لماذا يتحدث الطفل مع ألعابه.. اختصاصية نفسية تُجيب
كثير من الآباء والأمهات يجدون أن أطفالهم في مرحلة ما بدئوا يتحدثون مع أنفسهم، يجلسون ويلعبون مع الألعاب والدمى التي يمتلكونها، وكأنهم شخصيات حقيقية مقربة لهم، أو يثرثرون دون هدف محدد ودون رغبة في التواصل، وهذا السلوك يثير خوف بعض الأمهات أحيانا ويقفن حائرات في تفسيره.
هنا يرفع أطباء النفس وعلم السلوكيات راية الآمان ؛ فالأمر طبيعي ولا يشير إلى وجود أي مشكلة، حيث قالت اختصاصية الطب النفسي الدكتورة أسماء طوقان، والتي بينت أن "هذا السلوك طبيعي جدا، حتى الكبار قد يتحدثون مع أنفسهم في لحظات أمام المرآة، ليحرروا ذاتهم من ضغوط الحياة، لذا فإن تحدث الطفل مع ألعابه في السنوات الأولى من عمره طبيعي، لتحقيق النماء النفسي والجسمي، لأنه لا يفصل بين الحقيقة والخيال". وفق ما أوردته الجزيرة نت
وتؤكد طوقان أن هذا السلوك يعد سلوكا صحيا في مقتبل العمر، ولكن لعدم وعي بعض الأهل يعتبرونه سلوكا مرفوضا، بدل أن يصغوا لما يقوله الطفل ويشاركوه عالمه ، ليقفوا على مكنونات نفسه، فقد يكون مؤشرا لغضبه من أمر ما أو يزعجه أمر ما، فالإنسان بفطرته يحب التحكم بما حوله.
ويرى الخبراء أن الطفل يجد راحته في تحدثه مع أصدقاء وهميين، وقد يلجأ لذلك مع دمية أو حيوان أو شخصية أسطورية يؤلفها في قصصه اليومية، ويشعر بأنها تمنحه القوة، فهذه الشخصية المحببة لديه، والتي نسجها في خياله تكون وسيلة يختلقها للتحدث إليها متى شاء، وخاصة في وقت وحدته، بحسب الاختصاصية.
ويجب على الأم متابعة طفلها ومشاركته عالمه الخاص، ومع تسارع نموه ستلاحظ أن هذا السلوك اختفى لزيادة وعيه وتطوره الذي بدأ يظهر عبر انشغاله بأمور أخرى أكثر واقعية.
تعلق الطفل بألعابه
وقالت طوقان أن "الطفل يبدأ من عمر 3 سنوات بتطوير مهاراته اللغوية والاجتماعية المكتسبة من البيئة المحيطة به، فنجده يتحدث مع نفسه أو مع ألعابه، وهذا الأمر طبيعي لا يستدعي القلق، إنما دليل على ذكاء الطفل الانفعالي وتطوره النمائي، وقد يظهر هذا السلوك عند الأطفال في سن 3 إلى 8 سنوات، وقد يستمر لعمر 10 سنوات".
وأضافت أن "المراحل العمرية الأولى، من حياة الطفل، يكون تعلقه بوالدته واضحا، ولكن عندما يبدأ بالملاحظة، والاستيعاب، فإنه يدرك أن والدته مُنفصلة عنه، فيبحث عن بديل، أو يعوّض نفسه بشيءٍ آخر، يبقى معه أينما ذهب، ويشاركه تفاصيل يومه".
وهنا يبدأ تعلق الطفل بألعابه وقد لا يرغب بمفارقتها، خاصة في المنزل، فمن وجهة نظر الطفل، فإن تلك الدمية تشعره بالأمان، وتغنيه عن الشعور بالوحدة. وفق الاختصاصية طوقان.
تعلق الإناث بالألعاب أكثر من الذكور
وبينت طوقان أن "التعلق بالألعاب عند الإناث أكثر منه عند الذكور، لأن الأنثى بطبيعتها عاطفية، تبحث عن الأمان العاطفي، فقد تتخذها صديقة لها، تشاركها جميع لحظاتها، وترافقها أينما ذهبت، فعندما تشعر بالضيق، أو الحزن، تتخيل أنها تشعر بها، وقد تتحدث معها، وتشاركها همومها، ومشاكلها البسيطة، لاعتقادها أن لعبتها المفضلة هي أكثر شيء يمكنها الوثوق به، وأنها تنصت إليها جيدا، ولا تفشي أسرارها لأحد".
وتشير الاختصاصية إلى أن هذا السلوك يزداد عند الطفل عند قدوم مولود جديد، فانشغال والدته عنه يجعله يلجأ لألعابه عند شعوره بالملل أو الوحدة أو قد يقوم بإسقاط ما في داخله على ألعابه، فالطفل المعنّف سواء كان لفظيا أو جسديا تكون طريقة تحدثه هجومية وعدوانية، وقد يقوم بتكسير ألعابه وشتمها والتحدث معها بألفاظ سيئة.
ما دور الأهل؟
قالت الاختصاصية "قد يختار الطفل لعبة من ألعابه تمثله، ويحاول من خلالها التغلب على مخاوفه أو مشاكله أو ما يعانيه من مشاعر سلبية، لذلك للأهل دور في تنمية هذا السلوك عند أطفالهم، بسبب أمور متعددة مثل: إهمال الأم أو الأب للطفل عندما يرونه بدأ الاعتماد على نفسه أو عدم التحاور معه، ومناقشته عما حدث معه خلال يومه للانشغال بالعمل، وغيرها من الأسباب التي قد تبعد الأم والأب عن التفاعل مع أطفالهما".
نوهت إلى أن " يجب على الأهل تقديم بدائل لأطفالهم، حتى لا يتعلقوا بشيء واحد، فمثلا إن لاحظت الأم تعلق طفلها أو طفلتها بلعبة معينة والإكثار من التحدث معها، عليها أن توفر أكثر من لعبة، وتراعي الاختلاف بينهم، أو تسجيلهم في نادي رياضي أو ثقافي، أو تقدم لهم الألوان ودفتر الرسم، أو معجونا، والعديد من الألعاب الترفيهية، التي تمكنهم من التواصل مع أقرانهم، لتنمي لديهم مهارات التواصل الاجتماعي، وتجنبهم الشعور بالوحدة".
وأشارت طوقان إلى ضرورة متابعة الوالدين لطريقة لعب أطفالهم، "حيث يمكن اكتشاف أمور مهمة عند الطفل من خلال لعبه، ومنها تعرضه للتحرش الجنسي أو شعوره بالقلق أو الاكتئاب أو الغيرة، وباقي المشاكل السلوكية عند الأطفال، حيث إن الألعاب وسيلة للعلاج عند الأطفال تساعدنا في اكتشافه وفهم ما يدور بداخلهم، وهذا ما يتم استخدامه مع الأطفال في العلاج النفسي في بعض الأحيان"، بحسب قولها.