خلال كلمته في مجلس الأمن

منصور: الاحتلال فشل في هزيمة الوعي الفلسطيني وتفكيك انتمائه الوطني

رياض منصور

أكد المراقب الدائم لدولة فلسطين في الامم المتحدة رياض منصور، اليوم الخميس، إن إسرائيل فشلت، في هزيمة الوعي الفلسطيني، وتفكيك انتمائه الوطني واختزاله.

وقال منصور خلال كلمته في مجلس الأمن الخاصة بمناقشة الأوضاع الراهنة في فلسطين بمجلس الأمن: "إنه على مدار "73 عاما"، وضعت أدهى السياسات، وتبنت اسوأ الممارسات، وهددت بأخطر الخطط، ونفذت اشد العقوبات، ودفعت بالموارد الهائلة بتغيير الواقع التاريخي والجغرافي والديني والديمغرافي لوطننا، ظنا منها أنه سياتي بعد ذلك جيلا فلسطينيا، يقر بالهزيمة ويستسلم لها".

وأضاف: "لكن اليوم وبعد مرور ما يزيد عن أكثر من سبعين عام من النكبة ، ينهار المخطط الاستيطاني الاسرائيلي أمام عنفوان جيل فلسطيني ناشئ، أكثر تشبثا بالوطن وتعلقا بالحياة، صانعا للوحدة، ومؤمنا بحتمية النصر، معللا ذلك بأن إسرائيل بات وجهها الاستعماري مكشوفا واصبحت حججها بالية، ولم يعد بإمكانها الاختباء، وراء ردات فعلها الهجومية، فهناك ايضا جيلا عالميا لا يهاب اسرائيل ولا يأبى بتعديلاتها".

وتساءل منصور: كيف يمكن لإسرائيل ان تخفي نظام الفصل العنصري الذي يلتهم فلسطين؟ وكيف ستبرر حق العودة لليهود بعد مرور 5000 سنة وتنكر حق عودة الفلسطينيين الى بيوتهم بعد 70 عاما؟ وكيف ستبرر التهجير القسري بالشيخ جراح وسلوان؟ وكيف ستبرر قانون القومية العنصري الذي منح الحقوق لليهود وتنكره للفلسطينيين؟ كيف ستبرر سرقة المياه؟ كيف ستبرر العنف والتخريب ضد المقدسات المسيحية والاسلامية؟ كيف ستبرر ان قوة الاحتلال لها الحق المطلق فيما تسميه الدفاع عن النفس، وتحاسب كل فلسطيني يمارس حقه الديني، ودفاعه عن الارض؟  كيف ستبرر أنها تطالب العالم بالدفاع عن أطفالهم في وقت تقتل فيه أطفالنا؟

وتابع: ألم تأتيكم التقارير الاممية محذرة من الوضع الانساني الكارثي بقطاع غزة ؟ وأن الحياة هناك على حافة الانهيار؟ ألم يثر الشباب الفلسطيني بمسيرات العودة الكبرى لمدة عام كامل مطالبين بحقوقهم ورفع الحصار الإسرائيلي الجائر الذي وصفه كافة الخبراء الاممين بانه منافي للقانون الدولي، وانه بمثابة عقاب جماعي على الفلسطيني؟ الم نحذركم من مساس اسرائيل في القدس المحتلة ومقدساتنا المسيحية والاسلامية، واستمرار استفزازاتها بالحرم الشريف واستمرار تهجيرها القسري؟ الم تأتيكم اسرائيل دوما بتعنت مشرعة في وجهكم تهمة معاداة السامية، تبرر كل انتهاكاتها الصارخة وكأنها تحظي باستثناء يضعها فوق القانون؟

وأشار منصور الى أن وقف العدوان الاسرائيلي على غزة، لم ينهي الكارثة، وانه لم يعد الشهداء والبيوت الى الحياة، ولم ينجو اليتيم من اليتم، ولم يعوض الثكالى عن الفقدان لمحبيهم، و لم يحمي العائلات من بطش المستعمرين، ولم ينهي مأساة العمل، ولم يوقف الاستفزازات الاسرائيلية الى المسجد الاقصى، ولم يوقف شراهة اسرائيل بضم المزيد من الأراضي الفلسطينية، وتهجيرهم والتضييق عليهم وعلى حريتهم في ارضهم، مؤكدا ان تدهور الاوضاع في فلسطين وخاصة ما حدث مؤخرا في القدس وقطاع غزة، هو من صنيع اسرائيل و نتيجة حتمية لسياساتها القمعية.

وقال منصور: "على اسرائيل أن تدرك ان الشعب الفلسطيني لن يركع ولن يستسلم، أمام الاحتلال اليائس، وان الشعب الفلسطيني، بكباره وصغاره، ونسائه، وشيوخه، سيبقى طالبا للحرية والاستقلال، وحقه في تقرير مصيره، ولن يقبل الا بالطريق التي تؤدي الى الحرية، وتصون كرامته، وتضمن حقوقه كاملة".

وخاطب مجلس الأمن بالقول: "لا يكفي بعد اليوم التأكيد على ما نص عليه القانون الدولي، مع تثميننا لذلك ولكن واجبكم هو العمل على تنفيذه وليس مطالبتنا بالصبر، فنحن صبرنا كثيرا، ونفذ صبرنا، لان كل ساعة تحمل المزيد من الآلام والدماء".

وأضاف: "إن معركة الوجود في فلسطين وفي قلبها القدس على أرض الواقع، بيتا بيتا وفي ازقة البلدة القديمة، وفي اقصانا وقيامتنا، وعلى كل تلة وفي كل حي ومخيم، لن يتحقق السلام في مدينة السلام إلا بالاعتراف بالسيادة الفلسطينية، واحترام الوصاية الهاشمية، ومسؤولية الجميع ليس تبني القرارات بل تغيير الواقع هناك، وحماية الفلسطيني، والانتصار للحرية وتحقيق السلام".

وبخصوص قطاع غزة، قال منصور: "ان اعادة اعمار غزة له أولوية قصوى، وعلينا تقديم الخدمات الصحية العاجلة للمواطنين بشكل فوري، ولكن وأنتم تدركون جيدا أن الحل في قطاع غزة، يجب أن يكون جذريا، ومنسجم مع وحدة الشعب والأرض والمصير، ويقضي على رفع الحصار الاسرائيلي بشكل كامل عن قطاع غزة، والسماح بحركة الاشخاص والبضائع بشكل يضمن انعاش الحياة الاقتصادية هناك، ودخول الوقود والمعدات الطبية والأدوية ومواد البناء، وتشغيل محطة الكهرباء، بشكل مستدام مما يخفف من المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة، منذ 15 عام، بشكل يسمح لكل الطاقات والكفاءات، الوصول الى أقصى قدراتهم بالعمل والابداع" .

وأضاف: "ان الشعب الفلسطيني شعب حي، رغم كل القتل والدمار، فهو حيٌ بتاريخه، وفكره وحضارته، وثقافته وشعره واحلامه وابداعه وشجاعته وتعدديته وحبه وغضبه وتسامحه وطنيته وإنسانيته، نحن شعب يشبه أرضه وينتمي لها ولا يتخلى عنها، إما يسكنها أو تسكنه، جيلا ثائرا وراء جيل...كأننا عشرون مستحيل. هنا في فلسطين لنا ماض وحاضر ومستقبل. شاء من شاء وأبى من أبى.

وأشاد منصور بكل الجهود الشعبية والاقليمية، والدولية لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة بكل بقاع الارض، ولإطلاق عملية سياسية جدية، تضع قضية فلسطين وقضية الشرق الاوسط، في أعلى سلم الأولويا، مؤكدا أن نجاح العملية السياسية، مرهون بوقف العدوان على شعبنا وارضنا ومقدساتنا وبقدرة مجلس الأمن على تنفيذ قراراته.

المصدر : وكالة وفا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد