إنه العبور الكبير نحو الحرية، عبور نحو المستحيل الذي بات واقعاً، عددٌ محدود من الأسرى هم ستة فقط من مجموع 550 أسيراً محكوماً عليهم بعدة مؤبدات من مجموع 4500 أسير فلسطيني في سجون ومعتقلات الاحتلال.
قد يكون العدد محدوداً رغم ذلك فإنه بلا شك هو العبور الكبير بعيداً عن المجاز بل الأقرب إلى الواقع، لماذا؟
في توقيت هذا العبور الكبير، فإنه قد تم بالضبط في أول يوم من أيام أعياد اليهود للسنة العبرية الجديدة، وبينما تنهمك أجهزة الأمن الإسرائيلية في وضع خطط لدعم القوى اليمينية المتطرفة لاقتحامات المسجد الأقصى بشكلٍ يومي طوال فترة احتفالاتهم التي تستمر قرابة شهر، في هذا الوقت بالذات كان عبور السجناء نحو الحرية ما دفع أحد قادة الاحتلال وعبر وسائل الإعلام ليصرّح بأنّ العيد انتهى في اللحظة التي بدأ فيها.
تقول المصادر الإسرائيلية إنّ ثلاثة من هؤلاء العابرين، قد حاول الفرار في الماضي لذلك فإنهم يحملون شارة "ساغاف"، أي أنهم قيد المراقبة الدقيقة كونهم حاولوا الفرار أكثر من مرة وأنهم على استعداد للمحاولة من جديد لذلك تتم مراقبة تحركاتهم وانتقالاتهم للعيادة أو قاعة الزيارات أو في حال الانتقال ما بين السجون، رغم هذه الرقابة المشددة فقد تمكّن هؤلاء ومن برفقتهم من العبور الكبير!
أرضية سجن جلبوع مبنية بالباطون المسلّح المدعّم بطبقة فولاذية، وبعد الكشف عن محاولة عبور سابقة في العام 2014، قررت مصلحة السجون تغيير كل المراحيض وزادت من سماكة أرضيتها الفولاذية ووضعت برنامجاً يومياً للتأكد من عدم وجود تراب أو حجارة من مخلفات عمليات الحفر، مع كل هذه الاحتياطات غير المسبوقة مقارنة بسجون العالم، مع ذلك كان العبور كبيراً، وبينما تطارد كل القوى البشرية العسكرية والأمنية والبرية والجوية الإسرائيلية العابرين إلى الحرية، تنهمك التحقيقات الداخلية التي تقوم بها مصلحة السجون والشاباك في محاولة الإجابة عن كيف أخفى العابرون الرمال والحجارة التي كانت في نفق العبور، مع تساؤلات بلا إجابات فيما إذا كانت هناك اختراقات من قبل العابرين وإن كانوا تلقوا المساعدة من داخل السجن كما من خارجه.
لم تلاحظ مصلحة السجون أن الأسير زكريا الزبيدي أحد القادة الميدانيين في حركة فتح قد طلب الانتقال إلى زنزانة حيث يقيم أسرى من حركة الجهاد الإسلامي وتمت الاستجابة لهذا الطلب حيث انتقل قبل يومٍ واحد من العبور الكبير، ما يفيد بأن الإعداد الطويل والجسور لهذا العبور كان بجهد كل مجموعة العابرين وبحيث أوكلت لكل منهم مهام محددة ما يعني أن مجموعهم هو المهندس الموحد لهذا العبور الكبير.
القوات المجوقلة الإسرائيلية التي تطارد العابرين تقوم بذلك بكثير من الخشية والحذر والخوف، عندما أشارت قيادة أمنية إسرائيلية إلى أنّ هناك إمكانية أن يتمكّن العابرون من التزود بالسلاح من خارج السجن بما يمكن معه حدوث مواجهة مسلحة معهم، وهنا فإن العابرين ليسوا مجرّد هاربين بل هم مقاتلون مشتبكون مع الاحتلال.
مع العبور الكبير، هناك احتمالات لسقوط كبير ونقصد هنا سقوط حكومة بينيت ليس بسبب الميزانية ولا قانون التسويات وليس بسبب أفخاخ زعيم المعارضة نتنياهو، بل بسبب هذا الإخفاق المذل للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي عرفت عن العبور الكبير من الشارع وليس من مصلحة السجون بعد قرابة ثلاث ساعات من تنسم العابرين للحرية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية