حكم العيدية فرض أم سنة.. هل يجوز أن يأخذ الرجل عيدية زوجته و أبنائه؟

عيدية العيد

مع اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك 2021، والذي يحل بعد أيام قليلة، حيث من المعتاد بين المسلمين في العيد أن يقوموا بإعطاء مبلغ مالي "العيدية" للأطفال ولأرحامهم.

يتساءل غالبية المسلمين عن الحكم الشرعي في إعطاء العيدية و هل هي فرض أم سنة أم عرف اجتماعي سائد وهل يجوز أن يأخذ الرجل “عيدية” زوجته و أبناؤه لإعطائها لرحمه؟

ونقدم لكم في وكالة سوا إجابة شاملة لكل تلك الأسئلة بفتاوي شرعية صحيحة:

هل العيدية فرض أم سنة أم عرف اجتماعي سائد ؟

العيدية ليست فرضا ولا سنة إنما هي عرف اجتماعي ساد بين الناس، وهذه العادة ليست بصورة واحدة في كافة المجتمعات بل لها صور عدة، وتختلف من حيث البساطة والغلو فيها من مجتمع إلى مجتمع آخر. وفعلها على دربين:

الأول: أن تُؤَدَّى ببساطة طلبا لبر الأرحام والأقرباء والزوجة والأبناء وإدخال السرور عليهم فهي بذلك حسنة بشرط أن لا يترتب عليها مشقة وحرجا وأن لا يتكلف الإنسان ما لا يطيق. فتكون بصورتها الميسرة شكلا من أشكال القربة والطاعة وصلة الأرحام والتواصل الاجتماعي الذي يعمق المودة والرحمة ويعزز الروابط الأسرية.

الثاني: أن تُؤَدَّى بتكلف على نحو من المشقة والعنت يكلف فيها الإنسان ما لا يطيق، فتحمله هما وتجعله مقصرا في عرف الناس إن لم يفعلها. فتكون بهذه الصورة من العادات سيئة التي يجب تجنبها، وتوجيه القيم الاجتماعية على نحو يدفع هذا العنت على الناس. وتوجيهي للمسلمين في هذا المقام هو أن العيد فرحة يتواصل فيها الأحباب والأقرباء بالبر والرحمة على جهة من البساطة قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) والله أعلم.

هل يجوز أن يأخذ الرجل “عيدية” زوجته و أبناؤه لإعطائها لرحمه؟

إن ما يدفع للمرأة من مال على شكل عيدية أو غيرها هو حق خالص ليها ليس لزوجها أو غيره أخذه منها. أما إذا أعطت الزوجة لزوجها من مالها سواء كان من عيديتها أو غير ذلك بطيب نفس منها فلا بأس ولا حرج في ذلك، قال الله تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً).

وأما ما يدفع للأبناء من عيدية يدخل بها السرور على نفوسهم لا أستحسن للأب نزع هذا المال من أبنائه لتوجيهه لغيرهم، وليس بر الآخرين بأولى من بر الأب لأبنائه. والله أعلم.

هل يجوز للأب أن يمنع عن أبنائه لشح المال ، وهل يجوز للرجل قطع رحمه بالعيد من أجل العيدية و يؤجل زيارته بعد العيد؟

العيدية عادة مستحسنة لما فيها من البر والصلة وإدخال السرور على الأبناء والأرحام ما دامت في دائرة التيسير. وأما إذا دخلت دائرة المشقة والعنت فهي غير مستحسنة.

وعليه فإن الأب القادر يحسن به أن يعيد الأبناء لما في ذلك من البر بهم وإدخال الفرحة عليهم، ومساواتهم بغيرهم من الأصدقاء والجيران. وأما إذا كان غير قادر على ذلك فلا حرج عليه بترك العيدية قال الله تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها). وكذلك الأمر بالنسبة للأقرباء فلا يلزم الرجل ما لايطيق، وليس له قطع المودة والصلة لعجزه عن دفع مال العيدية، فالناس اعتادوا صلة الأرحام في العيد وهذه عادة جيدة، ولا مبرر لإفسادها بسبب العجز المالي.

ولكن الحق أقول: إن الأمر ثقيل على النفس فيجب أن تتكاتف جهود الجميع من الدعاة والمصلحين لتوجيه عادات الناس وقيمهم في هذا الباب لتنسجم مع الشرع ولتكون عادات حسنة تبني ولا تهدم، تعمر ولا تخرب.

ما تأثير عدم وجود العيدية على الأبناء؟ و ما البدائل التي يستبدلها الأب بها؟

من العادات المتبعة في هذا الزمان تقديم العيدية للأبناء والزوجة والأقرباء في أيام العيد، وهذا ليس واجباً من الواجبات المقررة شرعا. وواجب الأب أن يبر أبنائه ويدخل عليهم الفرحة والسرور وأن لا يشعرهم بالحاجة والحرمان، والعيدية شكل من أشكال سعادة الأبناء؛ إلا أن هذا الأمر يحقق وفق مقدرة الأب وحدوده قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا )

وواجب الأبناء تقدير حال آبائهم فلا يطالبوا بما يشق عليهم ويعجزهم، أو يدفعهم لما في مهانة لهم، وعلى الجميع أن يتذرع بالصبر قال الله تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) وهنا أذكر الناس جميعا بواجبهم نحو رعاية الفقراء والمحتاجين، فيدفع للفقراء من الزكاة ومن صدقة الفطر وصدقة التطوع ما يدخل عليهم الفرحة، ولا يشعرهم بحاجتهم وعوزهم، ثم أدعو الأغنياء إلى عدم المغالاة في الإنفاق على أبنائهم.

هل يجوز استدانة الرجل من أجل عيدية المحارم و الأبناء؟

العيدية ليست فرضا ولا سنة بل هي عادة حسنها في يسرها وسيئة في عسرها، المبدأ العام فيها ما قاله الله تعالى:(لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) لا يجب على الأب الاستدانة من أجلها، ولا يجب على الأب أن يشق على نفسه من أجلها.

نعم يجوز للأب أن يستدين من أجل قضاء حوائجه فإن استدان وهو قادر على الوفاء فلا مانع شرعا من ذلك، ولكن ليس له أن يستدين فيشق على نفسه ويحملها فوق طاقتها ولربما بما يعجز عن سداده، أو السداد مع إلحاق المشقة بأسرته وأهله. والمعيار في ذلك كله قول الله تعالى:(بَلِ الإنسان عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) فلا يظلمن المرء نفسه فيحملها ما لا تطيق.

المصدر : إسلام ويب

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد