دراسة جديدة توصي بتطوير أدوات الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية لمواجهة التطبيع العربي – الإسرائيلي
أظهرت دراسة فلسطينية جديدة صادر عن معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، حالة الضعف التي تمر بها الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية، والتي فشلت في التصدي أو على الأقل عرقلة تطبيع العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي مع بعض الأنظمة العربية.
الدراسة التي أعدها الباحث أحمد أبو عامر أشارت إلى أن حالة التطبيع العربية الحاصلة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تكن وليدة اللحظة، بل شاركت فيها عوامل مختلفة أنتجت هذه الاتفاقيات، التي ستظل محلّ جدلٍ فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وتقاطعاتها الإسلامية والقومية والوطنية، ومن أهم هذه العوامل الدبلوماسية الرقمية التي ركّز عليها الاحتلال الإسرائيلي كقوة ناعمة تجاه شعوب المنطقة؛ لتمرير الاتفاقات المختلفة وصولاً إلى حالة التطبيع العلني.
وقالت الدراسة: "على الرغم من أن التطبيع العلني بين بعض الأنظمة العربية والاحتلال الإسرائيلي لم يكن مفاجئاً للشعوب العربية وللفلسطينيين تحديداً، جراء قناعتهم أن تلك الأنظمة تقيم علاقات مع الاحتلال الإسرائيلي في مجالات مختلفة منذ عشرات السنوات، إلا أن موجة التطبيع الأخيرة زادت إحباط الشعوب من أنظمتهم لخذلانها القضية الفلسطينية، في مقابل توددها للاحتلال الإسرائيلي الذي استغل بالتعاون مع الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة دونالد ترامب، الخواصر الرخوة لبعض الدول العربية، وسخر كل جهوده وعلاقاته السياسية والدبلوماسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية للوصول إلى هذه النتيجة من التطبيع العلني".
وأوضحت الدراسة أن المتتبع للدبلوماسية الرقمية الفلسطينية والإسرائيلية يرى مؤشرات عدة سهلت من حالة التطبيع الحاصلة، منها السيطرة التكنولوجية؛ فالاحتلال الإسرائيلي يمتلك الإمكانات الجيدة جراء علاقته مع كبرى الشركات التكنولوجية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتخذ من وادي السليكون بولاية كاليفورنيا الأمريكية مقراً لها كـجوجل وفيس بوك وتويتر وغيرها.
وذكرت أن الاحتلال الإسرائيلي أنشأ في السنوات الأخيرة العديد من "السفارات الافتراضية" الموجهة للدول العربية، والتي وضع عليها شخصيات بمناصب سياسية وأمنية وطواقم مهنية مختصة تتواصل مع الجمهور العربي بلهجاتهم المختلفة، وتخاطبهم بالحس الفلكلوري العربي من عادات وتقاليد وطعام وملابس وموسيقى وغيرها، وهو ما اختصر عليه جهوداً كبيرة في الوصول لعقول البعض في الشعوب العربية، ومن أمثلة تلك السفارات (صفحة إسرائيل تتحدث العربية، وإسرائيل في الخليج، وإسرائيل باللهجة العراقية).
أما الحالة الفلسطينية في التعامل مع الدبلوماسية الرقمية فقد ظلت حبيسة تحديات كبيرة منها ما هي داخلية وأخرى خارجية، أهمها؛ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الطيف الكهرومغناطيسي الفلسطيني (الترددات)، وملاحقة شركات التواصل الاجتماعي للمحتوى الفلسطيني من خلال الخوارزميات التي طورتها، ويكمن التحدي الأكبر في ضعف الدبلوماسية الرقمية الفلسطينية من ناحية الإمكانات وفلسفة العمل، ويلاحظ ذلك من خلال المنصات الرسمية التابعة لوزارة الخارجية الفلسطينية، وهو ما تتعرض له الدراسة بشكل أساس حول الدور الذي تلعبه الدبلوماسية الرقمية في مواجهة حالة التطبيع الحاصلة.
وأوصت الدراسة بضرورة تطوير الخطاب الرسمي الفلسطيني والسياسة الخارجية لتواجه التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية، ومواكبة المؤسسات الرسمية الفلسطينية للتطورات التي أحدثتها التقنيات الحديثة للاستفادة منها في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية، والترويج للسياسة الخارجية الفلسطينية، بالإضافة إلى إعداد دليل بحسابات وزارة الخارجية والسفراء والقناصل الفلسطينيين على المنصات الرقمية.