والدة الأسيرين شاهر وباهر العشة: الاحتلال يريد تصفية ولدَايّ

نابلس /سوا/ "رغم الوجع والألم والعذاب، لم ولن افقد الأمل، وفي كل لحظة أتمنى رؤيتهما أمامي يعمران منزلنا بالفرح والسعادة، فالسجون لن تدوم إلى الأبد".

بهذه الكلمات تصبّر أم أكرم العشة نفسها في ظل استمرار غياب ابنيها الأسيرين شاهر وباهر اللذين يقبعان في سجون الاحتلال منذ 14 عاما.

وتعيش "أم أكرم" من مدينة نابلس صنوف الألم والمعاناة والقلق على حياة ابنها الأسير شاهر بركات العشة، جراء رفض الاحتلال الإفراج عنه رغم تدهور وضعه الصحي، وكذلك معاناة ابنها الأسير باهر من مرض "الربو"، وعدم توفير العلاج المناسب له.

من سجن لآخر، ومن مؤسسة حقوقية إلى أخرى، تتنقل "أم أكرم" باستمرار، تقسم حياتها بين زيارة ولديها ومتابعة قضيتهما كونهما يعانيان من عدة أمراض وترفض إدارة السجون الإفراج عنهما، وتمنع عنهما الدواء والعلاج.

وتقول أم كرم لـ "مكتب اعلام الأسرى": "كل لحظة يمضيها ابني شاهر خلف القضبان، يدفع ثمنها مضاعفا من صحته وحياته، فرغم أنه كان يتمتع بصحة ممتازة ولم يعاني من اية أمراض قبل اعتقاله، فان حالته أصبحت في خطر لان إدارة السجون تتجاهل حالته ولا تبدي أي اهتمام به".

وتضيف: "بعد التحقيق وظروف الاعتقال القاسية، أصبح ابني يعاني من عدة مشاكل صحية، بدأت بإصابته بفشل كلوي، ورغم مضاعفاته استمروا بإهماله حتى ساءت حالته".

وتضيف: "تعمدوا نقله بين السجون لحرمانه من العلاج، واليوم يعاني من مشاكل بالأعصاب وأوجاع بالمعدة، كما أنه لا توجد أسنان في فمه، ويواجه مشاكل كبيرة في تناول المواد الغذائية، وترفض إدارة السجون إدخال خلاط يسهل تناوله الغذاء، وحتى يتخلص من مشاكل سوء الهضم نتيجة بلعه للطعام، ورغم انه يتناول 12 نوعا من الأدوية، إلا أن حالته الصحية لم تتحسن مطلقا".

وتقول "أم أكرم" وقد غلبتها الدموع: "قدمنا عشرات الطلبات لإطلاق سراحه نظرا لحاجته الماسة لرعاية وعلاج مستمر، وتدخلت كافة المؤسسات، لكن دون جدوى، وما تقدمه له الإدارة من أدوية لم يخفف معاناته، لانها تمارس بحقه سياسة الإهمال الطبي الممنهجة، فهو بحاجة للإقامة بالمستشفى وفحوصات وعلاج مستمر، وحياته عرضة للخطر اذا استمر اعتقاله".

وتعتبر الوالدة "أم اكرم" ما يتعرض له ابنها شاهر من إهمال، نوعا من العقاب والانتقام منه، فمنذ صغره انخرط في مقاومة الاحتلال وهو على مقاعد الدراسة، ولم يتمكن من مواصلة دراسته بسبب اعتقالاته المتكررة.

وخلال انتفاضة الأقصى إدراج اسمه ضمن قائمة المطلوبين، واستمر الاحتلال في ملاحقته ونصب الكمائن له، حتى تمكن من اعتقاله عام 2001 على الطريق بين نابلس وطولكرم، وتعرض لتحقيق عسكري في سجن "بتاح تكفا"، وصدر بحقه حكم بالسجن مدة 20 عاما.

ورغم انتهاء مطاردة شاهر باعتقاله، إلا أن معاناة عائلته أخذت شكلا اخر، وتقول أم اكرم: "عشنا أياما عصيبة وقاسية بعدما حرمنا من زيارته لمدة 5 سنوات، فتعرض للعزل والنقل بين السجون ولم نتمكن من معرفة أي معلومات عنه".

وتضيف: "اكثر محطات العذاب التي لن ننساها حرمان ابني من طفله جهاد الذي كبر وهو بعيد عنه، وهو محروم من حضنه وحنانه، ودوما ابكي عندما اشعر بما يكابده من ألم لشوقه لوالده".


وتكمل: "حفيدي جهاد الذي يبلغ من العمر اليوم 19 عاما لم ير والده منذ 3 سنوات، لان الاحتلال يرفص منحه تصريح زيارة، أما زوجي الطاعن بالسن والمريض بالسكري والضغط، فمنذ عامين قرر الاحتلال حرمانه من رؤية ابنه، فإلى متى تستمر هذه العقوبات الظالمة، أملنا برب العالمين أن نتخلص من السجون ويجتمع شملنا من جديد".

مأساة عائلة العشة تجددت باعتقال الاحتلال لابنها الثاني "باهر"، وتقول ام اكرم: "بسبب مشاركته في مقاومة الاحتلال خلال انتفاضة الأقصى، ادرج اسمه هو الآخر على قوائم المطلوبين، وبعد التهديد بتصفيته، انتقل من نابلس إلى رام الله ، وتمكن الاحتلال من اعتقاله من مقر الرئاسة في المقاطعة خلال حصار الرئيس ياسر عرفات، وبعد التحقيق حوكم بالسجن مدة 22 عاما".

ونتيجة لوجود ابنيها في سجنين مختلفين، تجد "أم أكرم" نفسها تارة في زيارة شاهر وتارة في زيارة أخيه باهر، وتقول: "إمعانا في عقابنا والانتقام منا، رفضوا جمعهما في سجن واحد، وحاليا يقبع شاهر في مجدو، وباهر في سجن شطة، وفي كل زيارة أتجرع كل صنوف المعاناة والحسرة والألم، فلا يوجد أصعب من غياب الاحبة".

وتضيف: "لا تجف دموعي أبدا، خاصة في ظل حرماني من اجتماع الشمل بهما حتى خلف القضبان، فكل أبنائي محرومين من زيارتهما سوى مرة واحدة كل عام".

وتؤكد "أم أكرم" أن ابنها الأسير باهر لم يتلق أي علاج منذ اعتقاله، فهو يعاني من مرض الربو، وتقول: "قدمنا عدة طلبات لزيارة طبيب مختص لفحصه وعلاجه، ولكن دون جدوى، الاحتلال يريد تصفية ولدَيّ في سجونه، لكن وكلتهما لرب العالمين ليحفظهما ويرعاهما حتى يكرمنا بحريتهما".

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد