بفيض من مشاعر الحزن وعميق الأسى أُنعي فضيلة الشيخ/ رمضان الشاعر مستذكراً بالتقدير والاحترام الأثر الطيب للفقيد العزيز، ولعلَّ من المفيد أن أقدم للقارئ الكريم غيضاً من فيض من حياته، حيث ولد الشيخ رمضان سالم الشاعر في حي الشجاعية بمدينة غزة في 4 حزيران/ يونيو 1931م، فقد بصره وهو في عمر سبع سنوات بعد إصابته بمرض (الرمد)، وأصبح كفيفاً، وبدأ مرحلة جديدة من حياته فيها المعاناة والكد، فليس بالأمر الهين أن يتحول المرء المبصر إلى كفيف، ولاسيما بعد فقد بصره الذي يعتبر عنصراً هاماً في القراءة والكتابة والتحرك والانتقال لأي إنسان، فالتحق بكتّاب "سليمان أبو عجوة" بحي الشجاعية، ثم درس في مدرسة الفلاح الإسلامية الوطنية.
يمم الشيخ رمضان الشاعر وجهه شطر الأزهر الشريف في مصر العروبة في 30 أيلول/ سبتمبر 1950م، وجدَّ في تحصيل العلوم على يد العلماء الأجلاء أمثال: الشيخ جاد الرب رمضان، والشيخ إبراهيم الشهاوي، والشيخ محمد المدني، والشيخ أبو العينين شعيشع، وأضرابهم، وكان من زملائه في الدراسة بالأزهر الشريف: (الشيخ عبد الكريم الكحلوت، والشيخ محمد قوصة، والشيخ عبد الكريم سليم الضاش، والشيخ عبد الكريم المشهدي، والأستاذ محمد محمود عوض الله، والأستاذ فايز الزهري)، وأمضى الشيخ رمضان الشاعر في الأزهر سبع سنوات، حتى نال الشهادة العالية في الشريعة عام 1957م، وأحرز قصب السبق.
رجع الشيخ رمضان الشاعر إلى غزة، وعين إماماً وخطيباً لمسجد الرمال، ثم انتقل إلى جامع ابن عثمان بحي الشجاعية، وهو أكبر جامع في هذا الحي، واستمر فيه خمسين عاماً، ولعل من الذكريات الجميلة التي أحب أن أذكرها في هذا السياق أن جامع ابن عثمان كان لا يبعد سوى خطوات عن بيتنا القديم، وكان والدي المربي عبد الهادي فيصل – رحمه الله – حريصاً على أداء الصلاة في وقتها، فيصيح بنا: تعالوا، لنذهب سوياً لأداء صلاة الجمعة، وكان خطيب الجمعة هو الشيخ رمضان الشاعر، وكانت خطبته تقليدية، لا تتجاوز الربع الساعة، نحفظها عن ظهر قلب.
وعين الشيخ رمضان الشاعر عام 1971م مدرساً بالمعهد الديني الأزهر بغزة لمـدة 29 سنة، وفي نفس الوقت عين مدرساً بالجامعة الإسلامية بغزة لفترة قصيرة.
توفي فضيلة الشيخ رمضان الشاعر إلى رحمة الله تعالى مساء يوم الأحد الموافق 25 حزيران/ يونيو 2023م الموافق 7 ذي الحجة 1444هـ، وندعو الله – جلت قدرته – أن يكرمه في دار مثواه، وأن ينزله منازل الذين أحسنوا عملاً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية