محطات مهمة في ذكرى وفاة الشيخ زايد
يوافق اليوم السبت الذكرى السابعة عشر لوفاة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله والذي وافته المنية في 2 نوفمبر 2004 ، والذي صادف يوم 19 رمضان.
الاماراتيون استذكروا في ذكرى وفاة الشيخ زايد أبرز محطاته المهمة ، خلال تاريخ حكمه لدولة الامارات العربية ، وكيف ساهم في رفعة وتطوير بلاده خلال سنوات الحكم واتنقل بها لتصبح دولة رائدة على مستوى دول الشرق الأوسط كافة.
الشيخ زايــد بن سلطان آل نهيان كان حاكم أبو ظبي لأكثر من 30 عامًا 6 أغسطس 1966 - 2 نوفمبر 2004 ، وكان الأب المؤسس والقوة الدافعة الرئيسية وراء تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة.
وهو المنصب الذي شغله لمدة ما يقرب من 33 عاما (1971 حتى وفاته في عام 2004). ويلقب سمو الشيخ زايد ف دولة الإمارات بـ أبو الوطن.
باكستان 1972
لم يتوقف تسامح زايد مع أبناء شعبه وبني جلدته فقط، ولا مع من حوله من دول عربية وخليجية، أو حتى بالنسبة لغير المسلمين المقيمين على أرض الإمارات، بل انسحبت مواقفه على البشرية جمعاء من مسلمين وغير مسلمين.
خذ إليك ما تحدث به زايد في 28 مايو من عام 1972 خلال زيارته إلى باكستان وقد كان الاتحاد في بداية نشأته، إذ أشار إلى خطوط الطول والعرض التي تربط باكستان بالعالم الخارجي فقال: «أما الخط الآخر لسياستنا مع الدول غير الإسلامية، فهو خط إنساني بحت يقوم على المحبة والتسامح، فعلينا واجب نحو البشرية، نتعاون معها، ونتعامل معها كبشر، نحترمهم كبشر، ونكنّ لهم بقدر ما يكنون لنا من صداقة ومودة».
الجزائر 1973
كانت أوائل السبعينات فترة الاستقطاب الكبرى بين حلفي وارسو والناتو، وفي تلك الأوقات لعبت دول عدم الانحياز دوراً فاعلاً في إيقاظ فكرة عدم الانتماء لمعسكرات المجابهة، وفي هذا الإطار تحدث زايد في خطاب موجّه إلى القمة الرابعة للدول غير المنحازة في الجزائر بالقول: «إننا ندين التمييز العنصري بكافة أنواعه وأشكاله، ونساند حركات التحرر في العالم مساندة كاملة وعلى الأخص في أفريقيا، ونحن على استعداد لبذل كل ما نستطيعه من مساعدة من أجل انتصار هذه الحركات وتحقيق العدالة وحقوق الإنسان».
انفتاح على الفاتيكان 1974
لم يعرف تاريخ زايد الطويل والمليء بالدروس والمواعظ الأخلاقية أي تمييز بين أتباع الأديان، فباكرا جدا كانت أبوابه مفتوحة لرجالات الدين، وقد استقبل في العام 1974 مندوباً لبابا الفاتيكان في ذلك الوقت البابا الراحل بولس السادس، والذي أبدى إعجاباً عريضاً وواسعاً بالسماحة التي تنطلق على أرض الإمارات، وفي وقت لم تكن هناك فيه بعد علاقات دبلوماسية بين الإمارات وحاضرة الفاتيكان.
أحد كبار رجالات الدين المسيحي والمقاومة الفلسطينية الذين خبروا زايد بهمة ونشاط كان المطران السوري الأصل هيلاريون كابوتشي، والذي نفته سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى خارج مقره القدس العام 1978، فقد التقاه الشيخ زايد وقدم له كما للقضية الفلسطينية كل عون ممكن.
كان إيمان زايد بأن الله سبحانه وتعالى أرسل الأديان من أجل خير ونماء الإنسان، وعليه فإنه لابد وأن تبقى الآفاق مفتوحة بنوع خاص بين أبناء إبراهيم عليه السلام.
جواتيمالا 1976
لم يكن حديث زايد عن التسامح مجرد شعارات، بل يده ممدودة بالعون وغوث اللاجئ والمحتاج، معتبراً أبداً ودوماً أن ثروة الإمارات الحقيقية هي شعبها، وأن هذا الشعب واجب عليه أن يبادر إلى تقديم المساعدات بسماحة نفس عالية، وهذا ما حدث بالفعل العام 1976 حين ضرب زلزال مدمر غرب غواتيمالا في أميركا الوسطى، والتي عرفت لاحقاً باسم غواتيمالا الموت، فقد دمر الزلزال المدينة وأوقع عشرات الآلاف من الضحايا.
لم يصرف زايد عن الاهتمام بالمنكوبين هناك كونهم غير عرب ولا مسلمين، بل نظر إليهم نظرة ملؤها الإنسانية، ولهذا سارع بتقديم مساعدات مالية وعينية طارئة وصلت إلى نحو مائة مليون دولار، الأمر الذي لم تفعله دول كبرى في أوروبا الغربية أو أميركا الشمالية، وقد كانت تلك المساهمة من زايد الخير مثالاً حياً على التسامح عندما يتجسد في الأفعال وليس الأقوال فحسب.
من الصومال 1992 إلى اليمن 1994
لم يتوقف اهتمام زايد بنشر ثقافة التسامح والسلام العالميين عند حدود الداخل فقط، ولا عبر تقديم المنح والمساعدات فقط، إذ شاركت الإمارات بقوة وحضور فاعلين في إنقاذ بقع جغرافية امتلأت برائحة الموت حول العالم.
فعل الأب المؤسس ذلك مرة عام 1992 عندما شاركت الإمارات في جهود الوساطة في عملية «استعادة الأمل» في الصومال، والتي قادتها الأمم المتحدة، وحين اندلعت الحرب الأهلية في اليمن 1994 لم يتأخر زايد عن لعب دور الوساطة لنزع فتيل الأزمة هناك، انطلاقاً من التوجه الاستراتيجي لبلاده، ذاك الذي بلور معالمه وحدد ملامحه في 20 نوفمبر 1973، وفي المقدمة من ذلك التوجيه: «تعزيز السلام العالمي والصداقة والتعاون مع كافة الدول والشعوب على أساس مبادئ حسن الجوار والتسامح والاحترام المتبادل ورعاية المصالح المشروعة».
منظومة الأخوّة والتسامح
لعل الذين قدر لهم البحث المعمق في أوراق زايد الخير وخطبه الثرية، يدركون أن فكراً سامياً راقياً قد ملأ قلبه وعقله، فكر يقوم على جناحين، الأخوّة من ناحية، والتسامح من ناحية أخرى، إقليمياً ودولياً.
ما نقول به تبدى واضحاً في خطاب المؤسس الكبير بمناسبة اليوم الوطني عام 1972 وجاء فيه: «لا توجد دولة تستطيع الحياة في عزلة عن المجتمع الدولي، ولا يستطيع شعب أن يتقدم دون أن يراقب عن كثب خطوات الشعوب الأخرى التي سبقته على طريق التقدم، ويحاول أن يستفيد من التجارب التي تلائم ظروفه، والعالم بما فيه من الدول ما هو إلا مجموعة من الأسر المتجاورة، وإذا حسنت العلاقة بين الجار والجار، وكان شعارها الأخوّة والتسامح، شاع الأمن والاستقرار».
البوسنة والهرسك 1992
حين حل العقد الأخير من القرن العشرين، ذاك الذي شهد حربين عالميتين كبريين، كان المسلمون في البوسنة والهرسك يلقون هوانا غير مسبوق، فبين ضروس الآلة العسكرية الفتّاكة، وبين الجوع والبرد القارسين والقاتلين كان العالم يتفّرج على البشر الذين يلاقون الهوان على الطرقات.
تسامح ومحبة زايد تلك التي جعلته يندد بسلبية القوى العظمة الصامتة، والأمم المتحدة بنوع خاص، فإذ به يأمر بإرسال العديد من شحنات الإغاثة من المواد الغذائية والطبية، واستضافة الجرحى لعلاجهم في مستشفيات الدولة، كما وجّه بتمكين عشرات العائلات البوسنية من الإقامة في الإمارات بشقق وبيوت مجهّزة بالكامل، وفي توفير فرص العمل لهم، و فتح أبواب المدارس والمعاهد أمام أبنائهم.
إسلام الرحمة والتسامح 1993
لم تتعرض أمة لاختطاف معتقدها الديني والإيماني مثلما جرت المقادير مع الأمة الإسلامية، فقد تسرّب فيروس التطرف والتعصب، التشدد والتمذهب، إلى بعض من أبنائها، لا سيّما بسبب الغزو السوفييتي لأفغانستان، وما تلى ذلك من نشوء وارتقاء الحركات المتطرفة. لكن زايد الخير كان دائماً وأبداً حصناً حصيناً لأبناء أمته، يدافع وينافح عن الإسلام السمح الوسط المعتدل البعيد عن كل غلو وتطرف.
وفي لقاء له العام 1993 مع مجموعة من كبار رجال الدين والعلم في العالم العربي، كان زايد الخير يطالبهم بضرورة التصدي لظاهرة التطرف الديني، وتوعية الشباب بمبادئ الدين الذي يدعو إلى التسامح والتراحم، ورفض العنف وثقافة الكراهية والتعصب، من خلال خطاب ديني عقلاني وسطي.
الأمير تشارلز 1993
لم يترك الشيخ زايد فرصة أو لقاء مع ضيف أجنبي أو مسؤول غربي، إلا وكاشفه وكشف له عما هو جوهر الإسلام كدين رحمة وهدى ونور، وهذا ما حدث خلال لقائه مع ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز في العام 1993، الأمر الذي أقر تشارلز لاحقاً بأنه بيّن له الكثير مما كان غامضا بالنسبة إليه، إذ أفهمه كيف إن «الإسلام دين رحمة وتسامح ومحبة وغفران، تفاهم وخطاب عقلاني، وتقارب بين البشر، ومعاملة بالتي هي أحسن، ولا يعرف العنف الذي يمارسه الإرهابيون الذين يدّعون الإسلام زورا وباسمه يذبحون إخوانهم وأهلهم للوصول إلى أهدافهم المغرضة تحت شعار الدين، في سلوك مشين والإسلام منهم براء».
مشاريع الشيخ زايد في فلسطين
ويُعَد مشروع ضاحية الشيخ زايد في القدس الذي تكلف نحو 15 مليون درهم واحدا من أبرز المشاريع التي وجه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بتنفيذها في فلسطين إلى جانب مشاريع أخرى منها إعمار مخيم جنين الذي تكلف إنشاؤه نحو 100 مليون درهم، وبناء مدينة الشيخ زايد في غزة بتكلفة بلغت نحو 220 مليون درهم، ومدينة الشيخ خليفة في رفح والحي الإماراتي في خان يونس، إضافة إلى العديد من المستشفيات والمدارس والمراكز الصحية ومراكز المعاقين التي انتشرت في القرى والمخيمات والمدن الفلسطينية في غزة والضفة الغربية.
من أقوال الشيخ زايد
الجيل الجديد يجب أن يعرف كم قاسى الجيل الذي سبقه؛ لأن ذلك يزيده صلابة وصبراً وجهاداً لمواصلة المسيرة التي بدأها الآباء والأجداد.
نحن نستخدم الثروة النفطية لخدمة الإنسان وبناء المدارس والجامعات والمستشفيات والطرق والتشجير وإقامة المزارع والمصانع