينيين بالزجاجات الحارقة، كما ان هذا الحادث لم يكن فريدا من نوعه، والنتائج كانت الى ما قبله أقل قاتلة.

اذا تم تشكيل لجنة تحقيق في عملية قرية دوما، فإنها ستلاحظ بسهولة اهمال اللواء اليهودي في الشاباك ووحدة الجريمة القومية في شرطة لواء شاي، في اجتثاث وباء الارهاب اليهودي في المناطق. يجب ان يصل تحميل المسؤولية الى الجهات العليا، حتى رئيس الشاباك يورام كوهين، وفي الأساس حتى بنيامين نتنياهو نفسه، لأن الشاباك يخضع اليه مباشرة وهو من يملي عليه الاولويات والموارد، وكذلك لأنه يفترض برئيس الحكومة ان يوجه كل اجهزة الأمن والاستخبارات.

اذا كانت العملية تعتبر ارهابا والشاباك هو المسؤول عن احباط الارهاب، فهذا يعني ان العنوان في القيادة التنفيذية والحكومة واضح. ولكن، تماما كما لم يعمل غولدشتاين لوحده فعلا، وانما في أجواء معادية للعملية السياسية ومؤيدة لإحباطها بكل الوسائل، وكما خرج يغئال عمير لاغتيال يتسحاق رابين على اساس قاعدة فكرية وحاخامية مؤيدة، هكذا، ايضا، تولدت عملية اضرام النار من التحريض، بل واكثر من ذلك، من حرف الأنظار.

أصوات الشجب العالية لقتل دوابشة تحرف الوعي عن الحقيقة الأساسية: المستوطنات في المناطق هي أم كل الخطايا. انها تلوث اخلاق المجتمع الاسرائيلي، وتقوض الشرعية الدولية التي حظيت بها إسرائيل، والتي لا تزال تتمتع بها داخل حدودها القانونية. الفارق بين الكتل الاستيطانية "الشرعية" حتى في عيون بعض اعضاء معسكري المركز – اليسار، وبين شبيبة التلال هو فارق خيالي ومضلل. فهؤلاء وهؤلاء يسببون، سوية مع نظرائهم المتطرفين في الجانب الفلسطيني، تصعيد الصراع الدامي وتخليده.

طالما ساد التخوف من قيام قيادة مستقيمة وشجاعة في إسرائيل تعترف بذلك، سيضرب الإسرائيليين والفلسطينيين الرعد والحرائق والجرائم والكوارث. طالما واصلت المستوطنات فرض وحشيتها واستعباد دولة إسرائيل في خدمة رؤيتها العنيفة، لن يتوقف سفك الدماء.

هل سيعود اليمين الى رشده أخيرا؟

يكتب الاديب الاسرائيلي ديفيد غروسمان، في "هآرتس" ان هذا الرضيع، علي دوابشة، لا يتركني. ولا تتركني حتى الصورة: يد إنسان ت فتح نافذة في الليل، وتلقي بقنبلة مولوتوف في الغرفة التي ينام فيها الأهل وأولادهم. هذه الأفكار والصور تمزق القلب.

من هو الشخص أو الأشخاص القادرين على القيام بذلك؟ فبعد كل شيء، هم، أو أصدقائهم، يواصلون هذا الصباح، أيضا، التحرك بيننا. هل ما قاموا به سيعطيهم إشارة ما؟ وما الذي كان عليهم شطبه في داخلهم كي يكونوا قادرين على الرغبة بشطب عائلة بأسرها؟

بنيامين نتنياهو وعدة وزراء من اليمين سارعوا الى شجب القتل بشدة. كما قام نتنياهو بزيارة لتقديم العزاء في المستشفى واعرب عن سخطه على هذا العمل. لقد كان رده انسانيا وأصيلا، وكان الخطوة الصحيحة التي يجب عملها. لكنه ما يصعب فهمه هو، كيف ينجح رئيس الحكومة والوزراء في وعيهم بفصل العلاقة بين النار التي يؤججونها منذ عشرات السنين، وبين الحريق الأخير. يصعب فهم كيف يمكنهم عدم رؤية العلاقة بين سلطة الاحتلال المتواصل منذ 48 سنة، وبين الواقع المظلم والمتعصب الذي تولد في المناطق الطرفية للوعي الاسرائيلي، واقع يتكاثر وكلائه وناشريه يوميا، ويقترب الآن من المركز ويصبح مقبولا ومشروعا اكثر واكثر في الشارع الاسرائيلي وفي الكنيست ومن حول طاولة الحكومة.

من خلال نوع من العناد الذي يتنكر للواقع يرفض رئيس الوزراء وأنصاره الفهم العميق للنظرة التي تبلورت في وعي الشعب المحتل، بعد ما يقرب من 50 عاما على الاحتلال: هذه النظرة التي تقول ان هناك نوعين من الناس، وان حقيقة خضوع احدهم للآخر، تعني، على ما يبدو، أنه، بطبيعة الحال، أقل شأنا من الآخر. وانه، كيف نقول ذلك، أقل انسانية من المحتل، مما يتيح - لأشخاص من ذوي بنية عقلية معينة – انتزاع حياة ذلك الآخر بسهولة مروعة، حتى لو كان عمره عام ونصف العام.

في هذا المعنى، فإن حادثي العنف في نهاية الاسبوع – عملية الطعن في مسيرة المثليين وقتل الطفل - مترابطين وينبعان من وجهة نظر مماثلة: في كلاهما شكلت الكراهية - الكراهية نفسها، المكشوفة، والبدائية – لدى بعض الناس سببا شرعيا كافيا للقتل وابادة الشخص المكروه. الشخص الذي احرق منزل عائلة دوابشة، لم يعرف شيئا عن الأسرة، عن رغباتها وطموحاتها. كان يعرف فقط أنهم كانوا فلسطينيين، وكان ذلك سببا كافيا بالنسبة له - وفي عيون من يرعاه ويناصره - لقتلهم. أي ان مجرد وجودهم يبرر حسب رأيه، قتلهم وإزالتهم من على وجه الأرض.

الإسرائيليون والفلسطينيون يتحركون منذ أكثر من قرن داخل دائرة القتل والانتقام. خلال نضالهم ضدنا قتل الفلسطينيون مئات الرضع والأطفال الإسرائيليين، كما قتلوا عائلات بأكملها، وارتكبوا جرائم ضد الإنسانية. كما ارتكبت دولة إسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين مثل هذه الأمور، باستخدام الطائرات والدبابات وبنادق القنص.

لا نزال نذكر جيدا ما حدث قبل عام في عملية "الجرف الصامد". ولكن ما يحدث في السنوات الأخيرة داخل دولة اسرائيل، وقوته وتشعباته السرطانية يعتبر خطيرا ومدمرا بشكل جديد ومضلل. الشعور السائد هو أن القيادة الإسرائيلية لا تزال، الآن أيضا، لا تفهم - أو ترفض الاعتراف امام نفسها بهذه الحقيقة التي لا تطيقها – ان العناصر الإرهابية اليهودية القائمة فيها، أعلنت الحرب عليها، وأنها غير قادرة، أو خائفة، أو مترددة بشأن الحاجة إلى تفسير هذا الإعلان بعبارات لا لبس فيها.

في كل يوم تنطلق هنا قوى وحشية متزمتة، مظلمة ومحكمة الانغلاق في تعصبها. انهم يؤججون انفسهم بنار الايمان الديني والقومي، ويتجاهلون تماما قيود الواقع وقيود الاخلاق ومبادئ المنطق البسيط. وفي هذه الدوامة النفسية، تتحالف نفوسهم حتى النخاع مع الخطوط المتطرفة، واحيانا الأشد جنونا في النفس البشرية. وكلما اصبح الوضع العام اشد خطورة وتقوضا – فانهم يزدهرون. لا يمكن المساومة مع هؤلاء الناس. يتحتم على حكومة اسرائيل محاربتهم تماما كما تحارب الارهاب الفلسطيني. انهم يشكلون عليها خطرا لا يقل عن خطره. انهم متعنتون بشكل لا يقل عنه. انهم مجموعة متكاملة من الناس، وكما هو معروف فان المجموعة المتكاملة يمكنها ان ترتكب اخطاء شمولية، منها مثلا، المس بالمساجد في الحرم القدسي، وهو عمل قد تكون نتائجه حابلة بالمخاطر لإسرائيل وللشرق الاوسط كله.

هل يمكن للفظاعة الكامنة في احراق الرضيع ان تجعل قادة اليمين يستردون رشدهم ويفهمون، اخيرا، ما يصرخ به الواقع في آذانهم منذ سنوات؟ وهو ان استمرار الاحتلال والامتناع عن الحوار مع الفلسطينيين يمكنه ان يقرب نهاية اسرائيل كدولة للشعب اليهودي؟ كدولة ديموقراطية؟ كمكان يتماثل الشبان معه ويرغبون بالعيش فيه وتربية اولادهم ايضا؟

هل يفهم نتنياهو فعلا، حتى العمق، انه خلال هذه السنوات التي استثمر فيها كل قواه لعرقلة الاتفاق مع ايران، نشأ هنا واقع خطير لا يقل عن التهديد الايراني، وانه يبدو امامه ويتصرف كرجل لا يعرف ما يفعل؟

يصعب تصور كيف يمكن التخلص من هذه الفقاعة واعادة الامور الى وضع منطقي. الواقع الذي ولده نتنياهو ورفاقه (وايضا غالبية من سبقوه في ديوان رئيس الحكومة)، وترددهم امام النشاط الاستيطاني وتضامنهم العميق معه – هذا الواقع احتجزهم هم انفسهم داخله في النهاية، وجعلهم مشلولين وعاجزين.

منذ عقود تدير إسرائيل الجانب المظلم نحو الفلسطينيين، ولكن الظلام – بدأ منذ زمن- يتغلغل في داخلها، وتسارعت هذه العملية بشكل كبير منذ فوز نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، ومنذ ذلك الوقت لا تقف أي قوة أمام وحشية اليمين. الأعمال المروعة، مثل حرق الطفل، هي في نهاية المطاف أعراض لمرض أعمق من ذلك بكثير. انها تؤشر لنا، نحن الإسرائيليين، على خطورة وضعنا. انها تقول لنا، بحروف من النار، إن الطريق إلى مستقبل أفضل باتت توصد في وجوهنا.

يجب معالجة الارهاب اليهودي كما الارهاب الإسلامي

يكتب دان مرجليت، في "يسرائيل هيوم" انه لا يوجد أي عفو عن أي عمل قاتل يصدر عن الارهابيين. القتل حرقا هو اشدها فظاعة، في دولة عانت عذابات الارهاب وتتذكر الكثير من الاحداث المأساوية.

من مات احتراقا، حتى لو نسيته الذاكرة بمرور الوقت، فانه لا يمكن شطبه ابدا منها. وهكذا ايضا عملية القتل حرقا التي اصابت علي دوابشة الذي لم يتجاوز عمره 22 شهرا، وابناء اسرته الذين يصارعون البقاء. لقد وقفت كل القيادة السياسية كما يجب لشجب الجريمة النكراء. رؤوبين ريفلين وبنيامين نتنياهو وشمعون بيرس ويتسحاق هرتسوغ ذهبوا الى المستشفى والى تظاهرات الاحتجاج، لكن الخط الفاصل بين اليهود والفلسطينيين في المناطق يتأجج، ومن السابق لأوانه معرفة ما اذا كان سيهدأ في الأيام القريبة.

حتى اذا عادت الحياة، ظاهرا، الى مسارها ولم تقم السلطة بوقف علاقاتها الامنية مع اسرائيل، فانه يبدو ان شيئا سقط هنا. كما يبدو فان الشاباك والشرطة والجيش لا يعرفون حتى الآن هوية القتلة المجرمين. ولكن من التحقيق الذي بدأ، يمكنهم التعرف على الاماكن التي وصلوا منها، ولا حاجة للقول ان الحديث عن تنظيمات دينية – متزمتة، ومتطرفة تسمى بشكل عام "شبيبة التلال" وتضم، حسب ضباط خدموا في المنطقة الوسطى بين 300 الى 400 ارهابي يهودي محتمل.

لقد تخبطت الحكومة السابقة في اعلان "شبيبة التلال" تنظيما ارهابيا، او مجرد "تنظيم غير قانوني"، واختارت "التنظيم غير القانوني"، وعلى الرغم من ان الفارق يكمن في صيغة الاعلان فقط، حسب ما يقوله رجال قانون، فان هذه المسألة ستطرح اليوم وغدا خلال النقاش الذي سيجري لدى راز نزري نائب المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين.

بعبارة واضحة، يجب التوضيح على الملأ انه منذ الان وصاعدا، سيقوم الشاباك بتفعيل وسائله الخاصة ضد الارهاب اليهودي، كما يفعل ضد تنظيمات الارهاب الفلسطينية، وليس اقل من ذلك. اعلان الحرب على ارهاب المجرمين المتطرفين يتصاعد، وبالتأكيد لا يقل عن الكفاح العنيد ضد عائلات الاجرام. يجب ان يشبه العلاج الطبي لمرض السرطان. سكين الجراحين لا تكتفي بالخلايا السرطانية، انها توسع الجرح حول الخلايا المصابة، وصولا الى الخلايا السليمة، كي تضمن مجالا آمنا، وان الخلية نظيفة من الورم.

عمليا، هذا يعني ان الاعتقالات الادارية تصبح ولأول مرة مسألة يجب اخذها في الاعتبار. الوسائل القانونية ليست كل شيء، لكنها جوهر العمل. يتطلب صدور قرار حكومي بازالة تلك البؤر غير القانونية التي لم تخطط الحكومة لتحويلها الى مستوطنات ثابتة، والتي يقدر الجيش والشاباك بأنها خاضعة لتحريض المتطرفين من الحاخامات – المعلمين. اسرائيل ستخرج من ذلك منتصرة، وكذلك حركة الاستيطان.

لسنا أفضل منهم. تحت هذا العنوان تكتب سيما كدمون في "يديعوت احرونوت"

ان هذه الحكاية انتهت. اذا كنا نعتقد ان هذا لن يحدث لدينا، واننا لسنا هكذا، وان اليهود لا يفعلون مثل هذا الامر، وانهم هم فقط يمكنهم قتل الاطفال، والدخول الى البيوت وقتل طفل من مسافة صفر، واحراق عائلات، وارتكاب عمل ارهابي قاتل- فها هي هذه الحكاية تنتهي. نحن، نعم نفعل ذلك. نحن قادرون على ذلك، ونفعل ذلك، نحرق الاطفال احياء، نرتكب اعمال الارهاب القاتل، وغير الانساني، وغير المحتمل. ولا، نحن لسنا افضل منهم.

يجب ان لا يقول أي احد ان هذه حادثة منفردة، وان المقصود جنون (عندما نكون نحن من يفعل ذلك دائما يقولون ان الفاعل مجنون. وعندما يفعلون هم ذلك نقول ارهابيين وقتلة) لأن الأمر ليس كذلك. وهذه ليست حالة منفردة. فقد اضيف الآن الى حادث القتل المروع للطفل محمد ابو خضير قبل سنة، قتل الرضيع ابن السنة ونصف السنة علي دوابشة من قرية دوما، بينما يصارع شقيقه ووالديه البقاء.

كي نفهم حجم العمل البشع، تخيلوا ما الذي كنا سنقوله لو حدث العكس: لو قام فلسطينيون بإلقاء قنبلة مولوتوف على بيت عائلة يهودية واحرقوها. ولو تم قتل طفل يهودي حرقا وهو على قيد الحياة. كيف كنا سنصاب بالخوف ازاء الوحشية والقتل. كم منا كانوا سيقولون: العرب فقط يمكنهم ارتكاب مثل هذا العمل المروع، فغريزة القتل لديهم في الدم. اما نحن؟ ما فجأة. نحن لسنا مثلهم.

ولكننا، نعم، نفعل ذلك. والشعار الذي كتب على الجدار، على الأقل، لا يترك أي مجال للشك: "يحيا الملك المسيح"، و"انتقام". هذا ما كتبوه على الجدران قرب موقع العملية الارهابية. (نعم عملية. فالعملية ليست فقط عندما يقتلوننا). ومن هو هذا الملك المسيح الذي يقتلون باسمه طفلا. وانتقام على ماذا؟ ربما يمكن احصاء عدد هؤلاء القتلة على أصابع كلتا اليدين، بل ربما اكثر من ذلك قليلا. ولكن ليس على عدد اصابع يد واحدة. لا، فالأمر تجاوز ذلك – من العصابة السرية اليهودية، مرورا بعامي بوبر وباروخ غولدشتاين وعيدن نتان زادة ويعقوب طيتل – وهذه مجرد قائمة صغيرة فقط.

وماذا مع المساجد التي تم احراقها وتخريبها، وماذا عن الاعتداءات اليومية على الاملاك والبشر التي يرتكبها سادة البلاد، شبيبة التلال، اعضاء بطاقة الثمن، بشكل يومي؟

اذن، تعالوا نتوقف عن تسميتهم بهذا الاسم اللين، شبيبة التلال، كما لو انهم اعضاء في حركة للشبيبة، او بالاسم الذين اختاروه لأنفسهم – بطاقة الثمن. فالمقصود جماعة ارهابية. ولا يكفي القول "الارهاب هو الارهاب" كما قال نتنياهو في نهاية الأسبوع. يجب التعامل ايضا مع هؤلاء الارهابيين تماما كما يتم التعامل مع تنظيمات الارهاب غير اليهودية. ولكن علينا ألا نتوجه فقط الى الأيدي الملطخة بالدم. الى اليد التي القت قنبلة المولوتوف. الى تلك التي اشعلت عود الثقاب، او ضغطت على الزناد، فهؤلاء هم الرسل فقط.

من وراء هؤلاء القتلة توجد منظومة مشحونة جيدا بالتحريض، وهي لا تبدأ في الشبكات الاجتماعية. انها تبدأ بمن يقترح الصعود على المحكمة العليا بالجرافات، وبأولئك الذين يقفون على الشرفات ويشجعون المخالفين للقانون. وبمن يقدم مقابلا للعنف – 300 وحدة اسكان مقابل الخروج من بنايتين غير قانونيتين. وبأولئك الذين يتسامحون مع البلطجيين الذين يضربون قوات الشرطة ويرشقون الحجارة على ضباط الجيش ويلقون البراز على الجنود.

لا تتحدثوا الينا عن اعشاب ضارة. فالحديث عن احواض كاملة. لا تشجبوا الاعمال الاجرامية بعد حدوثها. امنعوها. ولكن اولا – اضبطوهم وعاقبوهم تماما كما يجب معاقبتهم: كأعضاء تنظيم ارهابي.

مذبحة العائلة في قرية دوما يجب ان تشكل نقطة تحول. خط النهاية في تعاملنا مع القتلة الذين يتجولون بيننا. وبشكل لا يقل عن ذلك، مع اولئك الذين يمنحون الشرعية لأعمالهم، لأنه آن الأوان كي نقول الحقيقة، تلك التي تحطم القلب، ولكنها ليست ممنوعة: بعد جيل من سلطة اليمين، قام لدينا عرق، ليس حكيما، وليس سخيا، ولكنه متوحش بكل تأكيد.

جهاد يهودي

يكتب اليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت" ان الرئيس رؤوبين ريفلين تحدث عن الخجل. لكننا مللنا الخجل بأن نكون اسرائيليين. خلال ايام معدودة احرقوا هنا عائلة فلسطينية، ضربوا قوات الأمن في بيت ايل، وتم اعتقال شابين احرقوا كنيسة الطابغة، وقام متزمت بطعن ستة مدنيين باسم الدين خلال مسيرة للمثليين. سلسلة الاحداث هذه يجمعها عامل مشترك: التطرف، التعصب، التبشيرية، العنصرية ومحاولة تقويض اسس الدولة.

لو كان تسلسل الاحداث هذه قد وقع على ايدي خلايا للجهاد العالمي في باريس لكنا سنحذر من سيطرة الجهاد على اوروبا. ولكن لدينا نقول "انهم يهود، انهم منا". وهنا الخطأ. انهم يشكلون خطرا تماما مثل الجهاد العالمي وهم يسعون الى ذات الاهداف، تدمير صورة المجتمع الذي يعيشون فيه.

يجب تسمية هذا الولد باسمه: هذا هو ارهاب الجهاد اليهودي. خلال المحادثة الهاتفية، امس الاول، بين ابو مازن ونتنياهو، شجب رئيس الحكومة العملية القاتلة في قرية دوما، ووعد بمعالجتها بشدة. ابو مازن لم يصدقه وسأله: لماذا لا تعالجون الارهابيين لديكم كما تعالجون الفلسطينيين؟ هذا السؤال يطرح كل مرة من جديد في الحوار بين قادة الاجهزة الامنية الفلسطينية ونظرائهم الإسرائيليين. وبعد احراق عائلة دوابشة ايضا، وجهوا السؤال الى قائد المنطقة الوسطى وقادة الألوية، ومنسق عمليات الحكومة في المناطق: لماذا لم تنشروا الحواجز في المنطقة؟ لماذا لم تعتقلوا كل الشبان ابناء جيل 18 عاما في المستوطنات المجاورة؟ لماذا لم تفرضوا الحصار. لماذا لم تفتشوا البيوت؟ فهذا هو ما تفعلونه لنا.

عندما يقوم الشاباك بتفعيل كامل قوته نجد انه يتوصل الى حل اللغز بسرعة – كما في قضايا القتل الثلاث الأخيرة لملآخي روزنفيلد وداني غونين ودافيد بن كفرا. ولكن ما الذي يحدث عندما يصل الامر الى الارهاب اليهودي؟ ربما يمكن احصاء لوائح الاتهام على اصابع يد واحدة.

ليس الحديث هنا عن جهاز شاباك آخر. وانما عن سياسة اخرى. عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين يتم تفعيل "التغطية الأساسية" – جمع معلومات عن المدارس، المساجد، عن بلدات كاملة. ولكن عندما يتعلق الأمر بالقطاع اليهودي، لا يرغب الشاباك بالتجسس على اليهود، والقيادة السياسية لا تحلم بالمصادقة على تفعيل "التغطية الأساسية" على المدارس الدينية والحاخامات والمؤسسات الدينية والثقافية والمجالس الاقليمية رغم ان هذه التغطية يمكنها ان تحبط العمليات العدائية.

يسود التقدير بأن القتلة الذين نفذوا العملية في دوما قصدوا الانتقام لهدم البنايتين في ابيت ايل. ربما كان يمكن للتغطية الاستخبارية الواسعة في القطاع اليهودي ان توفر تحذيرا.

قبل اشهر طويلة اعلن وزير الأمن عن شبيبة التلال كتنظيم غير قانوني، لكن معالجتهم لا تزال بعيدة عن العلاج الذي يحظى به الارهاب الفلسطيني. اذا تم التوصل الى لوائح اتهام، فان الفلسطيني يحاكم في محكمة عسكرية ويعاقب. اما اليهودي فيحاكم في محكمة مدنية داخل الخط الاخضر. هل من المفاجئ انهم يسخرون علانية من المحققين؟

عملية القتل في دوما هي قمة اخرى في سلسلة الاحداث العنيفة التي تحدث منذ زمن بعيد، بما في ذلك ما حدث مع سكان قرية كسرى امس، على خلفية النزاع على الأراضي في مرج شيلو. في بداية الانتفاضة الثانية صادر الجيش اراضي مرج شيلو كي يمنع الاحتكاك. وقد انتهت الانتفاضة، وحسب ادعاء الفلسطينيين سيطر المستوطنون على الأرض واقاموا هناك سلسلة من البؤر غير القانونية. ومنذ ذلك الوقت يحدث هناك صراع عنيف.

في الرواية الفلسطينية يصبح احراق عائلة دوابشة رمزا للنضال دفاعا عن الأراضي، تماما كما تحول الطفل محمد الدرة الى رمز للانتفاضة الثانية.

الآن يفحصون في الجيش والشاباك ما اذا كانت العملية في دوما قد تجاوزت "حافة الامتصاص" لدى الجمهور الفلسطيني، وما اذا كانت ستقود الى اشعال المنطقة، او انهم سينجحون "باستيعاب " الحدث. لقد اعلن القائد العام للجيش فورا وعلى الملأ بأن الحريق هو حادث ارهاب بكل معانيه. ولكن القيادة السياسية لا توفر للجيش عمليا الوسائل القانونية لتفعيل صلاحياته كمسيطر على المنطقة، ومسؤول عن صد الارهاب اليهودي، ايضا. لا توجد اعتقالات ادارية، ولا يوجد أي تعريف لجهات معينة كتنظيمات غير قانونية او ارهابية، ولا وجود لعقوبات على المدارس الدينية التي يخرج منها القتلة. ولا يتبقى للجيش الا محاولة تبريد الأجواء.

تقييم الاوضاع في الجيش يدعي انه اذا تم تنفيذ عمليات انتقامية، فسيخرج مرة اخرى منفذ العمليات المنفرد، ومنفذ عمليات الطعن، والدهس والاغتيال. ولكن اذا جرت جنازة اخرى في عائلة دوابشة، واذا لم يتم اعتقال القتلة خلال الايام القريبة، واذا لم تبث إسرائيل صورة تعكس بذل جهود عالية، ستكون فرص الانفجار كبيرة.

شاباك بدون اسنان

يكتب يوسي يهوشواع في "يديعوت احرونوت" ان عملية اضرام النار اليهودية في قرية دوما، يوم الجمعة، والتي اسفرت عن قتل الرضيع علي دوابشة، تبدو وكأنها اكبر فشل للواء اليهودي في الشاباك خلال السنوات الاخيرة.

مرة تلو مرة يتم احراق البيوت والمساجد والحقول في المناطق الفلسطينية، دون ان يتم اعتقال المتهمين. لم يكن هناك ما يمنع او يشوش هذه العمليات: اقل ما يمكن من النتائج مقابل الاستثمار.

عندما ينظر المهنيون من الاعلى الى عمليات اللواء اليهودي في الشاباك، يشاهدون تحسنا معينا في الاستخبارات ولكن ليس في الاحباط. هذا الاخفاق يثير الغضب. ومقابل النتائج السيئة في اللواء اليهودي، نجد احباط الارهاب الفلسطيني مثيرا للانطباع في كل المقاييس. وعندما نسأل رجال الظل ما هو سبب الفجرة، يكون الجواب واحدا: ليست لدينا آليات.

هذا صحيح جزئيا، لأنه في المجال التكنولوجي يتشابه التفعيل، ولكن في ارسال العملاء لا تزال هناك مصاعب، والقدرة على تفتيت التنظيمات المتطرفة مثير. يوم الخميس الماضي، فقط، حذر ضابط رفيع من التعاون الذي تحظى به هذه التنظيمات من الشبان الذين انهوا خدمتهم في الشاباك والجيش، وهذه المقولة يجب ان تثير قلقا كبيرا.

في المقابل يعلمنا التعمق في الوثيقة المذهلة المسماة "مملكة الشر"، الى أي حد يجري الحديث عن تنظيمات تذكرنا بتنظيمات الارهاب الاسلامي المتطرف – فقط يجب استبدال اللغة من العبرية الى العربية.

لقد وصف رئيس الحكومة ووزير الأمن ما حدث في قرية دوما بالعمل الارهابي، وحان الوقت الان كي يسمحا بمعالجته تماما كالإرهاب الفلسطيني. ولكن اعتبار منفذي العملية هم وحدهم الذين يتحملون المسؤولية يعتبر حلا سهلا. هذا الحادث لم يبدأ يوم الجمعة، عندما قام الارهابيون اليهود باحراق المنزل. لقد بدأ قبل زمن طويل: مع التحريض اليومي، مع الاعتداءات على الفلسطينيين، مع خلق اجواء معينة تشجع مثل هذه العمليات.

تصوروا لو ان منسق عمليات الحكومة في المناطق حضر لهدم منزلين غير قانونيين في قرية العروب، وقام 200 فلسطيني بمهاجمة شرطة حرس الحدود الذين يحرسون عملية الهدم. في حالة كهذه كان سيتواجد نصف سكان العروب في السجن اليوم. وكان سيتم فرض الاعتقال الاداري على قادة القرية وكان سيتم جر المسؤولين الى التحقيق. يمكن لنا ان نتذكر ما حدث في قرى فلسطينية في الضفة بعد ساعات قليلة من العمليات القاسية.

ولذلك يجب تعريف تنظيمات اليمين المتطرف بأنها تنظيمات ارهابية ومنح كافة الجهات الصلاحيات المطلوبة – اصدار اوامر اعتقال اداري، صلاحيات بالتحقيق، استخدام القوة – التي يتم استخدامها مقابل الارهاب الفلسطيني. يجب ان يحصل اللواء اليهودي في الشاباك ولواء شاي في الشرطة على الوسائل والدعم الذي يمكنهم من القيام بمهامهم امام الارهاب اليهودي. ويجب على رئيس الشاباك يورام كوهين المطالبة بشدة وعدم الانتظار لأنه يتحمل المسؤولية، وربما من المناسب نصحه بتعلم شيء من القائد العام للجيش واظهار مبادرة اكبر.

مع دخوله الى منصبه اوضح غادي ايزنكوت ان الجنود في الضفة لن يقفوا بعد اليوم على الحياد حين يرشق اليهود الحجارة على الفلسطينيين، او يخرقون النظام، وطالب بتنفيذ اعتقالات خلال المخالفات الجنائية. وقال ايزنكوت لقائد كتيبة الضفة تمير يداعي "ان الجنود هم قوات شرطة". حتى الان لا يزال من الصعب على الجنود تغيير الديسك امام المشاغبين اليهود، لأن حمضهم النووي يختلف، وهذا مفهوم. ولكن هذا الامر يعتبر مسألة يحتمها الواقع بالنسبة لحرس الحدود والشرطة.

العملية الانتقامية مجرد مسألة وقت

يكتب امير بوحبوط في موقع "واللا" ان مصادر امنية اوضحت بان عملية دوما لامست نقطة حساسة جدا لدى الجمهور الفلسطيني، ولذلك فإنها تقدر بأن الانتقام لهذه العملية هو مجرد مسألة وقت. ومن الامور التي يمكنها تقريب العملية الكبيرة وزيادة ضخامتها هي الاعمال "الاستفزازية" التي تقوم بها إسرائيل، كوصف الفلسطينيين، وبشكل خاص في الحرم القدسي.

ليس سرا ان السلطة الفلسطينية و حماس تحاولان في الآونة الأخيرة احداث تغيير في الوضع الراهن في الضفة الغربية. فالسلطة معنية بتفعيل الضغط على إسرائيل وتحدي الحكومة بواسطة العمليات السياسية والشكاوى في محكمة الجنايات الدولية وحملة نزع الشرعية. وحماس تحاول بكل قواها انشاء قاعدة ارهابية في الضفة الغربية بهدف تقويض الاستقرار امام اسرائيل وداخل السلطة. وسقطت العملية الارهابية في قرية دوما كثمرة ناضجة في ايدي حماس التي تبحث عن طرق عدة لمجادلة السلطة وعرضها كمتعاونة مع اسرائيل.

تخضع للمتطرفين الفلسطينيين الان امكانية اخراج الجمهور الحاشد والتظاهر في الشوارع، او تنفيذ عمليات مركزة. وتبدو الامكانية الاولى محتملة بشكل اقل، لان اسرائيل نجحت بتحليل مدى تأثير التسهيلات على الجمهور الفلسطيني وزيادة تصاريح العمل والتنقل، كما حدث في شهر رمضان حيث خرج الفلسطينيون للتنزه في يافا والمركز التجاري "المالحة" في القدس، بدل التواجد في المساجد كما كان يأمل رجال الدين.

لقد مل الجمهور الفلسطيني العنف، وبات يفضل الاهتمام بمستقبله الاقتصادي والحفاظ على الوضع الراهن المريح بشكل نسبي. مع ذلك فان غالبية الجمهور الفلسطيني يدعم الكفاح العنيف طالما لا يشارك فيه. ولذلك فان الخيار الثاني للإرهاب الشعبي وارهاب المؤسسة يشهد اتساعا.

السلطة الفلسطينية تجد تحديا في عمليات الارهاب اليهودي كتلك التي وقعت في قرية دوما. من جانب واحد يتم مطالبتها بالرد بشدة والسماح للشارع بتنفيس الغضب، ومن جهة اخرى تفهم جيدا ان اتاحة الرسن وتشجيع العنف يمس بمصلحة الفلسطينيين ومطالبتهم بالاعتراف الدولي بهم كدولة. والى هذا الفراغ يدخل المتطرفون في الضفة وعلى رأسهم حماس، التي تحاول طرح بديل للشبان الفلسطينيين الذين يئسوا من الطريق الدبلوماسي للسلطة التي تنتظر منذ اكثر من 20 سنة انشاء الدولة. وعندما لا تجري المفاوضات ويغيب الافق السياسي، يصبح الوضع اكثر محبطا ومتوترا.

تستثمر قواعد حماس في تركيا وقطاع غزة موارد كثيرة لاخراج النشطاء من الضفة الغربية وتأهيلهم وتدريبهم في الخارج، كي يرجعوا الى الضفة بعد ذلك وينتظرون الاوامر بالتحرك. رغم ذلك، وبفضل نجاح الشاباك بالتعاون مع الجيش والشرطة، تجد حماس صعوبة في انشاء قواعد منظمة. وخلال النصف سنة الأخيرة لوحظ انخفاض العمليات الارهابية.

لهذا السبب تنمو في الضفة، في الآونة الأخيرة، "خلايا محلية" مستقلة. وتقوم بشراء الاسلحة والسيارات، وتحصل على معلومات من الانترنت لانتاج عبوان ناسفة واسلحة مرتجلة، وتنفيذ عمليات بمستوى منخفض. في بعض الحالات تحقق هذه الخلايا نجاحا، ثم تختفي ولا تكرر العملية. وفي مجال آخر يعمل منفذو العمليات المنفردين، اولئك الذين ينهضون في الصباح ويقررون تنفيذ عملية ضد اليهود، مستمدين الدعم من التحريض في وسائل الاعلام او عمليات "الاستفزاز" الاسرائيلية في الحرم القدسي.

في هذه المرحلة تتلقى قوات الجيش اوامر بالتجمل بالصبر، لكن الاختبار الحقيقي يتعلق في الاساس بالسياسيين والقادة في الجانب الاسرائيلي. في الجهاز الامني هناك شخصيات لا تتخوف من الادعاء بأن عملية الارهاب اليهودي في قرية دوما وقعت بسبب الاجواء العنيفة في بيت ايل ضد الجنود وقوات الشرطة، وتطبيق القانون بشكل انتقائي ضد المشاغبين والمحرضين على الجهاز القضائي. الواضح الان انه في الوقت الذي يُفعل فيه الشاباك وكذلك الشرطة موارد كبيرة للكشف عن منفذي عملية دوما، ستشهد المنطقة اياما حساسة يرافقها احتمال اشتعال الاوضاع في الضفة.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد