هل تلجأ الدول المانحة إلى إعادة إعمار غزة عن طريق المؤسسات الدولية؟
غزة / خاص سوا/ أثارت الزيارات العديدة والمتتالية التي قامت بها وفوداً أوروبية إلى قطاع غزة في الآونة الأخيرة علامات استفهام كثيرة حول أهداف تلك الزيارات وأبعادها، على الرغم من تفسير البعض لتلك الزيارات بأنها تهدف إلى التعرف على أوضاع غزة الكارثية والتأكد من التحذيرات التي تطلق بين الفينة والأخرى من انفجار الأوضاع مجدداً في قطاع غزة.
فيما نقلت صحيفة خليجية عن مصادر فلسطينية قولها أن الهدف الأبرز لتلك الزيارات هو البحث في طرق وبدائل للبدء بعملية إعادة إعمار قطاع غزة في ظل تصاعد الخلافات بين حركتي فتح و حماس ، والتي تقف حائلاً دون البدء الحقيقي بعملية الإعمار وايصال الأموال، ناهيك عن استمرار الحصار وشح مواد البناء المدخلة إلى قطاع غزة.
وأرجعت تلك المصادر الاندفاع الأوروبي تجاه غزة سببه التحذير الدولي المتكرر من الانفجار، بسبب تأخر الإعمار، مشيراً لصحيفة "رأي اليوم" أن الأوروبيين في ظل عدم ممانعة الاحتلال للإعمار شرط الرقابة الدولية، بدأوا ببحث بدائل جديدة لتنفيذ المرحلة الأولى من الإعمار، عبر ضخ أموال الإعمار من خلال مؤسسات الأمم المتحدة العاملة في غزة، مع استمرار الخلاف حول الإشراف على الإعمار بين حكومة الوفاق الفلسطينية وبين حركة حماس.
فالشرط السابق للأوروبيين من أجل بدء الإعمار كان تسليم معابر غزة إلى الحكومة، بدلاً من أن تكون في قبضة حماس، وهو أمر لن يتم في الوقت القريب بسبب تصاعد خلاف الأطراف الفلسطينية، دون مراعاة ظروف السكان المحاصرين والفقراء، لكن ذلك سيجرى الالتفاف عليه من خلال بدء المرحلة الأولى من مشاريع الإعمار في قطاع غزة من خلال الأمم المتحدة، التي تستطيع أن تنسق لإدخال مواد البناء مع الجانب الإسرائيلي دون الحاجة للسلطة الفلسطينية، وبدون أن تدفع ضرائب للسلطات في غزة.
استماع للشكاوى
رئيس شبكة المنظمات الأهلية في غزة ومدير مؤسسة الضمير لحقوق الانسان "خليل أبو شمالة" والذي التقى بالعديد من تلك الوفود، أوضح أن الهدف من تلك الزيارات هو التأكد من التقارير التي تحذر من انفجار الأوضاع في غزة وبدء فقدان السكان للأمل بإعادة إعمار حقيقة، بالإضافة إلى استماعهم للشكاوى من عدم وصول أموال الاعمار إلى غزة بما فيها إلى وكالة الغوث.
وأشار إلى أن الهدف الآخر من تلك الزيارات هي التقارير الصادرة عن البنك الدولي والتي تشير إلى نتائج صادمة للأوضاع الانسانية في قطاع غزة، والتي سجلت أرقاماً غير مسبوقة كالفقر والبطالة والأوضاع النفسية.
وبين أبو شمالة في حديث لوكالة (سوا) الإخبارية صباح اليوم الاثنين، أن الكثير من الضيوف والشخصيات الأوروبية التي حضرت إلى غزة وصلت لها رسالة أن استمرار الحال هكذا سيفجر الأوضاع ولا أحد يعلم أين ستكون وجهة ذلك الانفجار.
ولفت إلى أنهم ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص أوضحوا للوفود أن عملية إعادة اعمار غزة يجب أن تكون منفصلة عن أي موضوع سياسي، فآلاف المواطنين ما زالوا في مراكز الايواء ينتظرون ادخال مواد الاعمار.
وشدد على أنهم أكدوا لجميع الوفود بأن خطة سيري مرفوضة لأنها تعمل على مأسسة الحصار وليس انهائه، والدليل على ذلك أن الركام ما يزال موجوداً وآلاف المواطنين في مراكز الإيواء، ووكالة الغوث تطلق نداءات الاستغاثة من أجل ارسال الأموال لدفع ايجارات للمتضررين.
وأكد أبو شمالة على أن كل البدائل لا تسد حاجة السكان في قطاع غزة، فالمعابر مغلقة وإسرائيل تتحكم في إدخال مواد البناء، محذراً من أن استمرار العمل بهذه الآلية سيجعل عملية إعادة الإعمار تأخذ عشرات السنوات.
وحول رد الوفود على ما يتم طرحه في جلسات النقاش، بين أبو شمالة أن من يأتي إلى غزة ليس بصانع قرار بل هو ممثل عن دولة يستمعون منا ويرفعون ذلك للحكومات في الدول الأوروبية.
زيارات بروتوكولية
من جانبه، اعتبر الخبير والمحلل الاقتصادي "ماهر الطباع" الزيارات التي قامت بها الوفود الأوروبية لقطاع غزة في الآونة الأخيرة بأنها زيارات بروتوكولية، فالتقارير الدولية الصادرة عن عدة جهات كالبنك الدولي ووكالة الغوث وغيرها والتي حذت من أوضاع غزة الكارثية لا تحتاج لزيارات بروتوكولية بل إلى تحرك عاجل.
وأوضح الطباع في حديث لوكالة (سوا) الإخبارية صباح اليوم الأربعاء، أن تقرير البنك الدولي الأخير بين أن ما تم ايصاله من أموال المانحين لإعادة إعمار قطاع غزة حتى نيسان الحالي 1 مليار من أصل 3.5 مليار دولار.
وتساءل الطباع، أين ذهبت هذه الأموال إن وصلت فعلاً، فإعمار قطاع غزة لم يبدأ فعلياً، مشيراً إلى أن الكثير من الأموال التي وصلت وكالة الغوث مؤخراً جزء كبير منها كان يصل إليها قبل الحرب لتقوم بالتزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
هذا وكانت الدول المانحة قد تبرعت بأكثر من خمسة مليارات دولار لإعمار غزة لكن لم يصل من هذه الأموال إلا القليل، لإعمار آلاف المنازل والمباني الحكومية التي دمرت في الحرب، وبسبب التأخير في الإعمار الذي لم تبدأ خطواته العملية الحقيقية بعد، حذرت العديد من المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة من انفجار وشيك في غزة.