في أكتوبر.. ركبت فلسطين صهوة الخيل وزفّت الشهداء وروداً

في أكتوبر.. ركبت فلسطين صهوة الخيل وزفّت الشهداء وروداً

"شدوا بعضكم يا أهل فلسطين ... شدوا بعضكم" وصلت هذه المعزوفة الوطنية التي خرجت من قلب الحاجة أم العبد التي هجرّها الاحتلال من قرى القدس العتيقة، إلى قلوب كل الفلسطينيين وكانت كفيلة بأن تشد المدن الفلسطينية بعضها إلى بعض وتوحدّها روحاً ودماً رغم بعد المسافات.

لم يكن أكتوبر الوردي شهراً عادياً على فلسطين، ولم يمر مرور السلام على جبال عيبال وأزقة القدس العتيقة، لم يمر دون رصاص ثائر ومطاردٍ يقاتل.

منذ بدئه كانت نابلس والقدس وباقي المدن الفلسطينية على موعدٍ من البطولات والعمليات، وكان عليها أن تدفع ثمن هذه البطولات من دماء فلذات أكبادها.

نابلس

"يا نابلس يا جبل النار" طالما صدحت حناجر الشباب الثائرين بهذه المعزوفة الوطنية، ورددوها في كل وقت وحين، حتى أصبحت جزءاً من موروثنا الوطني عن هذه المدينة العتيقة التي تلفظ حجارتها كل محتلٍ دخيل.

وشيعت جماهير حاشدة بنابلس، جثمان الشهيد تامر الكيلاني أحد مقاومي مجموعات "عرين الأسود " الذي ارتقى خلال عملية اغتيال إسرائيلية في الثالث والعشرين من أكتوبر بواسطة دراجة نارية مفخخة في البلدة القديمة.

وفي صباح اليوم الخامس والعشرين من أكتوبر كتب على جبل النار أن تفوح منه رائحة الدماء والبارود، كتب عليه أن يبكي خمسة شهداء رحلت أرواحهم إلى السماء وانضموا إلى قافلة الشهداء التي في كل يوم يضاف إليها شهيدٌ جديد.

حيث شهد فجر نابلس تراتيل رصاص الثائرين الذي لم يتوقف، شهد نضالهم وشموخهم حتى آخر رصاصة وآخر نفس، وآخر قطرة دماء، وشهد أيضاً تلاوة أسمائهم إلى العلا: حمدي قيم (30 عاماً)، علي عنتر(26عاماً)، حمدي شرف (35 عاماً)، وديع حوح (31عاماً)، مشعل بغدادي (27 عاماً).

وعمّ الإضراب شوارع المدينة وأزقّتها التي تبكي ربيع عمر الراحلين، اهتزت حجارة المآذن مع كل تكبيرة، ورجفت قلوب الأمهات، وفي موكب زفافٍ مهيب أطلقت الأمهات والصبايا الزغاريد، وسكن جسد المقاتل العنيد حيث احتضنه باطن الأرض في رفقٍ ولين.

واستشهد على حاجز حوارة في نابلس، 28 أكتوبر 2022، المواطنان عماد أبو رشيد (47 عاما)، والشاب رمزي سامي زَبَارَة (35 عاما)،

وكأنّ هؤلاء الشهداء هم امتداد لإبراهيم النابلسي ورسالته، حيث استشهد في 9 أغسطس 2022، وضجّت فلسطين باسمه صغيرها وكبيرها، نسائها ورجالها، حيث استشهد بعد رحلة من الاشتباكات والمطاردة واستشهد معه إسلام صبوح وحسين جمال طه.

القدس

انتشر مقطع فيديو يوضّح لحظة استشهاد عدي التميمي في 19 أكتوبر 2022، خلال تبادل لإطلاق النار، مع قوات الاحتلال قرب مستوطنة معاليه أدوميم، شرق القدس، ظهر فيه الشهيد وهو يقاوم لآخر رصاصةٍ ونفس رافضاً الاستسلام.

واستشهد عدي مقاتلاً عنيداً بعد أيام من البحث والمطاردة من قوات الاحتلال إثر عملية شعفاط التي نفذّها عدي وقتلت فيها جندية إسرائيلية وأصيب جنديان بجراح متفاوتة، التفت الجماهير الفلسطينية حول نبأ استشهاد عدي وأدّت له الشرطة الفلسطينية في غزة التحية إجلالاً لبطولته وشجاعته.

رام الله

لم تتوقف عنجهية الاحتلال وإجرامه على نابلس والقدس، فقد أعدمت قوات الاحتلال في 25 أكتوبر 2022، الفتى قصي التميمي، واستشهد جراء إصابته بالرصاص الحي في الصدر، خلال مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال على مدخل قرية النبي صالح، شمال رام الله.

الخليل

وشاركت خليل الرحمن المدن الفلسطينية في نضالها حيث استشهد محمد الجعبري 35 عامًا، 29 أكتوبر 2022، برصاص قوات الاحتلال شمال مدينة الخليل، عقب تنفيذه عملية إطلاق نار في مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي المواطنين، وقد أدّت إلى مقتل مستوطن وإصابة خمسة آخرين.

g5EoR.jpg
 

النضال مستمرٌ حتى التحرير

إذا تأملنا مشهد وداع شهداء نابلس وكل مشاهد زفاف الشهداء، وإذا دققّنا في مواكب الزفاف المهيبة، زاد يقيننا بأنّ محاولات الاحتلال ومخططاته فشلت، زاد يقيننا بأنّ كل محاولات الطمس والتهويد والتزوير فشلت، كل محاولات تضييع الشباب وحرف بوصلتهم فشلت وستفشل، وسيبقى الاحتلال يفشل حتى تحرير فلسطين منه.

فعندما ترى شاباً في ربيع عمره قد اشتبك مع المحتل وعاند وطورد حتى الشهادة فاعلم أنّ التحرير على مسافةٍ قريبة جداً.

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد