للأسف الشديد منذ ثمان أعوم وكل عام أكتب نفس المقال مع اختلاف الارقام للأسوأ على أمل أن يتغير واقع العمال المرير في قطاع غزة , لكن للأسف هذا العام إذدات أوضاع العمال سوءا نتيجة لتبعيات الحرب الاخيرة و إستمرار الحصار و تعثر عملية إعادة الإعمار.
و يصادف يوم 1/5 عيد العمال العالمي فيحتفل العمال بجميع أنحاء العالم بهذا العيد وذلك للفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم نظير جهودهم المبذولة في العمل , بينما يستقبل عمال قطاع غزة هذه المناسبة العالمية بمزيد من الفقر و ارتفاع البطالة و غلاء المعيشة و معاناة متفاقمة , فهم لا يجدون شيء ليحتفلوا به فحالهم وما يمرون به على مدار 15 عاما لا يسر عدو و لا حبيب , فبدئا بانتفاضة الأقصى عام 2000 مرورا بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة و تشريد آلاف العمال مما كانوا يعملون في منطقة ايرز الصناعية , و صولا إلى الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ثمان سنوات ختاما بالحروب و الهجمات العسكرية المتكررة على قطاع غزة وما تبعها من تدمير للعديد من المنشآت الاقتصادية , كلها ساهمت في ارتفاع معدلات البطالة و الفقر و تدهور الاوضاع الاقتصادية وبالتالى تدهور أوضاع العمال.
حيث أدت الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في الأراضي الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص و بشكل كبير جدا منذ بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 , حيث فرضت قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار الاقتصادي علي قطاع غزة وبدأت تنتهج سياسة إغلاق المعابر التجارية ومعابر الأفراد بشكل مستمر ومنعت العمال الفلسطينيين والبالغ عددهم في ذلك الوقت ما يزيد عن 40 ألف عامل من التوجه إلي أعمالهم داخل الخط الأخضر, وبدأ يتقلص عدد العمال داخل الخط الأخضر تدريجيا إلي أن وصل في يومنا هذا إلى الصفر , وفقد قطاع غزة دخل يومي هام جدا من أجور العمال اليومية والتي كانت تعتبر من أهم مصادر الدخل القومي الفلسطيني على مدار سنوات عديدة.
و بعد الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة في عام 2005 انضم أكثر من 8000 عامل جديد إلي قوافل البطالة ممن كانوا يعملون في المستوطنات ومنطقة ايرز الصناعية حيث بلغ عدد العاملين في المستوطنات 3500 عامل في المجالات المختلفة " بناء وزراعة وبلغ عدد العاملين في المنطقة الصناعية ايرز بحوالي 4500عامل فلسطيني يعملون في 191 مصنعا و ورشة ومطعم.
وبحسب مركز الإحصاء الفلسطيني وبحسب معايير منظمة العمل الدولية , بلغ معدل البطالة لعام 2014 في فلسطين 27% (338 ألف عاطل عن العمل) , 24% للذكور و38% للإناث، أما في الضفة الغربية فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 143 ألف عاطل عن العمل حوالي 18% من المشاركين في القوى العاملة 15 سنة فأكثر, 15% للذكور و27% للإناث، في حين بلغ العدد 195 ألف عاطل عن العمل في قطاع غزة حوالي 44% من المشاركين في القوى العاملة 15 سنة فأكثر,40% للذكور و57% للإناث , لكن هذة الإرقام لا تحاكي ما هو موجود على أرض الواقع في قطاع غزة , حيث تفاقمت أزمة البطالة بعد الحرب الأخيرة الشرسة الضروس التى تعرض لها القطاع ووصلت معدلاتها إلى مستويات غير مسبوقة وكارثية , حيث أدت تداعيات الحرب الأخيرة وما تبعها من إستمرار للحصار و تعثر عملية إعادة الإعمار إلى تزايد عدد الفقراء و المحرومين من حقهم في الحياة الكريمة وتجاوزت معدلات البطالة في قطاع غزة 55% , وتجاوز عدد العاطلين عن العمل ربع مليون شخص , و ارتفعت معدلات الفقر و الفقر المدقع لتتجاوز 65% , وتجاوز عدد الاشخاص الذين يتلقون مساعدات إغاثية من الانروا و المؤسسات الإغاثية الدولية و العربية أكثر من مليون شخص بنسبة تصل إلى 60% من سكان قطاع غزة , وهي النسبة التي بلغها انعدام الأمن الغذائي لدى الأسر في قطاع غزة.
وفي الختام أود أن أتسائل , ألم يحن الوقت لتقوم حكومة الوفاق الوطنى بالعمل على خفض معدلات البطالة المرتفعة في فلسطين وخصوصا في قطاع غزة , وذلك من خلال وضع خطط إستراتيجية أو رؤية مستقبلية حقيقة لإيجاد حلول جذرية للحد من ارتفاع معدلات البطالة و الفقر وتفشيها في فلسطين .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية