مُستشار سابق لرؤساء الشاباك:المقاومة أفضل من المفوضات

القدس / سوا / رأى المُستشرق ماتي شطاينبرغ، الذي كان مُستشارًا لأربعة من رؤساء جهاز الأمن العام الإسرائيليّ، رأى أنّ الاستعداد الإسرائيليّ للتوصل إلى اتفاق في غزة يُعطي للفلسطينيين إشارة بأنّ المقاومة أفضل من المفاوضات، ويُهدد بزعزعة الاستقرار في الضفة الغربيّة، على حدّ تعبيره. 

وفي مقال تحليليّ، نشره في صحيفة (هآرتس) العبريّة قال المُستشرق إنّ التفاوت هو في سلم الأولويات بكل ما يتعلق بإعادة إعمار غزة ورفع الحصار. ما هو الأكثر ضرورة وما هو الأقل، فتح المعابر البرية، بناء ميناء بحري عائم ومطار وكذلك تبادل الأسرى والجثث، وبالطبع، تحديد مدة زمنية لهذه الترتيبات.


ولكن، تابع، يُشدد مؤيدو حماس على أن الحديث هنا ليس عن تسوية سياسية وأنّ المحادثات، غير المباشرة، قد جاءت للتخفيف عن سكان غزة. علاوة على ذلك، يؤكدون أنّهم لن يتخلوا عن المقاومة العنيفة. ولفت إلى أنّه حتى وإنْ تمّ إرجاء ذلك في قطاع غزة، للتخفيف عن المواطنين، فلا ينطبق ذلك على الضفة الغربية.


لقد جاءت هذه الأمور لإرضاء كبار قادة الجناح العسكريّ لحركة حماس أيضا، الذين طالتهم أيضًا الضائقة الموجودة في غزة.‎ وقال أيضًا: يستند المؤيدون البارزون لوقف إطلاق النار على قضايا مُشابهة اتبع فيها النبي مُحمد (ص) سوابق في فجر الإسلام، كدليل على أنّه عندما تكون هناك ضائقة يجب التصرف وفق الواقع الذي يفرض نفسه بمعنى “إدارة المخاطر”.


وبرأيه، لا تُشكّل الموافقة المبدئية لحماس على الحاجة لنوع من الهدنة في غزة، بعد الدمار الذي لحق بها في عملية “الجرف الصامد”، مفاجئة أبدًا. ولفت إلى أنّه بعد الفوضى التي ضربت العالم العربي، اضطرت حركة حماس إلى أن تعتمد فقط على سلطتها في غزة، وتحوّل ذلك الأمر إلى الشيء الأساسي بالنسبة لها، ولكن تقع سلطتها في غزة تحت تهديد المعارك الدائمة مع إسرائيل والحصار من قبل إسرائيل ومصر عليها. على ضوء الإمكانيات التي تقف أمامها، قتال دائم مع إسرائيل والذي قد يؤدي بالنهاية لإعادة احتلال القطاع والقضاء عليها أو استمرار الوضع القائم الذي سيؤدي للنتيجة ذاتها، قال المُستشرق الذي قام موقع (المصدر) بترجمة مقاله للعربيّة، فإنّ التوصل إلى هدنة مع إسرائيل، لمدة ما، هو أفضل الحلول السيئة.


علاوة على ذلك، إنْ تم التوصل إلى هدنة، قد تحقق حماس إنجازات في أعقابها، ليس في غزة (التي يُمكنه فيها تحجيم تأثير السلطة الفلسطينية) فقط، بل أيضًا في الضفة الغربية حين يكون الوقت مناسبًا. وشدّدّ على أنّ حماس تُدرك أنّ حكومة نتنياهو أيضًا ترى بحكمها في غزة أفضل الحلول السيئة، لأنّها الجهة الوحيدة التي يُمكنها أن تفرض على القطاع الاستقرار النسبيّ، وأنّ تمييزها في الضفة قد يُصعب مسألة تحقيق تسوية سياسية مع محمود عباس . وزاد: تُدرك الحركة بشكل جيد عدم رغبة إسرائيل بالإقدام على احتلال القطاع والقضاء على سلطتها، لأن البديل سيكون فوضى قد تجلب الدولة الإسلاميّة مثلاً، أسوأ بكثير، وتأمل بأنْ يُشكّل ذلك الخوف دافعًا لتحسين علاقتها مع مصر.


ولفت إلى أنّ حماس تطمح لخلق واقع يفيدها في تعزيز سلطتها في غزة تحت غطاء رفع الحصار وإعادة الإعمار، بينما في الضفة الغربية فإنّ حكم السلطة الفلسطينية آخذ بالتزعزع على إثر تجميد العملية السياسية واستمرار الاستيطان.‎ وبحسبه، تعتقد الحركة أن هذا سيعمل على تقريب وقت فض التعاون الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وبهذا يُعطَى إثبات للشعب الفلسطيني أنّ طريق القوة أفضل وأنها تُعطي نتائج أفضل وأن المفاوضات مع إسرائيل هو أمر لا طائل منه. فإن إدارة الصراع أفضل من حله.‎


علاوة على ذلك، رأى أنّ حماس تستند، بالطبع، على فكرها الإسلامي، وليس على استراتيجيات التوازن التي طرحها جون ناش في نظرية الألعاب. ولكن تستند الحركة، بسعيها لتوقيع “هدنة” في غزة، على خلق توازن ما مع إسرائيل في قطاع غزة، مع الحفاظ على صراعها معها في الضفة الغربية. هكذا ستفوز بالعالمين: من جهة ستنقل الصراع الأساسيّ مع إسرائيل إلى الضفة الغربية وستُحافظ على سلطتها في غزة.


وخلُص المُستشرق إلى القول إنّه يجب على إسرائيل، لمنع هذا التطور السلبي، أنْ تقوم بصياغة سياسة ذات بُعدين: بُعد سياسي، من خلال توقيع اتفاق مع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، على أساس المُبادرة العربية، وبُعد آخر عماده الهدنة مع حماس في غزة. من خلال هذين البُعدين، ستبرز تنازلات حماس وتكيّفها مع الواقع، وإنْ كان التقدم فقط على محور غزة، ففي نهاية المطاف، قد لا تسيطر حماس على الضفة الغربية فحسب، بل ستفرض طبيعة الصراع مع إسرائيل، على حدّ قوله.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد