أعبر عن حزني العميق لرحيل القائد الوطني الدكتور زهير يوسف العلمي الذي رحل بعد حياة حافلة في خدمة القضية الفلسطينية وفي عمل الخير، فهو من أنبل من أنجبت مدينة غزة وطنية وخلقاً، حيث وضع علمه وجهده وماله في خدمة وطنه، فساهم في مسيرة البناء والتطوير والعمران.

موّل الدكتور زهير العلمي - رحمه الله - عدداً من المشاريع الحيوية في مدينة غزة لرعاية حاجات مجتمعه وأبناء شعبه مؤسسات وأفراداً، وهي حاجات صحية وتربوية واجتماعية وثقافية ورياضية، تشمل، فيما تشمل، ضرورة الحفاظ على التراث الفلسطيني، مادياً كان أو معنوياً، ومنها: مدرسة زهير العلمي الثانوية، ومسجد النور.

وفي هذا السياق أذكر أن المرحوم الدكتور زهير العلمي حرص على دعوة عشر شخصيات من مدينة غزة بواسطة مدير مكتبه المهندس مصطفى أبو شعبان، ليشهدوا حفل افتتاح المشاريع الحيوية التي كان يمولها في مدينة غزة، ومن هذه الشخصيات أذكر المرحوم خميس أبو شعبان، والدكتور رياض الزعنون، وكاتب هذه السطور، وقد حضرتُ بصحبة الأستاذ خميس أبو شعبان – رحمه الله - لحفل افتتاح هذا المسجد يوم الخميس الموافق 18 حزيران/ يونيو 2009م، وقد أعجبت بعمارة المسجد، وتجهيزه على طراز معماري إسلامي متميز.

كما تبرع الدكتور زهير العلمي بتكاليف بناء المبنى الجديد لمركز الوفاء لرعاية المسنين، الذي ضم بين ربوعه (منتدى ومركز آل العلمي الثقافي والاجتماعي) في مدينة الزهراء بقطاع غزة، بتكلفة بلغت 1.7 مليون دولار، تكريماً لذكرى شقيقتهم المرحومة سعاد يوسف العلمي وتخليدها، والتي فقدوها وحزنوا عليها أشد الحزن، جامعين بذلك بين الوفاء والمحبة لشقيقتهم ولمجتمعهم.

وكنت أحد الحاضرين للحفل الكبير بصحبة الدكتور رياض الزعنون الذي أُقيم بمناسبة افتتاح المبنى الجديد لمركز المسنين، وقد انبهرت بعمارته، إذ بُني على طراز معماري فريد، وطُبع في ذهني وكأن المركز تحفة معمارية في ارتقائه وشموخه، تحيط به حدائق فسيحة، تخترقها نافورة عالية في غاية الجمال والدقة، وتزدان بزهورها المتفتحة التي كانت بمثابة الومضات اللامعة التي لفتت أنظار الحاضرين نحو هذا الصرح العملاق.

كما تولى الدكتور زهير مع إخوانه تمويل العديد من المشاريع الأخرى، ومنها: (تأهيل مسجد السيد هاشم بغزة، ومركز المعاقين في حي الدرج، ومركز الحروق في مستشفى دار الشفاء، ومدرسة سامي العلمي، ومدرسة عدنان العلمي).

أما على صعيد العمل الوطني، فقد كان زهير العلمي – رحمه الله - عضواً فاعلاً في المؤتمر الفلسطيني الأول في القدس عام 1964 في عهد (أحمد الشقيري) مؤسس منظمة التحرير الفلسطينية، وساهم في تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وأصبح عضواً في مجلسها الثوري، وكان رئيساً للمؤتمر العام الثالث للحركة الذي عقد في دمشق عام 1970، وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ورئيساً لمجلس إدارة الصندوق القومي الفلسطيني في نفس العام، وشارك في إجراء كثير من الاتصالات بين حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية وبعض الدول العربية، وكان عضواً في عدة وفود لبلدان عربية برئاسة الرئيس ياسر عرفات، وأبو يوسف النجار، وخالد الحسن لحشد الدعم للقضية الفلسطينية، ومنها: وفد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية برئاسة الرئيس ياسر عرفات إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقوا الملك فيصل بن عبد العزيز. كما سافر في آذار 1970 ضمن وفد فلسطين برئاسة خليل الوزير إلى الصين، والتقوا رئيس وزرائها شوان لاي، في أكتوبر 1970.

بهذا الذي ذكرت، وبكثير مما غاب عني، غدا الرجل لي، ولكل مَن عرفه مثلاً يحتذى، وقدوة حسنة، ولن تغيب عن بالي تلك المواقف المشرفة والنبيلة التي شاهدتها وسمعتها من الدكتور زهير العلمي وإخوانه في مناسبات عدة.

وفي الختام أسأل المولى – جلت قدرته – أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد