بعد الفشل الإسرائيلي في مصادرة الحزن والغضب الفلسطينيين في وداع الصحافية شيرين أبو عاقلة، وملاحقتها وهي مسجاة بالاعتداء على النعش ومراسم التشييع، لكم أن تتخيلوا أن دولة نووية تخاف من نعش يحمل جثمان الشهيدة! يلاحقها القناص القاتل والجنود الخائفون من لعنتها في القدس ، هم سقطوا، ولم يسقط النعش، ونامت شيرين مطمئنة في أحضان مدينتها الخالدة.

لم يتوقف المجرمون عن ملاحقة شيرين، للهروب من مسؤوليتهم عن قتلها، وكل يوم نفاجأ بكذبة جديدة، وبعد أيام من قتلها، طالعتنا الصحف الإسرائيلية، بأن الهدف من اعتقال المطلوب والمطارد من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية محمود الدبعي من مخيم جنين، مرتبط بالتحقيق بمقتل شيرين أبو عاقلة.

العملية العسكرية الخاصة التي نفذها الجيش الإسرائيلي يوم تشييع جثمان شيرين في مخيم جنين، والتي اعتقِل خلالها محمود الدبعي، لها علاقة بالتحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي في مقتل شيرين أبو عاقلة.

تسعى إسرائيل إلى التنصل من المسؤولية في اغتيال أبو عاقلة، مع أن جيشها في بيان له قال، إنه ليس مستبعداً أن يكون مقتل مراسلة قناة “الجزيرة”، شيرين أبو عاقلة، في مخيم جنين، سببه إطلاق جندي إسرائيلي النار من بندقية عليها منظار تليسكوبي.

وكانت “القناة 12” الإسرائيلية نشرت، أنه في جلسة تقييم أمنية في قيادة أركان الجيش الإسرائيلي شارك فيها قائد الجيش، أفيف كوخافي، كان قد سمع تقييمات تقول إن إمكانية إصابة، شيرين أبو عاقلة، برصاص الجيش هي الأرجح. 

إضافة إلى ذلك، فإن صحيفة “هآرتس” نشرت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن “جندياً إسرائيلياً أطلق النار على بُعد نحو 190 متراً من مكان وجود مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في جنين، وقد يكون أصابها”. 

وبحسب ما نشرته الصحيفة، فإن الجندي الذي يخضع للتحقيق في اغتيال شيرين، قال في استجوابه إنه لم يرها، ولا يعرف أنه أطلق النار عليها، وأنه كان يجلس في سيارة رباعية الدفع، متسلحاً ببندقية مزودة بعدسة تلسكوبية.

وكان الوزير الإسرائيلي اليساري نحمان شاي، قال إنه “ربما هناك حاجة إلى مختص أميركي، يكون بإمكانه منح البُعد الدولي ويضيف صدقية لهذا التحقيق. فصدقية إسرائيل ليست أعلى ما يكون في حدث كهذا. وهذا يستند إلى الماضي”. 

وبرغم كل ما نشرته الصحف الإسرائيلية من معلومات ومستجدات وما كشفه التحقيق الذي نشرته صحيفة “هآرتس” من أن عناصر من وحدة المستعربين أطلقوا النار باتجاه الشمال صوب أبو عاقلة، فإن الجيش الإسرائيلي، وفي محاولة منه لطمس الحقيقة والإبقاء على الضبابية في الأدلة.

منذ اللحظة الأولى لاغتيال شيرين، تحاول إسرائيل ممارسة الكذب من خلال عملية احتيال وتضليل، عبر نشر رواية مقتل شيرين ابو عاقلة، ونشر رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت فيديو حول عملية الاغتيال تبين أنه في منطقة مختلفة تماماً عن المنطقة التي سقطت فيها شيرين. 

كل ذلك للتخفيف من حملة الإدانات الدولية الواسعة، السلطة الفلسطينية مستمرة في الترويج لدعاية فاشلة وغير موضوعية، والإصرار على مطالبة السلطة الفلسطينية بتسليمها الرصاصة التي قتلت شيرين، التي استخرجها معهد الطب العدلي الفلسطيني في جامعة النجاح في نابلس من رأسها، ما يعني أنها تريد الحصول على الدليل والأداة التي ارتكبت بها جريمتها.

وفي سياق حملتها الدعائية، وجهت “هيئة الإعلام القومي” الإسرائيلية، رسالة إلى الوزراء والهيئات الإعلامية الإسرائيلية الأخرى، من أجل ترويجها إلى دول العالم والصحافة الدولية، مضمون ما جاء فيها، أن “إسرائيل توجهت بطلب لإجراء فحص مشترك، لكن الفلسطينيين يرفضون ذلك حتى الآن. ومن ليس لديه شيء يخفيه، لا يرفض التعاون”. 

فشلت الدعاية الإسرائيلية في إقناع العالم بالدعاية التي تروج من خلالها روايتها حول اغتيال قواتها شيرين أبو عاقلة، في مخيم جنين. وتواصل إسرائيل الادعاء أن الشهيدة أصيبت برصاصة أطلقها مسلحون فلسطينيون.

تأتي هذه الادعاءات من إسرائيل وأجهزتها الأمنية في سياق المماطلة وطمس الحقائق، وتبديل الروايات الإسرائيلية بشأن ملابسات مقتل أبو عاقلة برصاص قناص إسرائيلي.

وهي محاولة إضافية للتنصل من المسؤولية والتحريض على المقاومة الفلسطينية المسلحة، لزعزعت الثقة فيها من خلال ترويج الإشاعات بشأن مشاركتها في إطلاق النار في المنطقة التي شهدت اغتيال أبو عاقلة.

لم يكن ادعاء اسرائيل مستغرباً فيما يتعلق باعتقال الدبعي ومحاولة زجه في عملية إطلاق النار، فالهدف واضح، من خلال إيجاد صلة بين الحملة العسكرية على جنين واعتقال الدبعي، والادعاء بأن اسرائيل يجري تحقيقاً لتقول للمجتمع الدولي إنها تقوم بمسؤولياتها بإجراء التحقيق، والحقيقة انه خوف من امكانية فتح تحقيق دولي، وفي مواجهة رفض السلطة الفلسطينية إجراء تحقيق مشترك مع إسرائيل.

علماً أن إسرائيل في العادة ترفض خضوع جنودها والمسؤولين فيها للتحقيق الدولي وهذا ما ذكره الوزير نحمان شاي بالقول: “الجنود الإسرائيليون لن يمثلوا أمام أي تحقيق دولي. والتحقيق في الموضوع العملياتي ينفذه الجيش الإسرائيلي، وإذا كانت هناك حاجة إلى دعم قانوني للتحقيق، فسيتم دعمه. ولن نفتح تحقيقاً خارجياً”.

وهو سلوك تمارسه إسرائيل بعدم السماح للجان التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الخمسة عشر عاماً الماضية من دورات عدوانها على قطاع غزة ، وآخرها اللجنة التي شكلها المجلس في التحقيق في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأحداث الشيخ جراح في القدس في أيار/ مايو من العام الماضي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد