هدوء حذر في القدس بعد مواجهات الليلة في المسجد الأقصى

القدس المحتلة

خيّم صباح اليوم، السبت، 8 مايو/ايار، هدوء حذر على باحات المسجد الاقصى وسط القدس المحتلة، بعد المعركة التي استمرت لساعات طويلة، بين قوات الاحتلال الإسرائيلية المدججة بالأسلحة، والمصلين الذين جاءوا للمسجد الأقصى، حتى يعتكفوا في الجمعة الأخيرة من رمضان .

واعتقلت قوات الاحتلال ، خلال مواجهات الليلة الماضية، 20 شخصاً على الأقل، من بينهم 6 خلال قمع المتظاهرين والمعتصمين نصرة لأهالي حي الشيخ جرّاح المهددين بالتهجير القسري لصالح المستوطنين.

و بحسب مقاطع مصورة نشرها ناشطون فلسطينيون، فان ساحات المسجد الاقصى امتلأت ، بالكراسي وعكازات مسنين، وبقايا طعام وعبوات مياه وشراب وأحذية؛ والتي كانت بمثابة ذخيرة المصلين العُزّل للتصدي لقوات الاحتلال المعتدية.

وأفاد موقع "عرب 48" إن "العديد من الشبان تولوا بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من باحات المسجد، تنظيف الساحات استعدادا لاستقبال المصلين لصلاة الفجر"، موضحاً ان ساحات المسجد، من ناحيته الغربية وهو الموقع الذي جرى منه الاقتحام الإسرائيلي، كانت مليئة بالحجارة وقطع بلاستيكية ألقاها المصلون باتجاه عناصر الاحتلال.

وقبل الاعتداء كان المكان يصدح بالهتافات والأناشيد الدينية والوطنية، عشرات الآلاف من المصلين يحيون الجمعة الأخيرة من رمضان؛ لكن فجأة، قوات الاحتلال الإسرائيلي قررت أن تقلب هذه الأجواء الروحانية إلى أجواء مواجهات ومعركة.

وهاجم عشرات العناصر من قوات الاحتلال المدججة بالسلاح وأدوات القمع، باحات المسجد الأقصى، وخاصة قرب بابيّ المغاربة والسلسلة، مطلقين الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت بكثافة نحو المصلين، رغم وجود أطفال وشيوخ وذوي احتياجات خاصة.

وكان من بين المصابين عشرات الصحافيين الذين أصيبوا بجروح جراء استهدافهم برصاص معدني مغلف بالمطاط، أثناء اقتحام قوات إسرائيلية باحات المسجد الأقصى، وتمت معالجة بعضهم ميدانيا، فالرصاص المطاطي، لم يطل الشبان الذين تصدوا للاعتداءات الإسرائيلية فحسب، بل أصاب صحافيين وأطفال وشيوخ ومتضامنين.

لم تكتف قوات الاحتلال بهذه الأحداث، بل طلبت دعمًا عسكريًا إلى داخل المسجد، وأغلقوا معظم أبوابه، واستعانوا بالسلاسل والجنازير حتى يغلقوا باب المصلى القبلي، الذي يعتبر المصلى الرئيسي للرجال، وبداخله الأئمة والشيوخ والأطفال والشبان.

واعتدت قوة إسرائيلية أُخرى على ساحة مصلى قبة الصخرة، المخصص للنساء، وأطلقت نحوهن قنابل الصوت، وحاولت إجبارهن على الخروج من باحات المسجد الأقصى.

ولم تسلم عيادة المسجد الأقصى هي الأخرى من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي، والتي أفزعت الممرضين والمصابين داخل غرفة العيادة، حيث أطلق الجنود قنابل الصوت داخلها، دون أي مبرر.

وبحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني فان عدد اصابات المصلين خلال الاعتداءات وصل 205 اصابة، معظمهم بالرصاص المطاطي، وفي منطقة الوجه، وأغلقت القوات الإسرائيلية أبواب المسجد، ومنعت أحدًا من دخوله، كما اعتلت أسطح المصليات داخل باحاته.

لكن المصلين الذي بقوا متواجدين داخل الحرم القدسي، أقدموا على تنظيف المسجد من آثار الاعتداءات، ودماء المصابين، بعد انتهاء المواجهات. وأضاف شهود العيان إن المئات من المصلين أدوا صلاة قيام الليل بالمسجد.

وجلس العشرات من المصلين في جنبات المسجد يتلون القرآن الكريم، ومع إعادة فتح أبواب المسجد، خرج الكثير من المصلين المعتكفين إلى الحارات القريبة بالبلدة القديمة في القدس لشراء طعام السحور.

وبسبب الظلام الدامس لم يكن بالإمكان رؤية آثار العشرات من القنابل الصوتية التي ألقتها شرطة الاحتلال على المصلين خلال ساعات الليلة الماضية، وما زال العشرات من المصلين يتلقون العلاج في مستشفى المقاصد بالمدينة بعد نقلهم إليه إثر المواجهات.

ودعت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المواطنين للقدوم إلى مكاتبها لاستعادة أجهزة هواتف نقالة وأغراض أخرى كانوا قد فقدوها خلال خروجهم من المسجد أثناء المواجهات.

وتفقد وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية، فادي الهدمي ، فجر اليوم، جرحى العدوان الإسرائيلي في مستشفى المقاصد.

وحمّل الرئيس الفلسطيني، محمود عبّاس، الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة ،عما يجري في مدينة القدس عمومًا والمسجد الأقصى خصوصًا.

وقال الرئيس عباس في اتصال هاتفي مع تلفزيون فلسطين إنه طلب من ممثل فلسطين في الأمم المتحدة "العمل على عقد جلسة لمجلس الأمن لتنفيذ القرارات المتعلّقة بمدينة القدس".

وأكد الرئيس عباس ان: "من جانبنا كل الدعم والتأييد لأهلنا الأبطال في المسجد الأقصى"، وطالب عباس المجتمع الدولي بـ"توفير الحماية للفلسطينيين في القدس".

وقالت حركة حماس في بيان إنّ : "ما يجري في المسجد الأقصى يؤكّد أنّ حرب الصهاينة هي ضدّ المقدسيين وضدّ حرية التعبّد".

واستنكرت وزارتا خارجية كلّ من الأردن وقطر الاعتداءات الإسرائيلية في باحة الأقصى، في حين دعت الولايات المتّحدة إلى "وقف العنف"، على حد تعبير المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس.

واوضحت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان، إنّ : "اقتحام الحرم والاعتداء على المصلّين الآمنين انتهاك صارخ وسافر وتصرّف همجي مدان ومرفوض".

وقال متحدث الخارجية الأميركية، في بيان، إنّ : "الولايات المتّحدة قلقة للغاية إزاء المواجهات الجارية في القدس... والتي أفادت تقارير أنّها أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى".

وأضاف أنّ "العنف لا عذر له، لكنّ إراقة الدماء التي تحصل الآن مقلقة بشكل خاص، لا سيّما وأنها تحصل في الأيام الأخيرة من رمضان".

ولفت المتحدّث إلى أنّ واشنطن دعت المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى "العمل بحزم لتهدئة التوتّرات ووقف العنف".

وشدّد برايس على الأهمية البالغة لتجنّب أيّ خطوات قد تؤدّي إلى تفاقم الوضع مثل "عمليات الإخلاء في القدس الشرقية، والنشاط الاستيطاني، وهدم المنازل، والأعمال الإرهابية".

بدوره قال منسّق الأمم المتّحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند : "نحن قلقون للغاية من تصاعد التوتّرات والعنف في القدس ومحيطها. أدعو الجميع إلى التصرّف بمسؤولية والحفاظ على الهدوء"، مضيفاً "يجب على الجميع احترام الوضع الراهن للأماكن المقدّسة في البلدة القديمة بالقدس بما يخدم السلام والاستقرار، يجب على القادة السياسيين والدينيين التصرّف الآن".

وادعت شرطة الاحتلال في المدينة إصابة 17 من عناصرها، قالت إن نصفهم تلقوا العلاج في المستشفيات، كما زعمت أن من بين الإصابات حالة متوسطة لشرطي أصيب بحجر في وجهه.

20210508090407.jpg

المصدر : عرب 48

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد