تفاصيل خطة إسرائيلية للسيطرة عسكريًا على النقب وتهجير سكانه

النقب يشهد محاولات إسرائيلية لتهجير سكانه

وضعت الحكومة الإسرائيلية خطة تهدف للسيطرة على النقب عسكريًا وتهجير سكانه البدو الفلسطينيين.

جاء ذلك في تحقيق نشرته صحيفة هآرتس، اليوم الإثنين.

وبحسب التحقيق المطول الذي كشف عنه البروفيسور غادي الغازي المحاضر في قسم التاريخ في جامعة تل أبيب، فإن الخطة تعود لعملية عسكرية قادها موشيه ديان حين كان قائدًا للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، وهدفها بحسب الوثائق عزل البدو بالقوة عن أراضيهم.

ووجه ديان رسالة آنذاك للإدارة العسكرية والسياسية، أنه في حال لم يتم نقل البدو طواعية من أراضيهم، فإن الجيش الإسرائيلي سيضطر إلى نقلهم بالقوة.

ويرى الغازي، أنه بالرغم من أن وزارة القضاء الإسرائيلية تعتبر أن هذه القضية انتهت مثل سابقاتها، إلا أنه لا تزال هناك فرصة لأن تصبح هذه المواد التي وصفها بـ “التاريخية” لتصبح سابقة قانونية.

ويكشف الغازي في تحقيقه لأول مرة عن العملية التي انطلقت في نوفمبر/ تشرين الثاني 1951، وهي عملية واسعة النطاق قامت بها المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي بموافقة رئيس الأركان آنذاك يغائيل يادين، لإجلاء البدو ونقلهم إلى منطقة أخرى في النقب.

ولفت الغازي أن تلك العملية تنكر إدعاءات دافيد بن غوريون في الكنيست خلال تلك الفترة، حول كيف تمت عملية النقل المنظم للبدو من شمال غرب النقب، إلى منطقة قاحلة من أجل الاستيلاء على أراضيهم.

وأشار الغازي إلى أن تلك العملية غير قانونية، كما يظهر من الملاحظات المتبادلة بين ضباط الإدارة العسكرية الذين نفذوها حينها، مشيرًا إلى أنه لم يتم منح البدو حينها أوامر “نقل” مكتوبة، وأنهم تعرضوا للتهديد والعنف العسكري، وحاولوا التمسك بأراضيهم حتى على حساب الجوع والعطش، وكان يتم نقل تقارير تظهر وكأن العملية نفذت بإخلاء طوعي من السكان البدو.

وقادت عملية البحث التي قام بها الغازي إلى رسالة بعث بها ديان في 25 سبتمبر/ أيلول 1951، إلى هيئة الأركان العامة، طرح فيها إمكانية نقل البدو من محيط “كيبوتس شوفال” إلى المناطق الواقعة جنوب طريق الخليل – بئر السبع، ما سيوفر 60 ألف دونم لإقامة مستوطنات إسرائيلية، وهذا سيعني أنه لن يبقى أي من البدو على شمال طريق الخليل – بئر السبع، وأن ذلك إلى جانب الاعتبارات الأمنية، سيسمح بإلغاء حقهم كملاك أراضي وسيكونون بمثابة مستأجرين للأراضي الحكومية الإسرائيلية.

ويظهر من الوثائق أن الجيش الإسرائيلي استخدم القوة العسكرية في محاولة طرد البدو من أراضيهم، إلا أنهم قاوموا وتم ذلك لاحقًا عبر بعض المفاوضات مع ممثلين عن السكان، وهو ما أكده سكان محليين من سكان قرية العراقيب التي تم تقليص مساحتها بعد الاستيلاء على غالبية أراضيها في تلك السنوات، وأنهم كانوا يتعرضون للمضايقات والاعتقالات والاعتداءات المتكررة حينما كانوا يحاولون العودة إلى أراضيهم التي تم إخلاؤها باتفاق أن يعودوا إليها بعد أن يتم إجراء تدريبات عسكرية فيها.

ويقول الغازي إن إسرائيل غرست في البدو شعور بأن الإخلاء مؤقت فقط، وأنه يأتي لأهداف مختلفة منها عسكرية ومنها لفلاحة الأرض وغيرها، وأن بعض السكان قدموا أمام المحاكم الإسرائيلية أوراق من الحاكم العسكري الإسرائيلي بأن إخلاء بعضهم من أراضيهم سيكون لمدة 6 أشهر فقط وستعود الأراضي لهم.

وخلال جلسات قضائية عقدت في محاكم خلال السنوات الأخيرة بشأن محاولات تهجير البدو من النقب، عارض ممثلو النيابة الإسرائيلية، رأي الغازي الذي تحدث أمام المحاكم حول القضية، بأن عملية تهجير أهالي النقب تتم لاعتبارات مدنية وليست عسكرية وأمنية، فيما ادعى “ممثلو النيابة والدولة” أن موشيه ديان لم يكن يعرف المعايير التي تم سنها لاحقًا في القوانين.

ويقول الغازي تعليقًا على ذلك “مع ذلك قد يكون هناك من يجادل أن ديان ربما يكون على علم بخطط سياسية طويلة المدى بحكم موقعه ومكانته”.

ويحضر الغازي في الآونة الأخيرة جلسات قضائية حول بعض القضايا التي رفعت من أصحاب أراضٍ في قرية العراقيب للمطالبة باسترجاع أراضيهم المصادرة، ووجود اثباتات بحوزتهم تؤكد ملكيتهم لها.

ويعلق الغازي على الجهود القانونية الجارية، إن من نفذوا العملية في ذاك العهد وكانوا يعرفون أنها ليست قانونية حرصوا على عدم كتابة ذلك، وأن ما يتعلق بأحداث وقعت قبل 70 عامًا، فإن ما تم كشفه فقط هو بعض الوثائق الموجودة في أرشيف الجيش الإسرائيلي، ونحن ننتظر اليوم الذي يمكننا فيه مراجعتها جميعها.

المصدر : صحيفة القدس

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد