يقولون إن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أعرب عن قلقه مائة وثمانين مرة منذ توليه المنصب، وهو الذي ما فتئ يذهلنا في الإعلان عن قلقه في أحداث جلل تهدّد الأمن والسلام الدوليين. ويتوزع قلق الأمين العام على مستويين: قلق عميق وقلق عادي، سواء نبَعَ قلقه من مشكلة الاحتباس الحراري أو كان مصدره استمرار البناء الاستيطاني وانتهاءً بتدمير تماثيل الآلهة في أفغانستان!
وفي قلق جديد، أصدر الأمين العام قائمة العار متضمنة أسماء الدول التي تنتهك حقوق الأطفال، متجاوزا الاقتراح المقدم من ممثلته الخاصة لشؤون الأطفال والمناطق المسلحة «ليلى المرزوقي»، بإدراج إسرائيل في القائمة، مكتفياً بإبداء القلق المزعوم على أطفال فلسطين من زيادة قتلهم على يد الاحتلال.
الأمين العام للأمم المتحدة تتقاذفه التجاذبات ومراكز النفوذ، وليس له سوى ممر واحد يمر فيه ليحمي رأسه قبل أن يطير، تفريغ وظيفته من صلاحياتها ومضامينها، لأنه ليس الرجل الذي يصنع السوابق الخطيرة، السوابق التي تصنع التغيير وتنقل صاحبها إلى المنطقة الحرة والمستقلة من أي تلوث سياسي، لكنها، تطبعه ببصمة خاصة به.. وتمنحه الثقة الغالية وتجيِّر لمقعده الاحترام والتقدير، والأهم انها تصنع السقوف لما يجب عليه أن يكون الأداء لمن يأتي بعده، والمعايير التي سيقيَّم على أساسها المتعاقبون على المكان- المقعد.
لقد ضمت قائمة الامين العام؛ أسماء واحد وخمسين تنظيما ودولة، منها جماعات: بوكو حرام النيجيرية و»داعش» المعولمة والنصرة السورية، ومن بين الدول العربية: سورية واليمن وجنوب السودان، متجاهلة تضمين إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال، الدولة التي قتلت في العام المنصرم أكثر من خمسمائة طفل في غزة ، سبعون في المائة منهم لم يبلغ من العمر اثني عشر عاماً، كما تسببت في إصابة أكثر من أربعة آلاف طفل، ربعهم ستلازمه إعاقة دائمة مدى الحياة، وهي النسبة التي تعتبر أعلى ثالث مرتبة بعد أفغانستان والعراق!
الأمين العام للأمم المتحدة، يصرّ على ممارسة الانحياز إلى الدول ذات الأوزان الثقيلة، مؤكدا في كل مرّة، على مراعاته العلاقات بالدول المتنفذة والمهيمنة على الامم المتحدة، لكونها تشهر سلاح العقوبات المالية، دون أن يجرب معارضتها، بينما قد يكون على يدها خلاصه من قبضتها، انه يراعيها اكثر من مراعاة الاعتبارات الأُخرى ذات الصلة بمحددات وظيفته وصلاحياتها.
لقد تجاهل الأمين العام أن مكاتبه ومقراته في غزة، تعرضت أثناء الحرب الأخيرة إلى القصف المتكرر رغم تزويد إسرائيل بإحداثياتها، وبأن سبع مدارس قد أخذت نصيبها المقرر من قنابل الفسفور الأبيض وغيرها من القنابل والصواريخ، مع تحولها إلى ملاجئ خاصة بالعائلات المهجرة قسراً، وبأن الجيش المحتل، قد قام بطمس معالم أحياء بأكملها، متعمدا إبادتها مع سكانها عن وجه البسيطة.
قائمة العار تجاهلت حرق الطفل «محمد أبو خضير» حتى الموت. وتجاهلت مسرحية المحكمة المقامة للقتلة، وتجاهلت استهداف إسرائيل عيون أطفال القدس ، على وجه الخصوص، بالرصاص المطاطي.
الأمين العام حوّل وظيفته الى وظيفة مجوّفة، موجهاً إهانة كبيرة لنفسه ومؤسسته. ان قائمة العار؛ عارُ على الأمم المتحدة، لأنها تؤكد انها غير قادرة على حراسة القوانين التي تضعها، ولأنها أطلقت يد إسرائيل الطليقة أصلاً، بل ان إعفاءها من القائمة ستدفعها للإفراط بممارسة القتل والعنف تجاه الأطفال، لأنها تنجح في الإفلات دائماً من العقاب بفضل الرخاوة التي تمارسها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، بما يؤكد أن الأمم المتحدة خلف من يقوِّض قوانينها بنفسها.
في نهاية المطاف، ان الأمم المتحدة هي المسؤولة عن عدم الوصول للعدالة؛ المساءلة والمسؤولة عن تحقيقها، كما أنها المسؤولة عن تحوُّل العالم إلى غابة يشرَّع فيها منطق القوة والقتل، انه الإفلاس الأخلاقي بجدارة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد