الرئيس عباس يتحدث عن تطورات المصالحة وملفات فلسطينية أخرى
من المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، غدًا الثلاثاء، في العاصمة موسكو.
وخلال ذلك تحدث الرئيس عباس في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" عن ملفات فلسطينية عدة من بينها المصالحة والانتخابات التشريعية وموقع الإدارة الأميركية من القضية الفلسطينية.
وأكد الرئيس عباس "التزامه بوحدة الأرض والشعب" مؤكدًا على "ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية يلتزم جميع أطرافها بالشرعية الدولية".
وفيما يلي المقابلة مع الرئيس عباس كما نشرتها "سبوتنيك":
-هل افتتاح قنصلية أمريكية في القدس الشرقية للفلسطينيين يأتي ضمن سياسة التوازن لإدارة الرئيس جو بايدن في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، أم أنها مجرد ذر للرماد في العيون للتغاضي عن عمليات الضم الإسرائيلية للمناطق الفلسطينية؟
قرار إعادة افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس هو جزء من التزامات إدارة بايدن التي تم الإعلان عنها رسميا خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن الأخيرة إلى رام الله ، والتي أعلن فيها أيضا ان هذه القنصلية مخصصة لخدمة الفلسطينيين والعمل معهم، وأنها ستكون مرتبطة مباشرة بوزارة الخارجية الأمريكية، ومستقلة عن سفارة واشنطن لدى إسرائيل، ونحن لن نقبل بغير ذلك، حيث أن القدس الشرقية هي مدينة محتلة منذ العام 1967، وهي عاصمة أبدية لدولة فلسطين، علماً بأن هذه القنصلية قد تم إنشاءها عام 1844 وبقيت تمارس عملها دون انقطاع، إلى أن جاء قرار ضمها إلى السفارة الأمريكية في القدس بعد الإعلان عن صفقة القرن .
-هل اقترحت الإدارة الأمريكية الجديدة خطة بديلة للسلام أم أن صفقة القرن لم تمت بعد؟
في الاتصال الهاتفي الذي جرى معي في شهر مارس (آذار) الماضي، أكد لي الرئيس جو بايدن أن سياسة إدارته ليست كسابقتها، وأنها تعتبرنا شركاء في صنع السلام، وإن إدارته تؤمن بحل الدولتين، وأنها ملتزمة بالمحافظة على الوضع التاريخي في الحرم الشريف، وأنها ضد الاستيطان، وكذلك ضد الأعمال أحادية الجانب كما وأنه في جميع الاتصالات والمحادثات التي جرت مع الإدارة الأمريكية أعربت عن التزامها بحل الدولتين وبالقانون الدولي، ونحن بانتظار تنفيذ هذه الالتزامات.
-الانتخابات الفلسطينية تم تأجيلها. هل هناك موعد محدد لعقد هذه الانتخابات في القريب العاجل، أم أنّ الأمر يعتمد على الموافقة الإسرائيلية لإجرائها خاصة في القدس الشرقية؟
سنقوم بعقد الانتخابات الفلسطينية بمجرد الحصول على الموافقة على عقدها في القدس، وقد سبق أن تم عقد الانتخابات سابقا في القدس وفق الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين، علماً أننا ننظم حاليا انتخابات البلديات التي تجري في الشهر المقبل.
-أعطيتم مهلة 365 يوما لإسرائيل حتى تنسحب من أراضي الـ67 ومضى على هذه المهلة أكثر من 40 يوما، هذه ليست المرة التي تهددون فيها تل أبيب سواء بالانسحاب من الاتفاقيات أو وقف التنسيق الأمني. ما الذي يختلف هذه المرة؟ في حال لم تستجب إسرائيل هل ستحل السلطة نفسها بشكل كامل وما هو مستقبل العاملين ضمن مؤسسات السلطة في هذه الحالة؟ وكيف سيكون شكل الصراع حينها مع إسرائيل؟
في خطابنا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وضعنا الجميع في صورة الممارسات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطينية، والتي تشمل الاستيطان والضم والقتل وهدم المنازل والتضييق الاقتصادي والحصار المفروض على قطاع غزة ، والتمييز العنصري والتطهير العرقي.
هذه الممارسات الإسرائيلية تؤدي إلى تقويض واضح وكامل لحل الدولتين، خاصة أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أكدت رفضه لحل الدولتين، ورفضه لوجود دولة فلسطينية، وتؤكد إصراره على مواصلة النشاطات الاستيطانية وسياسة الضم والتمييز العنصري، كما أنه يرفض دعوتنا للحوار.
لذلك كان من الضروري أن يعلم جميع أطراف المجتمع الدولي بما يجري في فلسطين، وأنه لا يمكن بقاء الاحتلال للأبد، وأنه يوجد أمامنا عام كامل لبذل المزيد من جهود تحقيق السلام، بما في ذلك عقد مؤتمر دولي للسلام، وقلنا إنه في حال عدم تطبيق حل الدولتين فعندها سيكون هناك بدائل أخرى منها إمكانية الذهاب لحل الدولة الواحدة لجميع المواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين يعيشون على أرض فلسطين التاريخية، أو يمكن الرجوع لتنفيذ قرار التقسيم الصادر في العام 1947.
هذه الخيارات في حال عدم تنفيذها أيضاً، وفي حال عدم حدوث تقدم في العملية السياسية، لماذا نبقي الاعتراف قائماً بدولة إسرائيل، كما سيتم اتخاذ إجراءات تغير قواعد العلاقة مع إسرائيل، وتحافظ على المصالح الوطنية الفلسطينية والإنجازات التي حققناها على المستويين الوطني والدولي، ولهذا سيعقد المجلس المركزي الفلسطيني لبحث جميع هذه التطورات الخطيرة، لاتخاذ القرارات الحاسمة في هذا الشأن.
-ملف التجسس عاد من جديد من بوابة برنامج بيغاسوس آخرها بحق الناشطين الفلسطينيين، كيف ترون القرار الإسرائيلي باعتبار ست منظمات فلسطينية منظمات إرهابية؟
نرفض رفضاً قاطعاً تدخل سلطات الاحتلال الإسرائيلي في شؤون مؤسساتنا الحقوقية والإنسانية ومؤسسات المجتمع المدني، وليس من حقها أن تقوم بأي إجراء ضد هذه المؤسسات لأنه لا يوجد لإسرائيل أية ولاية عليها، وهناك جهود مشتركة بين مؤسسات دولة فلسطين ومنظمات المجتمع المدني لمواجهة هذا القرار، وقد صدرت التعليمات لجميع أجهزتنا والحكومة ووزارة الخارجية كلاً فيما يخصه للقيام بالتحركات اللازمة لحماية مؤسساتنا المدنية.
-إلى أين وصل ملف المصالحة الفلسطينية ؟ وكيف تقيمون الدور المصري في هذا الإطار؟
نؤكد التزامنا بوحدة أرضنا وشعبنا، مؤكدين على ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية يلتزم جميع أطرافها بالشرعية الدولية.
ونحن نثمن جهود الشقيقة مصر التي لم تتوقف يوماً عن السعي لتحقيق المصالحة الوطنية، إلى جانب جهود العديد من الدول الأخرى المبذولة في هذا الإطار، كما ونثمن مبادرات روسيا التي تستضيف الفصائل الفلسطينية من أجل تقريب وجهات النظر، والتأكيد على ضرورة الالتزام بالشرعية الفلسطينية تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
-لم يحدث أي تقدم بما يخص الحقوق الفلسطينية. ألا يدفعكم هذا للتفكير بطرق أخرى لمواجهة الاحتلال، بعيدا عن التفاوض أو الوسائل التي انتهجتها القيادات الفلسطينية لأكثر من 20 عاما في ظل ابتعاد الشارع الفلسطيني عن الأحزاب والحركات الفلسطينية واعتماد المقاومة المجتمعية؟
إننا نؤمن بالعمل السياسي والدبلوماسي طريقاً لتحقيق أهداف شعبنا في الحرية والاستقلال، وقد نجحنا في إحراز تقدم كبير على المستوى الدولي، وحصلنا على اعتراف 140 دولة بدولة فلسطين، كما أصبحنا دولة عضو في النظام الدولي، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لا زالت تسيطر على أرضنا وشعبنا بقوة السلاح، وهو ما نواجهه عبر المقاومة الشعبية السلمية التي نؤمن أنها في نهاية المطاف ستحقق أهدافنا، إلى جانب دعم المجتمع الدولي، وفي كل الأحوال سنواصل نضالنا دون كلل أو ملل وسنبقى صامدين على أرضنا، ولن نقبل بدوم الاحتلال.
-زيارتكم إلى روسيا، هل ستحمل - بحسب ما توقعه بعض الخبراء - إطلاق منصة دولية جديدة من موسكو لحل الصراع مع الإسرائيليين؟ فيما قال مراقبون آخرون إنّ السلطة الفلسطينية عليها أن تتخذ من موسكو حليفا مباشرا لها كما تفعل تل أبيب مع واشنطن، حتى تتمكن من المواجهة في هذه المرحلة. هل تتفقون مع هذه الآراء؟ وهل لديكم هكذا توجه؟
زيارتنا لروسيا تأتي بهدف إطلاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي نحترمه ونقدره ونعتبره زعيماً دولياً كبيراً، وصديقاً للشعب الفلسطيني، والذي سنقوم بأخذ مشورته واطلاعه على اخر التطورات، وتنسيق المواقف المشتركة بين الجانبين، وهي تأتي للتأكيد على أهمية الدور الروسي على الساحة الدولية، وأهميتها المتزايدة في منطقتنا أيضاً، كما تأتي أيضا بصفة روسيا أحد أطراف اللجنة الرباعية الدولية والعضو الدائم في مجلس الأمن الدولي، ولها علاقات مميزة مع جميع الأطراف الإقليمية، وأيضا لتأثيرها الكبير على الجميع في منطقتنا.
سيتم خلال الزيارة مناقشة سبل إحياء العملية السياسية، خاصة وأن روسيا تؤمن بحل الدولتين القائم على الشرعية الدولية، ونحن قد سبق وأعلنا عن رغبتنا بعقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية وفق قرارات الشرعية الدولية، لذلك نحن واثقون من الدعم الروسي لجهودنا في هذا الإطار.
-حول الزيارة إلى موسكو، ما الملفات المتوقع مناقشتها مع الرئيس الروسي؟ وهل هناك اتفاقيات متوقع توقيعها خلال الزيارة؟
سيجري وضع الجانب الروسي في صورة آخر تطورات العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية، وكيفية إيجاد حل سياسي يستند لقرارات الشرعية الدولية، بالإضافة إلى بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية المميزة وأواصر الصداقة التاريخية بين الشعبين والقيادتين الفلسطينية والروسية، كما سيتم التطرق خلال لقاء الرئيس بوتين إلى العديد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
-برأيك هل أسهمت اتفاقات أبراهام في دعم القضية الفلسطينية وتقريب وجهات النظر لحلها؟ بعد مرور أكثر من عام على عقدها، هل تعتقد أن تلك الاتفاقات باتت قاصرة على خدمة مصالح أطرافها من إسرائيل والدول العربية ام أنها تتطلع فعلا لدعم القضية؟
دعم القضية الفلسطينية يتحقق فقط عبر حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية التي تؤكد وبوضوح على ضرورة عقد اتفاق سلام مع القيادة الفلسطينية، ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأراضي دولة فلسطين بما فيها القدس الشرقية أولاً، وحل جميع قضايا الوضع النهائي بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين، ثم يلي ذلك إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية وحتى الإسلامية مع إسرائيل.
-كيف ترى فرص استئناف المفاوضات مع إسرائيل وتحقيق حل الدولتين في ظل التصريحات السابقة لبينيت حول رفضه قيام دولة فلسطينية؟
في خطابنا الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكدنا على رغبتنا في إيجاد حل سياسي للقضية الفلسطينية يستند للشرعية الدولية تحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية، وطالبنا الأمين العام للأمم المتحدة بالدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام.
كما طالبنا الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن الممارسات العدوانية في القدس والضفة الغربية وغزة التي من شانها تقويض حل الدولتين.
وأكدنا انه إذا لم تستجب إسرائيل لنداء السلام وفق حل الدولتين على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فأنه سيتم اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة تحفظ حقوق شعبنا، ومن المتوقع عقد المجلس المركزي الفلسطينية في شهر يناير القادم لاتخاذ القرارات الحاسمة واللازمة لذلك.