"الميزان" يدين القمع الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس

انتهاكات الاحتلال أمس في القدس

أصدر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بيانا أدن فيه بشدة القمع الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المصلين الفلسطينيين، واقتحام المسجد الأقصى ومصلياته وانتهاك حرمتها، وإلقاء قنابل الصوت داخلها، ويحذر من التداعيات الخطيرة لهذا العنف المتصاعد، والذي تحاول خلاله تلك القوات فرض أمر واقع جديد يمس بالحقوق الفلسطينية.

وفيما يلي نص البيان كما وصل "سوا":

قوات الاحتلال تصعّد اعتداءاتها في القدس الشرقية

205 مصابين، 3 فقدوا أعينهم و5 صحفيين، واعتقال 17 مواطنًا واقتحام للمسجد الأقصى

أصيب 205 مواطنين، بينهم اثنان في حالة الخطر، و3 فقدوا أعينهم، و5 صحفيين، خلال عمليات قمع واسعة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس، لعشرات الآلاف من المصلين في المسجد الأقصى وباحاته، ومنطقة باب العمود، وحي الشيخ جراح، في مدينة القدس الشرقية المحتلة. واقتحمت تلك القوات المسجد ومصلياته وانتهكت حرمتها ومست بحق المصلين في العبادة بحرية واعتدت على العشرات وسحلت بعضهم واعتقلت 17 منهم.

ووفق تحقيقات المركز، فمنذ ساعات صباح يوم أمس الجمعة، الموافق 7\5\2021، دفعت قوات الاحتلال الإسرائيلي بالآلاف من عناصرها في محيط البلدة القديمة من مدينة القدس، وفي طرقها، وعند أبواب المسجد الأقصى، ونصبت عشرات الحواجز، وأغلقت العديد من المداخل، بالتزامن مع توافد عشرات آلاف المصلين إلى المسجد الأقصى، لصلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان .  ومع اقتراب موعد آذان المغرب، شددت قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية حول المسجد الأقصى، وأغلقت طريق الواد، المؤدي إلى أبواب المسجد من الجهة الغربية (أبواب: المجلس، والحديد، والقاطنين، والسلسلة)، ومنعت وصول الآلاف من الصائمين القادمين للإفطار في المسجد من الدخول عبره، وأطلقت قنابل الصوت وصوبت الأسلحة تجاههم لترهيبهم وإجبارهم على الابتعاد عن المكان، ما دفعهم لسلك طرق أخرى للوصول إلى المسجد عبر أبوابه الشمالية، ما زاد من حالة الازدحام الخانقة في أزقة البلدة القديمة. وقبيل موعد صلاة العشاء والتراويح، وقعت مشادات كلامية بين أحد المصلين الفلسطينيين وأفراد الشرطة الإسرائيلية المتمركزة عند باب السلسلة، من الجهة الخارجية، وبشكل مفاجئ اقتحمت القوات المسجد عبر الباب، وشرعت بإلقاء القنابل الصوتية والأعيرة المطاطية بكثافة باتجاه المصلين في باحات المسجد الغربية، مما أدى إلى اندلاع مواجهات، انتقلت إلى جميع مصليات وساحات الأقصى، واستمرت نحو 4 ساعات، قطع جنود الاحتلال خلالها أسلاك مئذنة باب المغاربة، والكهرباء عن بعض المصليات، واعتلوا سطح المصلى القبلي واقتحموه، وأطلقوا قنابل الصوت باتجاه المصلين الذين احتجزوهم داخله، وأغلقوا عليهم أبوابه بالسلاسل الحديدية.  أما في مصلى باب الرحمة، فاستهدفت قوات الاحتلال المصلين بقنابل الصوت والأعيرة المطاطية خلال أدائهم الصلاة.  كما أطلقت قنابل الصوت تجاه أبواب دخول النساء في مسجد قبة الصخرة المشرفة. ولم تسلم عيادة المسجد الأقصى، الطبية، من اعتداءات قوات الاحتلال، التي دهمتها بعنف، وأطلقت قنابل الصوت داخلها، ودمرت محتوياتها، واعتدت على الطواقم الطبية والمصابين المتواجدين داخلها. ومع ازدياد حدة المواجهات في المسجد، شرعت قوات الاحتلال بإخلاء عشرات الآلاف من المصلين من مصليات وباحات المسجد، مستخدمة القوة المفرطة، حيث أطلقت الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية، بشكل كثيف وعشوائي، ما أدى إلى إصابة عشرات المواطنين، معظمهم بالأعيرة المطاطية في الجزء العلوي من أجسادهم. وكان بين المصابين 5 صحفيين، أصيبوا خلال تغطيتهم لاعتداءات قوات الاحتلال على المصلين في ساحات المسجد الأقصى، وهم: فايز ابو ارميلة، وعطا عويسات، وعبد العفو بسام، ومحمد ابو سنينة، ومحمد سمرين.  وأفاد الصحفي عويسات باحث المركز، أن أحد أفراد الشرطة الإسرائيلية أطلق ثلاث رصاصات مطاطية تجاهه، من مسافة نصف متر، وحطم هاتفه المحمول من نوع iPhone. وأضاف أن عناصر شرطة الاحتلال تفاجؤوا أنه بقي واقفاً على الرغم من كل الطلقات، فوصل سبعة منهم وضربوه على جميع أنحاء جسده، بما في ذلك رأسه ما تسبب بسقوطه على الأرض.

ومع الخروج القسري للمصلين من المسجد إلى أحياء البلدة القديمة ومحيطها، شهدت حارة باب حطة، ومحيط بابي العامود والساهرة، مواجهات عنيفة بين عشرات من الشبان والفتية الفلسطينيين وقوات الاحتلال، التي شرعت بإغلاق البابين بالسواتر الحديدية ومنعت المواطنين من الدخول عبرهما.  وخلال المواجهات اعتقلت قوات الاحتلال العديد من الشبان وأصابت آخرين.

أمّا في حي الشيخ جراح، فقد تواصلت سلسلة اعتداءات المستوطنين وقوات الاحتلال تجاه سكان الحي، والمتضامنين معهم للأسبوع الثاني على التوالي. فمنذ ساعات صباح الجمعة، كثفت قوات الاحتلال انتشارها في الحي، وأغلقت مداخله، ومنعت المتضامنين من الوصول إلى المنازل المهددة بالإخلاء. وفي تطورٍ خطيرٍ، سمحت تلك القوات لأكثر من 200 مستوطن مسلح بالدخول إلى الحي.  وعقب انتهاء صلاة الجمعة، احتشد العشرات من المتضامنين الفلسطينيين والأجانب عند مدخل الحي، ورددوا الشعارات الوطنية، منددين بالاحتلال. واستمر وجود المتضامنين عند مداخل حي الشيخ جراح إلى ما بعد صلاة المغرب، منعزلين عن اهالي الحي الذين نظموا إفطاراً أمام منازلهم، وسط تواجد كثيف من قوات الاحتلال التي منعت المتضامنين من الانضمام إليهم، ما دفعهم للإفطار على أرصفة الحي، وعقب انتهائهم، رددوا الهتافات الوطنية، والشعارات المنددة باعتداءات المستوطنين.  وعلى الفور، شرع جنود الاحتلال بالاعتداء عليهم بالضرب، وفتحوا المياه العادمة عليهم، وأطلقوا الاعيرة المطاطية وقنابل الصوت تجاههم، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات وتسجيل اعتقالات في المكان.

وأسفرت عمليات القمع الواسعة التي نفذتها قوات الاحتلال في مدينة القدس عن إصابة 205 مواطنين في المسجد الأقصى، وحي الشيخ جراح، وباب العمود، وفق ما أفادت به جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. نقلت 88 إصابة لمستشفيات القدس، و20 لمستشفى ميداني، وبقية الإصابات عولجت ميدانيا.

وأفادت جمعية الهلال الأحمر أن معظم الإصابات كانت بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، ومعظمها كان موجهاً في الوجه والصدر. وتسبب ذلك بفقدان 3 مصابين أعينهم، ونقلوا إلى مستشفيات المقاصد وهداسا ومستشفى العيون في الشيخ جراح.

من جهتها أفادت الطواقم الطبية في مستشفى المقاصد في حي الطور، شرقي البلدة القديمة من مدينة القدس، بأنها تعاملت مع 83 حالة مصابة بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط. وأوضحت أن هناك 3 إصابات بالعين وصلت للمستشفى، أحدهم فقد عينه، وإصابتان بحالة خطيرة في الرأس، وإصابتان بكسر في الفك، وبقية الإصابات طفيفة.

وإلى جانب الاعتداء على الطواقم الطبية أثناء عملها، منعت قوات الاحتلال طاقمي إسعاف من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني قدما من بيت لحم و رام الله ، للمساعدة في الإسعاف والعلاج مع تزايد الإصابات، حيث توجها إلى حاجزي قلنديا والنفق للدخول إلى مدينة القدس، ولكنهم تعرضوا للمنع، في مخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني التي تحتم احترام شارة الهلال الأحمر، وحماية وتسهيل مهمة الطواقم الطبية.

وخلال الاعتداءات الواسعة على المواطنين والمصلين وسحل بعضهم، اعتقلت قوات الاحتلال 17 مواطناً في المسجد الأقصى وباب العمود وحي الشيخ جراح، واقتادتهم معها إلى مراكز الشرطة في المدينة المحتلة.

يذكر أن ساحة باب العامود تشهد منذ بداية شهر رمضان اعتداءات واسعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، لمحاولة منع الفلسطينيين من التجمع في الساحة.  كما يتعرض اعتصام سلمي يقيمه سكان حي الشيخ جراح المهددون بالإخلاء القسري لقمع يومي للأسبوع الثاني على التوالي، بما في ذلك اعتداءات يشنها مستوطنون بحماية القوات الإسرائيلية. وقد أسفرت الاعتداءات السابقة عن إصابة 237 مواطنًا واعتقال عشرات آخرين.

وإذ يدين المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان بشدة القمع الذي نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المصلين الفلسطينيين، واقتحام المسجد الأقصى ومصلياته وانتهاك حرمتها، وإلقاء قنابل الصوت داخلها، فإن يحذر من التداعيات الخطيرة لهذا العنف المتصاعد، والذي تحاول خلاله تلك القوات فرض أمر واقع جديد يمس بالحقوق الفلسطينية.

وتنذر هذه التطورات إلى جانب السعي الإسرائيلي للإخلاء القسري لعائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح، والاستعدادات الجارية لتنظيم مسيرة كبيرة للمستوطنين في 28 رمضان في منطقة باب العامود بدعوة من "منظمات المعبد" في ذكرى احتلال القدس عام 1967، وفق التقويم العبري، بتصاعد خطير للأحداث يمكن أن يمتد لكل الأرض الفلسطينية المحتلة.

يؤكد المركز أن كل هذه الإجراءات الإسرائيلية غير قانونية وتندرج ضمن سياسة أصيلة تنتهجها سلطات الاحتلال بحق مدينة القدس المحتلة ومؤسساتها منذ احتلالها في حزيران 1967، لتغيير معالمها لصالح المزيد من الاستيطان، وإضفاء الطابع اليهودي عليها لفرض حقائق على الأرض تلغي الحق الفلسطيني فيها.

ويؤكد المركز على أن القدس الشرقية مدينة محتلة، ولا تغير كافة الإجراءات التي اتخذتها سلطات الاحتلال في أعقاب احتلال المدينة في عام 1967 من وضعها القانوني كمنطقة محتلة.

ويطالب المركز الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف بالوفاء بالتزامها بموجب المادة الأولى المشتركة في اتفاقيات جنيف بضمان احترام الاتفاقية في كافة الظروف. ويرى المركز بأن مؤامرة الصمت التي يمارسها المجتمع الدولي تشجع إسرائيل على اقتراف المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما فيها إجراءات تهويد القدس الشرقية المحتلة.

المصدر : وكالة سوا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد