يبدو أن لحظة انفجار الشرق الأوسط قد باتت قريبة، عنوانها الأساسي إسرائىل وإيران، ولكنها لن تتوقف عند الطرفين، ثمة تقدير لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ، أن إيران على مسافة عشرة أسابيع من الحصول على المادة الانشطارية اللازمة لإنتاج السلاح النووي.
رئيس الحكومة المستوطن نفتالي بينيت يصرح بأن زمن الهدوء والراحة قد انتهى، ويهدد إيران برد قوي في حال هددت أمن إسرائيل وأن حكومته تعمل على حشد العالم ولكن في موازاة ذلك، تعلم إسرائيل كيف تعمل بمفردها.
هذا التصعيد الخطير جاء بعد أن تعرضت سفينة شحن يملكها رجل أعمال إسرائيلي إلى قصف أودى بحياة اثنين من العاملين على متنها، وبعد ذلك، ادعاءات بأن سفينة تعرضت للخطف قبالة سواحل الفجيرة الإماراتية بعد أن أبلغت أربع سفن عن فقدان السيطرة.
إيران نفت مسؤوليتها عن الحادثة الأولى، واعتبرت أن احتجاز السفن، وانعدام الأمن في الخليج يمهدان لمغامرة جديدة، وأن قواتها على أهبة الاستعداد، وسترد على أي قصف يقع من أي دولة خليجية.
بريطانيا هي الأخرى، رفعت مستوى التهديد والاتهام لإيران ولحقتها على نحو أكثر مرونة، الولايات المتحدة التي على ما يبدو لا تفضل منحى تشجيع أي طرف على تفجير الأوضاع، لا تزال الولايات المتحدة ملتزمة وتسعى لإعادة إحياء اتفاق «خمسة زائد واحد» بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتنتظر تنصيب الرئيس الإيراني من أجل العودة للحوار في فيينا.
الحوار عملياً حقق تقدماً جيداً باعتراف الإيرانيين، ولم يتبق إلا القليل من القضايا العالقة التي تحتاج إلى اتفاق، المشكلة ليست هنا بالضبط، وإلا لكان بالإمكان معالجتها أو إعطاء الوقت اللازم لذلك، حتى لو أن إيران رفعت منسوب تخصيب اليورانيوم من عشرين كما يقضي الاتفاق إلى ستين، وهو أمر على الأرجح لتحسين الموقع التفاوضي لإيران.
إيران تدرك تماماً أنها لا تستطيع تجاوز عتبة تخصيب اليورانيوم إلى الحد الذي يجعلها قادرة على إنتاج سلاح نووي، ذلك أن الولايات المتحدة لديها وسائل مراقبة على مدار الساعة، وهي ستتدخل بكل طريقة لمنع ذلك، إسرائيل هي الدولة الرئيسة التي عارضت وتعارض الاتفاق الدولي حول برنامج إيران النووي، وكانت كل الوقت تعمل من أجل تخريبه.
خلال مرحلة ترامب نجح نتنياهو، مع شريكه الأميركي في اتخاذ قرار الانسحاب من الاتفاق واتخاذ سلسلة طويلة من العقوبات الاقتصادية ضد إيران، وإخضاعها إلى حصار مشدد، وضغط شديد يستهدف دفع الوضع في إيران إلى الانهيار الكامل، وتغيير النظام السياسي.
في هذا السياق لم تتوقف عمليات القصف الإسرائيلي على مراكز إيرانية في سورية، وعلى حدودها مع العراق، ولا توقفت عملياتها في إيران ذاتها بما في ذلك استهداف العلماء.
أصبح من الواضح أن إسرائيل تريد تخريب إمكانية التوصل إلى اتفاق بين إيران والأطراف الدولية بذريعة أن ذلك الاتفاق سيمكن إيران من تطوير برنامج نووي، وأن ذلك يشكل خطراً وجودياً على إسرائيل.
حرب السفن لم تتوقف من الطرفين سواء في منطقة الخليج أو البحر المتوسط لكنها لم تكن كافية لإشعال فتيل صراع واسع، يتسع ليشمل ربما المنطقة بأسرها.
خلال الأسابيع القليلة المنصرمة، منذ أن تم تشكيل حكومة بينيت، كثفت إسرائيل خطاب التهديد سواء لإيران، أو للبنان أو للمقاومة الفلسطينية، خاصة في ظل الأزمة التي يعاني منها لبنان، فضلاً عن تقدم حزب الله في امتلاك صواريخ دقيقة.
دولة تستدرج الحروب، وتذهب إلى أبعد حد في استفزاز القوى التي تراها خطراً عليها، ففي مقابل البالونات الحارقة من غزة تقوم طائراتها الحربية في كل مرة، بقصف مناطق عديد في القطاع.
وعلى خط التصعيد ترد إسرائيل بقصف شامل للحدود مع لبنان بعد أن سقطت ثلاثة صواريخ من لبنان على مستوطنة كريات شمونة في الشمال، من غير المعروف إذا ما كانت الصواريخ فلسطينية المنشأ، أو من حزب الله، أو أي طرف موالٍ، ولكنها أي إسرائيل تحمل حزب الله المسؤولية كما تحمل حركة حماس ، المسؤولية دائما عن أي فعل مقاوم يقوم به فرد أو جماعة أو فصيل من قطاع غزة.
طبول الحرب تدق في المنطقة، وهي تهدد بانفجار واسع، وأمام إسرائيل عديد الجبهات التي يمكن أن تدخل على الخط سواء في الرد المباشر عليها، أو على حلفاء إسرائيل خاصة الولايات المتحدة.
الولايات المتحدة والتحالف الدولي في العراق، ذاهبون نحو الانسحاب من ذلك البلد، خصوصا أن السفارة الأميركية وقواعد أميركا العسكرية في العراق تتعرض معظم الوقت لعمليات قصف غير أن الإدارة الأميركية خاطبت إيران بما يشبه الرجاء، بأن تتوقف عن زعزعة أمن واستقرار العراق.
هكذا لا يمكن لأي طرف أن يبرد الرؤوس الحامية في تل أبيب سوى الولايات المتحدة التي يمكنها ضبط الأوضاع والعودة إلى سكة الحوار وإلا فإنها ستكون المسؤولة عما تتعرض له المنطقة، التي إذا اندلع الصراع فيها فإن إسرائيل التي تتوعد بتدفيع الآخرين ثمناً باهظاً ستدفع هي الأخرى ثمناً باهظاً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية