ملتقى فلسطين الخامس للرواية العربية يستذكر الراحل غريب عسقلاني بندوتين في رام الله وغزة
استذكر مثقفون مشاركون في ملتقى فلسطين الخامس للرواية العربية، اليوم الثلاثاء، الراحل الروائي غريب عسقلاني، خلال ندوتين نظمتهما وزارة الثقافة بالتزامن بين رام الله و غزة تحت عنوان"غريب عسقلاني، السارد الفلسطيني في الذاكرة" بمشاركة وزير الثقافة الدكتور عاطف أبو سيف ، والشاعر مراد السوداني، والشاعر المتوكل طه، والناقد عادل الأسطة، وذلك في متحف الشهيد ياسر عرفات في رام الله، وفي مقر الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين في غزة، بمشاركة الروائي محمد نصار، والروائي عبد الله تايه، والروائي حبيب هنا، والروائي شفيق التلولي.
وقال الدكتور عاطف أبو سيف إنه برحيل عسقلاني خسرت الثقافة الفلسطينية نموذجاً حقيقياً للكاتب الملتزم المجبول بهموم شعبه والمشغول بتفاصيل الألم الذي يعيشه، غريب الذي ولد في أتون النكبة واختلطت صيحات خروجه للدنيا بأزيز رصاص العصابات الصهيونية، وهي تروع الأبرياء بمدافعها، وهي تهدم البيوت على ساكنيها، ظل وفياً طوال حياته، للوجع الفلسطيني وحاول سواء عبر كتاباته القصصية أو الروائية أن يجسد ماذا يعني أن تكون فلسطينياً مهجراً.
وأضاف أبو سيف:" كان غريب علماً في المشهد الفلسطيني خاصة في غزة، حيث يصعب الحديث عن الأدب الفلسطيني في الأرض المحتلة بعد العام 1967 دون التوقف طويلاً أمام كتابات غريب عسقلاني، فالرجل من ذلك الجيل الذي حمل على عاتقه مشقة الكتابة في زمن صعب، كانت الكتابة بالنسبة لذلك الجيل معركة يجب فيها ومن خلالها نقل الواقع الفلسطيني الذي تم استلابه وعزله عن العالم، لذلك كانت تواجه الكلمة والقصة والقصيدة بالاعتقال والسجن والتعذيب"
وقال مراد السوداني:"استطاع عسقلاني أن يؤثث للوجع الفلسطيني بسردية من الوجع والمرارة والحزن بعد الاقتلاع، وهو وليد النكبة، حيث كان عمره أقل من عام عندما حدثت النكبة، واستطاع أن يؤصل لمدارك الأجيال، كل هذا الوجع والتراجيديا في هذا الهجاج الفلسطيني، ما أصابه من جفاف في الحلق ومرارة اللسان.
وأضاف: "غريب عسقلاني واحد من أسمائنا الباهية والعالية التي استطاعت تحت شرط الاحتلال أن تكون مؤسسة لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين وعمل مع زملائه في ظروف صعبه بما يوثق الحق والحقيقة الفلسطينية في مواجهة الرواية الإسرائيلية، غريب عسقلاني بعمله النقابي باتحاد الكتاب كمؤسس بالإضافة إلى كل ما قدمه من عطايا إبداعية في القصة والرواية والمقالة والحراك الثقافي شكل مظلة ثقافية تحديداً في قطاع غزة.
بدوره استذكر الشاعر المتوكل طه غريب عسقلاني بقصيدة كتبها له بعنوان "طوبى له" قال فيها:
أعرف الشخص الغريب
وكيف عاش..
وكيف مات...
يشرب الكابوس حتى يثمل العصفور
من دمه، ويصحو
كي يرى أحفاده يمضون في التابوت
للحرب الأخيرة، ثم يكتب ما تيسّر للرواة،
هلّا ضحكت؟ سألته
فبكى،
وخبّأ نهره في كمه، ومضى إلى التبغ الحريف،
ولم تزل نارٌ على أوداجه،
وله فناجين الصباح بلون ليلته،
ويلحف أن تبلّ عروقه، لكنه المَصْلِيُ
من لهب المغني في البيات..
كنا قبيل الانفجار على بلاط القدس نلهث
كي نرى أسماءنا.
وتعانق الأغراب في بلد ذبيح...
بدوره قدم الدكتور عادل الأسطه شهادة عن غريب عسقلاني قال فيها : "بدأنا الكتابة معا عام 1976 تحديدا، ولم تكن هناك حركة أدبية على الإطلاق، إذ بدأت تتأسس من خلال الصحف التي تصدر في أربع صفحات، ولا تهتم بالأدب إلا من خلال زاوية أسبوعية تُنشَر فيها قصيدة أو قصة، مضيفاً أن غريب تواجد في الشام واطلع على الحركة الأدبية هناك ونشر في المجموعة القصصية الأولى التي صدرت لأربعة عشر كاتبًا، قصة واحدة عنوانها الجوع، وهي التي باضت له ذهبًا؛ أي شهرة كبيرة من حيث موضوعها، ومن حيث اللغة الشعرية التي تميز بها غريب، حيث واصل غريب الكتابة في وقت تراجع فيه كثيرون عن الكتابة."
من جهته قال محمد نصار:" عايشت غريب عسقلاني عن قرب وزاملته في رحلتي الأدبية والوظيفية حيث عملنا سوياً في وزارة الثقافة وكذلك في الأمانة العامة لاتحاد الكتاب، حيث كان غريب مثقفاً كبيراً، وأديباً فذاً واعياً لما يكتب، جريئاً في اتخاذ القرارات مشاركاً في الفعل الثقافي، متواضعاً يستشير الغير في مشاريعه الكتابية، يخوض غمار الكتابة الأدبية معتمداً على التجريب بما يحمل من مخاطرة كما في رواية المنسي، وما حصل عليه من شهرة وجوائز وأوسمة يستحقها، مهما قلنا عن أدبه فلم نفه حقه.
واكتفى حبيب هنا بالحضور دون تقديم شهادة لظروف صحيه، ووجه رسالة مكتوبة وجه فيها الشكر للوزارة وللقائمين على الملتقى وقال إنه آثر المجيء وفاء لغريب الأديب والإنسان الذي عايشه نقابياً وأديباً مفتخراً بالجلوس في هذه الندوة والمشاركة الوجدانية.
وأضاف شفيق التلولي:" لقد مثل غريب عسقلاني علامة فارقة في الأدب الفلسطيني وليس من قبيل الصدفة أن يطلق عليه شيخ الرواية الفلسطينبة لما قدمه من أعمال سردية على مستوى القصة والرواية جاءت بلغة وأساليب وتقنيات مغايرة ومدهشة، فغريب حاكى الواقع الفلسطيني بكل تجلياته وتناقضاته من خلال رؤية الأديب العارف بمجمل فتات الأشياء، كذلك تطرق إلى غريب الإنسان والوطني الذي عرف كيف يوظف الأدب لخدمة قضية شعبه، وأنه كان أبا حانيا لكل الكاتب وودودا مع كل من عرفه وعايشه.
وفي شهادته قال عبد الله تايه:" إن رحلته مع غريب رحلة طويلة تمتد إلى البدايات الأولى التي سارا على دربها سوياً متطرقاً لمسيرتهما في اتحاد الكتاب ومسيرتهما الأدبية مستعرضاً الظروف والمعيقات التي واكبت هذه المسيرة الطويلة، وأضاف أن غريب يمتلك درجة من الوعي والثقافة، كذلك يتنوع في إنتاجه الأدبي بخاصة على مستوى السرد ما بين قصة ورواية، وأشار لرواية جفاف الحلق التي عدها من أهم وأقوى رواياته، مشيراً لإبداعاته على مستوى النقد والقراءات الإنطباعية.