مشاركون يطالبون بمنح النساء حقوقهن ووقف كافة أشكال التمييز

غزة / سوا/ أوصى إعلاميون وحقوقيون بضرورة العمل من أجل منح النساء حقوقهن كاملة، والعمل على وقف كافة أشكال التمييز التي تمارس ضدهن، سواء في العمل أو الحياة السياسية، أو حتى في المنازل.
وأكد مشاركون على ضرورة إجراء تعديلات على القوانين الفلسطينية، بما يتلاءم مع روح العصر، ويتماشى مع المعاهدات والمواثيق الدولية، بما يعطي النساء فرصاً أكبر في المشاركة السياسية، ووقف كافة أشكال الاضطهاد ضدهن.
جاء ذلك، خلال مداخلات وأوراق عمل، قدمها مشاركون ضمن فعاليات مؤتمر بعنوان "الحماية القانونية للنساء المعنفات في المجتمع الفلسطيني- بين الواقع والتحديات"، والذي نفذته الجمعية الوطنية للديمقراطية والقانون بمحافظة رفح، ضمن فعاليات مشروع المساعدة القانونية الطارئة للمتضررين من حرب 2014 على غزة في محافظة رفح ، بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي "U.N.D.P".
وكان ضيف المؤتمر وزيرة شئون المرأة، د. هيفاء الأغا، وقد نظم في إحدى القاعات وسط رفح ظهر أمس، وانقسمت فعالياته إلى جلستين، شارك فيهما كل ماجدة شحادة، من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ويونس الطهراوي، من المركز الفلسطيني لحل النزاعات، وصابر النيرب مسؤول حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بغزة.
بينما كان المشاركون في الجلسة الثانية، غسان أبو حطب، منسق مركز دراسات التنمية التابع ل جامعة بيرزيت ، والإعلامية والناشطة سامية الزبيدي، مدير مركز تطوير الإعلام التابع لجامعة بيرزيت بقطاع غزة، إضافة للمحامية فاطمة عاشور من شبكة عون للوصل للعدالة.
الافتتاح
وافتتح المؤتمر، د. إبراهيم معمر، رئيس مجلس إدارة الجمعية الوطنية، مرحباً بالحضور، ومتحدثاً عن دور المرأة في عملية البناء والتنمية، منتقداً كل أشكال العنف الجسدي واللفظي التي تمارس ضد النساء في قطاع غزة.
وأكد معمر أن النساء الفلسطينيات قدمن نماذج مشرفة من النضال والتضحية، وهن جديرات بالتقدير والمساواة، متحدثاً عن الانتهاكات الصارخة التي تعرضن لها خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي أسفر عن استشهاد أكثر من 200 امرأة، وما تبع ذلك من معاناة نتيجة إقامة النساء في مراكز الإيواء.
وطالب معمر بالعمل على كل الأصعدة، من أجل توفير الحماية الملائمة للنساء، ووقف ما يتعرضن له من عنف.
من جانبها حيت وزيرة شئون المرأة الفلسطينية، د. هيفاء الأغا المرأة الفلسطينية ونضالاتها المستمرة، ودورها في بناء المجتمع، وتعزيز صموده.
وأوضحت الأغا أن النساء الفلسطينيات يتعرضن للانتهاك والاعتداءات أينما وجدن، ففي الضفة الغربية يتفنن جنود الاحتلال بإذلالهن والتحرش بهن على الحواجز، وتقييد حريتهن، واعتقالهن، بينما في غزة، أمعن الاحتلال الإسرائيلي قتلاً وتشريداً للنساء خلال العدوان الأخير، ضارباً بعرض الحائط كل القوانين والمعاهدات الدولية التي نصعت على حماية النساء.
بينما في مخيمات الشتات، لم تسلم النساء من البطش والتنكيل، وكن ضحية لصراعات لم يكن لهن يد فيها.وأكدت الأغا أن هناك أشكال أخرى من الانتهاكات تمارس ضد النساء، منتقدة وجود فارق بين ما يقال وما يمارس على الأرض، من قبل البعض.
الجلسة الأولى
وبدأت فعاليات المؤتمر بإعلان انطلاق الجلسة الأولى، التي أدارها المحامي نهاد الغول، من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان.
وقدمت ماجدة شحادة، من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ورقة عمل، تناولت التشريعات الدولية التي تحدثت عن حقوق المرأة، مقسمة هذه التشريعات إلى قسمين، الأول كان قبل إنشاء الأمم المتحدة، وكانت باكورتها في العام 1902، باتفاقية محاربة الاتجار بالنساء، ثم ظهرت اتفاقات ومعاهدات أخرى، حتى أنشأت الأمم المتحدة، التي أصدرت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي نص على مساواة المرأة بالرجل.
وتحدثت أبو شحادة عن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء والمعروفة باتفاقية "سيداو"، وهي أهم وثيقة دولية تمنع التمييز ضد المرأة، وتمنحها حقوق متساوية بالرجل، وقد دخلت حيز التنفيذ في العام 1981.
من جانبه قدم المحامي يونس الطهراوي من المركز الفلسطيني للديمقراطية وحل النزاعات، ورقة عمل حول حقوق المرأة في القوانين الفلسطينية، موضحاً أن القوانين الفلسطينية وبسبب الاحتلال والانقسام تعاني كثير من حالات التداخل والتناقض.
وأكد أن القوانين الفلسطينية الثلاثة سواء القانون الأساسي، أو قانون الأحوال الشخصية، أو قانون العمل، بصفة عامة هي قوانين جيدة، ولكنها بحاجة إلى تطوير لتصبح أكثر ملائمة لروح العصر، خاصة وأن بعضها وضع إبان الحكم العثماني لفلسطين، وفترة الحكم المصري.
أما صابر النيرب مسؤول حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بغزة، فأكد أن القوانين الفلسطينية قطعت شوط كبير وهام جداً في التطور، وهي متقدمة على الكثير من القوانين في دول أخرى، لكن نتيجة تغيرات سياسية تم وقف تطور هذه القوانين.
وأشار النيرب إلى أن الأهم انسجام هذه القوانين وتناغمها مع القوانين الدولية التي تعنى بحقوق الإنسان، والمعاهدات التي وقعتها السلطة، خاصة اتفاقية "سيداو"، التي وقعت السلطة على الالتزام بها في فلسطين عام 2014.
الجلسة الثانية
وأدار فعاليات الجلسة الثانية من المؤتمر الصحافي محمد الجمل، مراسل صحيفة الأيام، وعضو مجلس إدارة الجمعية الوطنية.
وانتقد غسان أبو حطب، منسق مركز دراسات التنمية التابع لجامعة بيرزيت، في مداخلته، تعاطي وزارة المرأة في الضفة مع النساء وفق مقاربات أفضل منها في قطاع غزة، مطالباً بتوحيد المقاربات.
وأشار أبو حطب في مداخلته إلى أن هناك تراجع في الحركة النسائية في فلسطين، وهذا أثر على دور المرأة.
كما قدم إحصاءات وأرقام صادمة، تشير إلى تدني وجود وأدوار النساء في المؤسسات التشريعية والحزبية، أو في العمل السياسي، وحتى في الحصول على فرص عمل في المؤسسات الحكومية والخاصة.
وقدمت الصحافية والناشطة سامية الزبيدي، منسق مركز تطوير الإعلام التابع لجامعة بيرزيت بقطاع غزة، ورقة عمل حول دور الإعلام في مناهضة العنف ضد المرأة، مؤكدة أن الإعلام الفلسطيني بشكل عام يتسم بالعنف، فهو عايش ثلاثة حروب خلال فترة قصيرة، وما قدمه من تغطيات وصور جوهرها تتحدث عن العنف، وهذا أثر سلباً على النفسيات، وزاد من اللجوء للعنف بين أفراد المجتمع.
وانتقدت الزبيدي قيام الإعلام بوضع المرأة دائماً في صورة الباكية والنازحة، والأرملة، والمنكوبة، في حين أن دور النساء في الحرب وما قبلها وبعدها كان لهن دور جوهري، ساهم في عملية البناء والتطوير، وتعزيز الصمود، مطالبة الإعلام بمنح النساء حقوقهن.
أما المحامية فاطمة عاشور من شبكة عون للحماية القانونية، فقد فأكدت في مداخلتها أن القانون الفلسطيني وفي الكثير من بنوده ظلم المرأة، بل ووفر غطاء لارتكاب الجرائم بحقها، ولم يمنحها الحد الأدنى من حقوقها.
فقانون العمل أغفل حقوق العاملات في المنازل، وتجاهل حقوق العاملات في رياض الأطفال، بينما حرم قانون الخدمة المدنية الزوجة من علاوة الزواج والأبناء، ومنحها للرجل، كما أن قانون الأحوال الشخصية حرم الأم من حضانة أبنائها إذا تزوجت، وأعطى حقوق حاضنة مضاعفة للرجل.
وأكدت عاشور أن ما يعرف بالعذر المخفف في القانون، شجع الكثير من الرجال على ارتكاب جرائم قتل بحق النساء بدافع "الحفاظ على شرف العائلة"، وهذا برز جلياً من خلال حالات القتل الكثيرة التي ارتكبت خلال السنوات الماضية، منتقدة إلغاء هذا البند في الضفة الغربية بقرار رئاسي، واستمرار العمل به في غزة.
وأكدت عاشور أن النساء بحاجة لقوانين تحميها من بطش وسلطة الرجل، وتوفر لهن ظروف حياة أفضل، وتمنع التمييز بحقهن.
وبعد فتح باب النقاش والحوارات، خلص المشاركون والحضور إلى جملة من التوصيات الختامية، كان أبرزها، العمل من أجل وقف كافة أشكال التمييز ضد النساء، ومساواتهن بالرجال في كافة المجالات، وتعديل القوانين الفلسطينية بما يحقق مبدأ المساواة.
كما طالب المشاركون بوضع خطة عمل موحدة، من أجل تطوير دور المرأة، وتكثيف تمثيل النساء في مراكز صنع القرار، واهتمام الإعلام بإبراز قضايا النساء، مع التأكيد على ضرورة تعديل القوانين المعمول بها في فلسطين، لتصبح أكثر موائمة لروح العصر، وإنصافاً للنساء.