عيسى يطالب بتعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية لقطاع التعليم بالقدس

رام الله / سوا / قال الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات أن مدينة القدس المحتلة تعاني من انهيار شبه كامل في قطاع التعليم.

مشيرا ان ذلك هدف رئيس تعمل حكومات الاحتلال المتعاقبة على تحقيقه نظراً لأهمية قطاع التعليم ودوره الاساسي في تنشئة جيل واع لقضيته.

 وأضاف، "قطاع التعليم في المدينة المقدسة المحتلة هدفاً رئيساً لسلطات الاحتلال لتدميره واضعافه، واصبح يعاني من سياسات الاحتلال كغيره من القطاعات، حيث الالاف من الطلاب باتوا دون مقاعد دراسية، والعديد من المدارس تفتقر لأدني المقومات والاساسيات من معلمين وقرطاسية وخدمات، ناهيك عن تهويد المناهج الدراسية وتحريفها، اضافة لوضع معيقات امام عملية بناء المدارس وترميمها".

 

وأوضح عيسى، "القدس بتاريخها القديم والمعاصر تعتبر مركزاً تعليمياً لفلسطين ضمّ أفضل المؤسسات التعليمية التي تماثلت مع الأهمية السياسية والاقتصادية والخدماتية للمدينة، وتعاظمت محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لعزل القدس عن محيطها المباشر وباقي الأراضي الفلسطينية، وقد انعكس ذلك على الوضع التعليمي في المدينة فتضاءل عدد الطلاب الذين قدِموا من قرى القدس المحيطة، ومناطق أريحا و بيت لحم ورام الله مع تشديد سياسة الإغلاق والحصار".

 

وتابع، "بحلول العام 1996 أصبح عدد هؤلاء لا يتجاوز العشرات مقابل الالاف قبل سياسة الإغلاق، وبالإضافة إلى الطلاب فإنّ قرابة 60% من المعلّمين في مدارس القدس الخاصة والحكومية (تحت إشراف وزارة التعليم الفلسطينية) هم من غير المقدسيّين وأصبح التحاقهم بصفوفهم مخالفة قانونية تعرّضهم للملاحقة والاعتقال، كما أنّ إقامة الجدار الذي شارف على الانتهاء سيضع المدينة أمام تحدٍّ جديد يهدّد انهيار المسيرة التعليمية".

 

ولفت أمين نصرة القدس، "نتيجة لنكبة 1948، انقسمت مدينة القدس إلى شطرين، وقع الجزء الغربي منها تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين دُمج الجزء الشرقي منها وباقي الضفة الغربية مع المملكة الأردنية الهاشمية، وبذلك أتبعا للنظام التعليمي الأردني. وفي عام 1950 أُنشئت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين ( الأونروا )، والتي وفرت في البداية تعليماً مدته 9 أعوام للأطفال المقدسيين".

 

ونوه د.عيسى، "في 1994/8/28 أُنشئت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية فتسلمت هذه الوزارة مسؤولية التعليم بجميع جوانبه في الضفة الغربية وقطاع غزة ، باستثناء القدس، حيث استلمت فقط مدارس الأوقاف، أما اليوم فتتوزع الهيئات المشرفة على التعليم في القدس على أربع جهات رئيسة، هي: الأوقاف الإسلامية (وتتبع للسلطة الوطنية الفلسطينية)، ووزارة المعارف وبلدية القدس التابعتان للاحتلال، والقطاع الخاص، ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)".

 

وقال، "بعد هزيمة العرب في حرب 1967 واحتلال الإسرائيليين شرقي القدس، ألغت سلطات الاحتلال العمل بقانون التعليم الأردني ووضعت التعليم الابتدائي تحت رقابة وزارة المعارف الإسرائيلية، والتعليم الثانوي تحت رقابة بلدية القدس الإسرائيلية، كما أغلقت مكتب التعليم في محافظة القدس، واعتقلت العديد من مسؤولي التربية والمعلمين بمن فيهم مدير التربية، أما المدارس الخاصة المحلية والأجنبية فسمح لها بإدارة شؤونها، وإن ظلت تخضع لضغوط مباشرة وغير مباشرة لمحاباة سياسات الاحتلال، وخاصة في المناهج".

 

وبين الأمين للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، "من أبرز معيقات التعليم وتطوره في القدس المحتلة هو افتقار المدينة لمرجعية موحدة لإدارة العملية التربوية، فمن جهة تفرض سلطات الاحتلال نفسها من خلال مدارس المعارف والبلدية، ومن خلال التضييقات المختلفة التي تمارسها على المدارس الأخرى، ومن خلال ضمها شرقي القدس إدارياً إلى دولة الاحتلال".

 

وأوضح د. حنا عيسى، وهو أستاذ وخبير في القانون الدولي، "من جهة ثانية، تعتبر السلطة الفلسطينية شرقي القدس جزءاً إدارياً من الضفة الغربية، ولكن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لا تدير فعلياً إلا مدارس الأوقاف، وتتعاون مدارس وكالة الغوث مع توجهات هذه الوزارة، أما المدارس الأهلية والخاصة فإنها مختلفة الانتماءات والتوجهات، فمنها ما يتعاون مع الوزارة الفلسطينيةً، ومنها ما يتمتع بدعم سلطات الاحتلال وبالتالي يحابيها، ومنها ما هو مستقل أو يتبع لهيئات عربية أو دولية أو دينية مختلفة، لذلك بات التعليم في القدس يعاني من سياسات مختلفة وتوجهات متناقضة ليكون الطالب هو الضحية".

 

وأشار، "يعتبر عدم وجود مصادر تمويلية ثابتة ومستقرة وميزانيات كافية ومستمرة تغطي احتياجات القطاع التعليمي من مشاكل التعليم الاساسية في القدس المحتلة، ومن أبرز نتائج هذه المشكلة النقص في عدد المدارس وعدم كفايتها لأعداد الطلاب المتزايدة، وعدم صيانة أو توسيع القائم فيها، مما أدى الى استئجار مبان غير مؤهلة، وحاويات وأبنية متنقلة وملاجئ ومخازن وممرات، واستخدامها أماكن للدراسة تفتقر للحد الأدنى من الظروف الصحية والتصميمية والمرافق التعليمية المناسبة".

 

وقال، "ذلك الأمر الذي أدى إلى ازدحام واكتظاظ الصفوف الدراسية لضيقها ولعدم إمكانية التوسع ببناء مدارس جديدة أو ترميم بعضها الآيل للسقوط حيث باتت تبلغ الكثافة الصفية حوالي 30 طالب بالصف الواحد، ناهيك عن ازدياد المشاكل في البنى التحتية للمدارس وتردي حالة الكثير منها لافتقارها للمرافق والساحات والتجهيزات المخبرية والطواقم الإدارية التعليمية والخدمات لأساسية اللازمة للعملية التعليمية والملائمة للبيئة المدرسية ورياض الأطفال، ونقص البرامج لذوي الاحتياجات الخاصة وعدم توفر الأماكن التي تخصص للأنشطة اللامنهجية كالمكتبات والقاعات والصالات وملاعب الرياضة وخلافه".

 

وذكر القانوني حنا، "اضافة للمشاكل التي تعاني منها المباني والمستلزمات التعليمية في القدس المحتلة، فان المنهاج الدراسي بين يدي الطلبة المقدسيين يتعرض للتعديل والتشويه وحذف أجزاء من الكتب الدراسية وطمس مادة العقيدة الإسلامية، وغياب بعض السور القرآنية، وتجزئة مادة التاريخ، وتحريف أسماء المدن الفلسطينية بدواعي تحريضية بهدف تهويد واسرلة منهاج التعليم في القدس، بخطوات مدروسة وممنهجة لتجهيل ونشر ثقافة التخلف".

 

ونوه استاذ القانون، أمين نصرة القدس، "من المشاكل والمصاعب التي تواجه التعليم في القدس المحتلة تنامي نسبة التسرب والتسريب خاصة المراحل العليا التي تجاوزت أكثر من 50% بين أبناء المدينة، جراء جذب سوق العمل الإسرائيلي لهم بسبب ارتفاع الأجور، ومشاكل النظام التربوي كالنقص في عدد المدارس، والغرف الصفية الضيقة والتي تفتقر للشروط الصحية والسلامة التربوية، وتوتر علاقات المعلمين مع الطلبة والتي لعبت دوراً كبيراً في التسرب حتى أصبحت ظاهرة مقلقة للغاية، خصوصاً وان ذروتها بالمرحلة الثانوية".

 

وحذر د. حنا عيسى، وهو دبلوماسي سابق في روسيا الاتحادية، "تتعمد وزارة التعليم الإسرائيلية المساس باللغة العربية ومحاولة طمسها من خلال احتواء المناهج على أخطاء لغوية واستبدال اللغة الفصحى باللهجة العامية، أما بخصوص الجامعات الإسرائيلية التي يدرس فيها الطلاب العرب فقد لوحظ أن التدريس يتم بالعبرية وموضوعات النحو والصرف مهمشة في المناهج، كما أنها تفتقر لكل ما يتعلق بجماليات العربية التي تحبب اللغة إلى المتلقين وخاصة الأطفال منهم، في محاولة واضحة لقيام العبرية محل العربية وتشويه الهوية الإنسانية الوطنية والقومية للطالب المقدسي".

 

وقال، "لمواجهة الواقع التعليمي الصعب في مدينة القدس المحتلة لا بد من تطوير وتفعيل واقع التعليم في المدينة بالقدر الذي يعزز الصمود ويحافظ على الهوية الوطنية الفلسطينية. والعمل على تخصيص موازنة مستقلة، وضرورة تعامل المجتمع الدولي مع القدس كأراض محتلة، وبالتالي تفعيل دور مديرية تربية القدس الشريف كمرجعية لقطاع التعليم في المدينة".

 

وأضاف الدبلوماسي عيسى، "يتوجب القيام بتعزيز وعي المواطنين في القدس حول أهمية التعليم في العملية التنموية، وفضح الممارسات الإسرائيلية في قطاع التعليم التابع للبلدية والمعارف الإسرائيلية وفلسفتها المدمرة على المدى البعيد. وممارسة ضغوط محلية ودولية على سلطات الاحتلال لوقف تقييد حرية الحركة للطلبة والمعلمين وتجنيد مؤسسات حقوق الإنسان للمساهمة في ذلك. وتوفير منح دراسية لخريجي الثانوية العامة بدلا من التوجه لسوق العمل الإسرائيلية".

 

وشدد د. عيسى، "هناك ضرورة لإيجاد مرجعية موحدة لقطاع التعليم في القدس، والاهتمام بتأهيل الكوادر التعليمية من خلال تنظيم البرامج التدريبية المختلفة بشكل دوري، والتركيز على احتياجاتهم، خاصة في بيئة الاحتلال. وتأمين الدعم المادي، للطلاب والمدارس على حد سواء. فسيحدّ هذا الدعم من نسب التسرب العائدة إلى ضيق الظروف الاقتصادية. كما سيمكن هذا الدعم المدارس من دفع رواتب مغرية تجذب أصحاب الكفاءات. كما ولا بد من التذكير الدائم بأن جذر المشكلة هو الاحتلال.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد