عادةً ما يُستقبل الفريق الفائز في البطولة بكأس الأمم أو بكأس القارّة أو بأيّ كأسٍ آخر باحتفالاتٍ شعبية ورسمية حاشدة عند عودته إلى بلاده، لكنّ ذلك لم يكن السبب الذي احتشدت الجماهير الجزائرية لتستقبل بطلها حاملة أعلام بلادها وأعلام فلسطين عند وصوله إلى عاصمة بلاده عائداً من طوكيو، لم يحمل نورين أي ميدالية ولم يحطّم أيّ رقم قياسي جديد، لكنّه استُقبل استقبال الأبطال العائدين من انتصار كبير، هكذا تمّ استقبال الحشود الجزائرية للبطل فتحي نورين، بعد أن حصل على تعزيز كرامته الشخصية وكرامة عائلته وكرامة شعبه وسائر الشعوب العربية، عندما قرّر بوعي قومي خالص الانسحاب من مباراة الجودو تجنباً لأن يسجل عليه التاريخ أنّه قام باللّعب مع لاعبٍ إسرائيلي هو بمثابة العدوّ المحتلّ لشعب وأرض فلسطين، وذلك قبل أربعة أيام من المباراة، هذا القرار الحاسم تمّ اتخاذه كما قال دون أيّ تردّد، مؤكّداً معارضته للتطبيع العربي مع الاحتلال ووقوفه متضامناً مع شعب فلسطين.
هذه هي المرّة الثانية التي يقوم بها نورين بخطوةٍ مماثلة، فقد كانت المرّة الأولى عندما انسحب أيضاً من بطولة العالم للجودو العام 2019 كي لا يلعب مع نفس اللاعب الإسرائيلي الذي يبدو وكأنّه يلاحقه في أولمبياد طوكيو.
وبينما كان قرار نورين يعود بشكلٍ معلن إلى رفضه اللعب مع اللاعب الإسرائيلي، فإنّ اللاعب السوداني محمّد عبد الرسول، انسحب من المباراة التي كان من المقرر أيضاً أن يواجه فيها نفس اللاعب الإسرائيلي الذي رفض نورين اللعب معه، وذلك قبل يومين من انسحاب هذا الأخير، لكن عبد الرسول انسحب دون أن يشرح سبب انسحابه، إلّا أنّه بات من الواضح أنّ هذا الانسحاب الذي جرى بعد التحضير للمباراة وإنجاز عملية الوزن، جاء في سياق رفض موجة التطبيع أثناء أولمبياد طوكيو، وذلك عندما انسحب على غرار ما قام به البطل نورين.
يُلاحظ في هذا السياق، أنّ جولة التطبيع الأخيرة مع إسرائيل قد بدأت في إطار المباريات الرياضة، من هنا تكمن أهمية المقاطعة العربية لإسرائيل في السياق الرياضي، إذا كان قرار كل من نورين وعبد الرسول فردياً، إلّا أنّه مع ذلك يعكس حقيقة المشاعر العربية في مواجهة عملية التطبيع مع العدوّ الإسرائيلي، وتضامناً مع نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه لأرض ووطنه.
من المعروف أنّ إيران ممنوعة من المشاركات في المباريات الدولية للجودو، وذلك بقرار من اللجان المنظّمة للأولمبياد، يعود هذا القرار إلى ادّعاء أحد اللاعبين الإيرانيين وهو سعيد مولابي في دورة سابقة أنّ الاتحاد الإيراني للجودو أجبره على عدم خوض مباريات مع اللاعبين الإسرائيليين، هذا القرار شجّع دولة الاحتلال على أن تطالب الاتّحادات المختلفة المنظمة للأولمبياد لاتّخاذ قرار مشابه لمنع اللاعبين العرب الذين يتّخذون موقفاً وطنياً وقومياً ضدّ التطبيع من المشاركة الحاضرة واللّاحقة في ألعاب الأولمبياد.
وقد عمدت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى تناول رفض اللعب مع اللاعبين الإسرائيليين من قبل أبطال الرياضة العرب بكثيرٍ من الغضب من ناحية، وملاحظة أنّ هؤلاء أي اللاعبين العرب في السابق كانوا إمّا يتمارضون أو يصطنعون حيلاً لكي لا يلعبوا مع اللاعبين الإسرائيليين، أمّا اليوم وخاصّة بعد تصريحات اللاعب الجزائري، فإنّ السبب المعلن بات واضحاً وهو رفض التطبيع والتعاون مع الاحتلال الإسرائيلي باعتباره عدواً للشعوب العربية، وأنّ هذا الأمر مرشح للاستمرار، من هنا تدعو وسائل الإعلام الإسرائيلية المستوى السياسي للضغط لاتّخاذ قرارات يُمنع من خلالها اللاعبون العرب ضدّ التطبيع من اللّعب في سائر أشكال المباريات الدولية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية