تحتفل البشرية في الأول من أيار من كل عام بيوم العمال العالمي والذي جاء نتاجًا للنضالات المطلبية والنقابية التي خاضتها الطبقة العاملة في مواجهة الاستغلال الطبقي والاجتماعي ومن أجل ضمان منظومة من التشريعات الحقوقية التي تحقق التأمين الاجتماعي والصحي لها. 

أصبح الإقرار بمطالب العمال والتي تتضمن تحديد ساعات العمل الى ثمانية ساعات يوميًا وتحسين شروط العمل وضمان السلامة المهنية والتأمينات الاجتماعية كالتعويض عن الإصابة وعن المرض وضمان نظام التقاعد يحقق العيش الكريم للعمال وذويهم معيارًا رئيسيًا تتبناه معظم دول العالم وتفعله في تشريعاتها وقوانينها. 
يقر القانون الدولي والشرعة الدولية لحقوق الانسان بحقوق الطبقة العاملة وتعمل معظم بلدان العالم على اعمال تلك التشريعات الدولية بالقوانين المحلية.

تشهد الطبقة العاملة تراجعًا بالمكتسبات التي حققتها وذلك بسبب سياسة العولمة الرأسمالية وتعزيز الاحتكارات واعتماد التكنولوجيا بدلًا عن العمل المباشر الأمر الذي ساهم بارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع المكتسبات العمالية.

زادت الفجوات الاجتماعية والطبقية في الآونة الأخيرة وكانت أحد نتائجها تهميش قطاعات اجتماعية واسعة وقد برز ذلك أثناء مرض ال كورونا الذي لم ينعم من التطعيمات قطاعات اجتماعية واسعة من البلدان الرأسمالية ذاتها عدا عن العديد من البلدان ما يسمى بالعالم الثالث بسبب احتكار براءات الاختراع وعدم توفير مسارات مناسبة للمهمشين والضعفاء للوصول الى التطعيمات والمراكز الصحية وتغطية استحقاقاتها المالية. 

تعتبر الطبقة العاملة إحدى ضحايا الحروب والصراعات سواءً بين الدول أو الصراعات الاجتماعية الداخلية فالانفاق على التسلح وارتفاع أسعار المحروقات والدقيق يدفع ثمنه العمال حيث تصبح الأولوية ليست للتنمية بأي حال من الأحوال. 

في الضفة الغربية وقطاع غزة ترتفع معدلات الفقر والبطالة وذلك بسبب الاحتلال والاستيطان ومصادرة الأراضي والسيطرة على أحواض المياه والحصار الظالم المفروض على قطاع غزة. 

تبلغ معدلات البطالة في قطاع غزة حوالي 50% من حجم القوى العاملة بما يصل الى حوالي 280الف متعطل عن العمل وتبلغ نسبة الفقر العام حوالي 65% والفقر الشديد حوالي 28% ونسبة انعدام الأمن الغذائي تصل الى أكثر من 60% بينما تصل نسبة الفقر بين أوساط الشباب الى 63% وهي الأعلى بالعالم. 

يعود تدهور مستوى المعيشة للعديد من الأسباب أبرزها الحصار والعدوان وتداعيات الانقسام ونقص التمويل الدولي وتعثر عميلة إعادة الاعمار.

لا أعتقد ان قيام دولة الاحتلال بالسماح لبعض العمال للعمل بالداخل تحت شعار "السلام الاقتصادي" يشكل حلًا جذريًا لأزمة العمال بما يتعلق بالفقر والبطالة حيث تستطيع دولة الاحتلال أن تسحب هذه التصاريح وقتما تشاء علمًا بأن الحل الأمثل يكمن بقيام المجتمع الدولي بالضغط على دولة الاحتلال لإنهاء الحصار وإلغاء المعايير بخصوص المواد "مزدوجة الاستخدام" والتي تعيق عملية إعادة الاعمار الى جانب توظيف التمويل من أجل التنمية وبناء بنية تحتية وقاعدة إنتاجية تساهم في توفير فرص عمل سواءً لللمتعطلين أو للخريجين الجدد حيث يتخرج في الجامعات المحلية في قطاع غزة حوالي 20 الف خريج سنويًا لا يجد أكثر من 5% منهم فرصة عمل، الأمر الذي يدفع بعض القطاعات للهجرة أو للتفكير الجاد بها وهذا يتطلب توفير أدوات ومسارات تكنولوجية حديثة تربط ما بين التعليم والتنمية وتوفر فرص لهؤلاء الخريجين للتواصل التقني مع منصات الكترونية عالمية لتحقيق عملية التشغيل الذاتي الذي أصبح اتجاهًا تنمويًا عالميًا. 

ان انهاء الانقسام سيساهم بالضرورة في تخفيف معاناة العمال والقطاعات الاجتماعية المهمشة من خلال وجود خطط تنموية موحدة وميزانيات تطويرية مشتركة تضع قطاع غزة في صدارة الأولويات. 

وعليه فإن انتخابات للمجلس التشريعي أصبح ضرورة موضوعية ليس فقط بما يتعلق بالبعد الديمقراطي والتشاركي وتجديد الشرعيات ولكن ايضًا بما يعمل على تبني وتنفيذ قوانين مناصرة للطبقة العاملة وللفئات الاجتماعية الضعيفة على أن تقوم الحكومة الموحدة بتنفيذها.

كما بات من الضروري اجراء انتخابات للنقابات العمالية وفق قانون التمثيل النسبي الكامل بما يضمن وحدة الحركة النقابية والعمالية وإعادة ابراز المطالب الاجتماعية والحقوقية في صدارة الأولويات بديلًا عن الخلافات السياسية. 

من الهام أن يحفزنا الأول من أيار على إعادة الأجندة الحقوقية للطبقة العاملة والذي لن يتأتى بدون انهاء الاحتلال والحصار والانقسام وبدون تحقيق نظام انتخابي ديمقراطي برلماني موحد يعزز الشراكة ويعمل على ترجمة القوانين والقرارات لصالح حقوق الطبقة العاملة التي من الهام العمل على أن يكون لها جسم نقابي ديمقراطي منتخب وموحد.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد