على الرغم من وضوح سياسة الحكومة الاسرائيلية وتجاهل رئيسها نفتالي بينت القضية الفلسطينية هي السمة المميزة لنهج اقطاب الحكومة، وقوله إن على الفلسطينيين أن يتحملوا المسؤولية عن أفعالهم وأن يفهموا أن العنف سيواجه برد حاسم، وأن الهدوء الأمني وانشغال الفلسطينيين بالشؤون المدنية سيؤديان إلى تطورات في المجال الاقتصادي وتقليل الاحتكاك مع الجيش الإسرائيلي وإلى تقليص الصراع.

خلال الايام الماضية صدرت تقارير عن منظمات حقوق انسان اسرائيلية بشأن تصاعد واتساع اعتداءات المستوطنين الإرهابية ضد الفلسطينيين، إضافة إلى ما نشر من معطيات لجهاز الأمن الاسرائيلي عن توثيق عشرات الاعتداءات من قبل المستوطنين ضد فلسطينيين.

بينما ذكرت منظمة "ييش دين" لحقوق الانسان، فإنه تم توثيق 540 اعتداء للمستوطنين ضد فلسطينيين، في السنوات الثلاث الأخيرة، لكن الفلسطينيين قدموا 238 شكوى حيالها فقط إلى الشرطة الإسرائيلية بمساعدة "ييش دين".

وهذا ما أكدته منظمة "بتسيلم" الاسرائيلية لحقوق الانسان حول اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وتوثق قسما منها، بأنه تم رصد تصعيدا بنسبة 28% في اعتداءات المستوطنين، حيث نُفذ 247 اعتداء في العام الحالي مقابل 192 في العام الماضي.

وفي ذات السياق قال مدير منظمة بتسيلم، حغاي إلعاد، إن الحديث عن اتجاه كهذا أو ذاك يمنع رؤية الصورة الكاملة. فهذا واقع دائم، ويحقق إنجازات إستراتيجية في سياق السيطرة على أراض فلسطينية. وهذا ما تقوم اسرائيل تنفيذه، بعدة طرق، قسم منها منظمة بمصادقة المحكمة، وأحيانا يتم ذلك بالعنف الذي يحقق نتائج إستراتيجية.

هدف اسرائيل والمستوطنين وارهابهم هو سلب الأراضي من الفلسطينيين، وهذه المعطيات حول ظاهرة عنف وارهاب المستوطنين تدحض زعم رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت أنها ظاهرة هامشية، ودليل على دعم الحكومة والاجهزة الامنية والجيش وحماية المستوطنين، حتى لو تم فتح تحقيق، فهو شكلي ولا يحقق العدالة للفلسطينيين فهم لا يثقوا بجهاز التحقيق ونظام العدالة الاسرائيلية..

ومع كل هذه المعطيات ومؤشرات ارتفاع نسب جرائم وارهاب المستوطنين، توضح قصر النظر لوزارة الخارجية الفلسطينية التي تنظر بإيجابية لتصريح وزير الامن الاسرائيلي عومير بار ليف بشأن اعتداءات وعنف المستوطنين، الذي قال فيها: إن إسرائيل تنظر بخطورة إلى العنف من جانب المستوطنين، وأنه يعمل سوية مع وزارة الأمن من أجل اجتثاث هذه الظاهرة، أنها خطوة أولى في الاتجاه الصحيح، واعتبرت الخارجية انه أول اعتراف رسمي من قبل وزير في الحكومة الإسرائيلية بالانتهاكات والجرائم التي يرتكبها عناصر الإرهاب اليهودي بحق الفلسطينيين.

والاكثر سذاجة من قصر النظر هو مطالبة الخارجية الفلسطينية، وزراء أحزاب الوسط واليسار في الحكومة الإسرائيلية بأن يخرجوا عن صمتهم ليعلنوا بكل وضوح إدانتهم ومعارضتهم لإرهاب المستوطنين واعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وارضهم وممتلكاتهم، بما يساهم حقيقة في إنجاح إجراءات بناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ويساعد أيضا في توفير المناخات والأجواء اللازمة لاستعادة الأفق السياسي لحل الصراع.

لم تنظر وزارة الخارجية في ثبات وموقف بارليف الذي تراجع عن تصريحاته وان حكومته ووزارته لا تفعل شيئاً ضد المستوطنين، وان حكومة بينيت وتحالفه مع الوسط واليسار الصهيوني، اضافة الى حزب عربي لم تغيير في سياسة اليمين.

الحقيقة الساطعة هي طبيعة الحكومة الاسرائيلية وارهابها هي وصف رئيس الحكومة الإسرائيلية بينيت، أن اعتداءات المستوطنين هي ظاهرة هامشية وأنها تأتي ردا على معاناة المستوطنين من عنف وإرهاب الفلسطينيين، واعتبار وزيرة الداخلية، أييليت شاكيد، أن المستوطنين هم "ملح الأرض".

ومع مرور نصف عام على تشكيل الحكومة الاسرائيلية أصبح الامر اكثر وضوحا تجاه المسألة الفلسطينية وتعمل الحكومة بكافة تناقضاتها بصورة كبيرة على الدفع بسياسة اليمين الإسرائيلي لتعزيز الاستيطان الإسرائيلي القائم في الضفة الغربية و القدس وهضبة الجولان السوريّة المحتلة وإقامة مستوطنات جديدة..

والحكومة اتخذت قرارًا بإقامة ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة الغربية، وتعمل بجدية لاستكمال البناء الاستيطاني في مناطق متعددة في الضفة الغربية والقدس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد