في بريق الكون وجماله الفائق، يظهر لنا التوهج الشمسي كظاهرة فلكية تذهل العقول وتأسر القلوب ، حيث تشهد فيها الشمس على نشاط مكثف على سطحها، مما تنبعث منها كميات هائلة من الجسيمات المشحونة والأشعة الكهرومغناطيسية باتجاه الفضاء الخارجي ، وبالرغم من روعة هذه الظاهرة وأثرها الجميل على الغلاف الجوي، إلا أنها تحمل في طياتها أيضًا مخاطر قد تكون خطيرة ومُحدقة بالبشرية .

يعرف التوهج الشمسي بأنه " ظاهرة طبيعية تحدث بسبب اصطدام جسيمات عالية الطاقة بالأرض، إذ تتكون الجسيمات من مليارات الأطنان من الغاز، وتنطلق في صورة سحب، بعد حالات فوران متفجرة على الشمس .

وأشاربعض العلماء الروس عن توقعتهم حدوث نشاط قوي للتوهج الشمسي يوم الإثنين، حيث قد يتداخل مع الاتصالات ذات الموجات القصيرة وذلك بعد أن رصدوا ثلاثة توهجات على الشمس الأحد الماضي ،وذلك وسط استمرار لموجة الحر الشديد التي تضرب مناطق عديدة في حول العالم .

أكد معهد فيدوروف للجيوفيزياء التطبيقية في موسكو أنه يُعتَبر من الممكن حدوث توهجات شمسية من الفئة إكس، وهذا يشمل توهجات البروتون وتوهجات أخرى ، حيث إن من المتوقع أن تتسبب هذه التوهجات في انقطاع موجات الراديو القصيرة ، مما يُعد تحديًا محتملًا لأنظمة الاتصالات والاعتماد عليها في الاتصالات اليومية ، تتطلب المراقبة الدقيقة والتحليل العلمي للظاهرة الشمسية القوية لمواجهة تأثيراتها البعيدة على الحياة على سطح الأرض ، والحفاظ على استقرار وسلاسة تكنولوجيا الاتصالات والنقل الحديثة.

تعتبر التوهجات من الفئة إكس أكبر الانفجارات في الأنظمة الشمسية، حيث تتسبب في حدوث عواصف إشعاعية طويلة الأمد ، تمثل هذه التوهجات ظاهرة فلكية قوية ومُذهلة ، مما تحمل في طياتها طاقة هائلة يتم إطلاقها بشكل مفاجئ من سطح الشمس ، وتعد توهجات البروتون عاصفة مكونة أساسًا من جزيئات الطاقة الشمسية، وتحمل تلك الجزيئات بروتوناتٍ مشحونة بالطاقة تُطلق في جميع الاتجاهات.

مضاعفات التوهج الشمسي

وتتسبب هذه التوهجات سواء من الفئة إكس أو توهجات البروتون، في انبعاث كميات هائلة من الجسيمات المشحونة والأشعة الكهرومغناطيسية إلى الفضاء الخارجي ، حيث قد تتأثر الأرض بتلك الظواهر الشمسية القوية، مما يمكن أن يتسبب في انقطاعات في موجات الراديو القصيرة وزيادة التعرض للإشعاعات الكونية الضارة.

تواصل العلماء المراقبة المستمرة لنشاط الشمس وتحليل هذه التوهج الشمسي بدقة ، لتحديد التأثيرات المحتملة على البشرية وأنظمتها التكنولوجية ، حيث تمثل التوعية بتلك المخاطر وتحضير الاستعدادات اللازمة للتعامل معها مسعى هام وكبير ، لحماية حياتنا وتقنياتنا الحديثة من تأثيرات هذه الظواهر الشمسية الساحقة.

تُرسم لنا التوهجات الشمسية عرضًا مجيدًا وبديعًا يجسّد قوة وجمال الطبيعة الفلكية ، حيث تنطلق هذه التوهجات الساحرة عندما تتشابك خطوط المجال المغناطيسي داخل وحول الشمس، مُشكِّلة كرنفالًا من الطاقة والجاذبية تبعث الدهشة والإعجاب في قلوب المُراقبين ، حيث يعتبر ارتفاع الحرارة يزهو بالتوهجات الشمسية، مما تتحد موجات الطاقة والجسيمات المشحونة وتتحرر أشعة كهرومغناطيسية من جميع الأنحاء، ولقد رُصِدَت هذه التوهجات العظيمة بأحجام ضخمة تفوق أضعاف حجم الأرض .

توهجات الشمسية ليست مجرد ظاهرة فلكية فحسب ، بل تشكل تحديًا هامًا للبشرية في التعامل مع آثارها المحتملة على الأرض وأنظمتها التكنولوجية لذا يستمر العلماء على مواصلة البحث والمراقبة المستمرة لهذه ظاهرة التوهج الشمسي الخطيرة .

تأثير التوهج الشمسي :

وفقًا لتقرير الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم، تحدثت في عام 2008 عاصفة شمسية شديدة مماثلة، تحمل في طياتها خطرًا كبيرًا، حيث يمكن أن تتسبب في أضرار جسيمة نتيجة تعطيلها للاتصالات على الأرض وتسببها في الفوضى. وقد شهد التاريخ حوادث سابقة لعواصف شمسية مماثلة ألقت بظلالها المدمرة على المجتمع البشري .

* حدثت عاصفة شمسية تاريخية غير مسبوقة في عام 1859، حيث أطلقت الشمس كميات هائلة من الجسيمات المشحونة والأشعة الكهرومغناطيسية ، نتيجة هذه العاصفة تعطَّلت أسلاك التلغراف، مما أدى إلى اشتعال الحرائق في مناطق مختلفة من أمريكا الشمالية وأوروبا، وتسببت في تشويش كبير على الاتصالات والتواصل بين الدول.

* في عام 1994، شهدنا عاصفة شمسية أخرى أثرت بشدة على الأقمار الصناعية. تعطلت الأقمار الصناعية بسبب الجسيمات المشحونة القادمة من التوهج الشمسي، ما أدى إلى تعطل خدمات التلفزيون والراديو، وأثر بشكل كبير على الاتصالات العالمية والتجارة الدولية.

* عاصفة شمسية قوية في عام 1989، أثرت على الشبكة الكهربائية في كندا بشدة مما أدى الى انقطاع كبير في الطاقة الكهربائية ، حيث استمر لأكثر من 9 ساعات، مما ألحق أضرارًا بالبنية التحتية وتسبب في انقطاع الخدمات الأساسية

المصدر : وكالة سوا