بالتفاصيل..كيف قامت المخابرات الفلسطينية بتحرير رهينتين سويديين؟

رام الله / سوا / سبقت تحرير الرهينتين السويديين اللذين كانا محتجزين لدى مسلحين في سورية ظهر الجمعة، عملية معقدة وصعبة ونظيفة نفذتها المخابرات العامة الفلسطينية بتوجيهات مباشرة من قبل الرئيس محمود عباس ودون إطلاق رصاصة واحدة أو دفع فدية.


حتى يوم الخامس عشر من شباط الماضي، وهو موعد زيارة الرئيس محمود عباس إلى ستوكهولم لشكر مملكة السويد على اعترافها بدولة فلسطين، لم تكن السويد على علم بمصير سويديين أخذهما مسلحون في سورية في الثالث من كانون الأول 2013 رهينتين.


والرهينتان هما رجلا دين في كنيسة تدعو للتعايش السلمي بين الأديان.


وقال مسؤول امني فلسطيني كبير لصحيفة الأيام المحلية: لم يكن عند السويديين أي معلومات عنهما، فهل هما على قيد الحياة أم أموات، ولذلك فإن المسؤولين السويديين طلبوا من الرئيس عباس المساعدة أن أمكن في تحرير الرهينتين".


وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: كلف الرئيس عباس المخابرات العامة الفلسطينية بمتابعة الموضوع، وبالفعل ففي ذات الشهر، أي شباط الماضي، توجه وفد من المخابرات إلى السويد والتقى مع نظرائه في جهاز المخابرات السويدية حيث تم نقاش عدد من القضايا أهمها هذا الموضوع.


وتابع: بدأنا نعمل على هذا الموضوع تحت عنوان إمكانية رد الجميل للسويد التي كانت السباقة بالاعتراف بدولة فلسطين إضافة إلى تاريخ السويد الإيجابي معنا فضلا عن انه في أزماتنا الأخيرة فإن السويد كانت دائما معنا إذ استقبلت لاجئين فلسطينيين من سورية ولبنان و غزة وعاملتهم بكل احترام وقدمت كل ما تستطيع لهم".


استنادا إلى ذلك فقد أطلق جهاز المخابرات العامة الفلسطينية على هذه العملية اسم "رد الجميل".


سريعا بدأ ضباط المخابرات العامة بالتنقل بين العديد من العواصم العربية والآسيوية والأوروبية حتى تمكنوا من الوصول إلى خيط يمكنهم من الوصول إلى المسلحين.


وقال المسؤول الفلسطيني: تمكنا من التواصل مع المسلحين ومن خلال هذا التواصل علمنا أن الرهينتين على قيد الحياة، وبتعليمات من الرئيس عباس الذي كان يتابع الموضوع بشكل مباشر، فقد ابلغنا السويديين بهذه المعلومات وكانوا حقيقة سعداء بها، ولكن السؤال الذي كان يبرز هو ماذا يثبت إنهما أحياء".


مصدر سؤال السلطات السويدية هذا كان فشل العديد من العمليات التي حاولت دول عظمى تنفيذها لتحرير رهائن في سورية والعراق.


وعلى ذلك فقد سعى ضباط المخابرات العامة للحصول على إثبات ملموس بأن الرهينتين هما على قيد الحياة.


وقال المسؤول الأمني الفلسطيني: ذهبنا مرة أخرى في عملية صعبة ومعقدة وخطيرة وفي ساحة اقل ما يقال عنها أنها ساحة حرب ودم ودمار واستطعنا في يوم الثاني من نيسان الجاري من الوصول إلى المخطوفين وبالفعل فقد تم تسجيل فيديو للرهينتين.


كان ذلك أول دليل ملموس منذ عامين يؤكد أن الرهينتين على قيد الحياة، ولكن الوصول إلى هذه المعلومة تطلب من ضباط المخابرات العامة الفلسطينية الوصول إلى نقاط خطرة جدا في داخل سورية.


وشاهدت "الأيام" الشريط الذي يبدو انه سجل من خلال جهاز محمول وتظهر فيه الرهينتان في ساحة مفتوحة ويبدأ بأن يعرف كل منهما على نفسه مع ذكر تاريخ التسجيل حيث قال احدهما: "نشكر الرئيس عباس على جهده من اجل حريتنا ونأمل الخير للاجئين الفلسطينيين في سورية والعراق وفي كل مكان".


ويقول المسؤول الأمني الفلسطيني: هذا الإثبات بأنهما على قيد الحياة وان القناة صحيحة، وضع عملية "رد الجميل" في مكان آخر. في إشارة إلى بدء العمل من اجل تحريرهما.


ثمة العديد من المخاوف سادت جهاز المخابرات العامة في ذلك الحين وتحديدا إمكانية أن تسعى جهات إلى تخريب عملية التحرير، لاسيما تلك غير الراضية عن اعتراف السويد بفلسطين، أو أن يتدخل عامل المال بما يؤدي إلى إحباط العملية.


وقال المسؤول الأمني الفلسطيني: لقد عملنا في ظروف غاية في التعقيد بكل التفاصيل وكنا نخشى انه في أي لحظة من الممكن أن يتم تخريب الجهد وأضاف: عملنا بأقصى درجات السرية المطلقة.


ومع ذلك فقد لفت المسؤول إلى "جهد كبير من أشقائنا الأردنيين" وقال، "كل الاحترام والتقدير لهم (الأردنيين)، لقد عقدنا أكثر من اجتماع عمل مع المخابرات الأردنية وقد تصرفوا بمسؤولية عالية وقدموا لنا كل دعم ممكن".

نقطة الصفر


استنادا إلى المسؤول الأمني الفلسطيني فإن نقطة الصفر كانت ليلة الخميس الماضي وقد تشكلت خلية أزمة في السويد وخلية أزمة في فلسطين أدارها الرئيس عباس بشكل مباشر وبالتفاصيل، فيما أن ضباط المخابرات العامة كانوا على اتصال من أكثر من عاصمة وفي ذات الوقت واتفق على موعد التنفيذ".


ويؤكد المسؤول انه لم يتم دفع دولار واحد لتنفيذ الإفراج عن الرهينتين وقال: الذي اقنع المسلحين بتسليم المختطفين هي فلسطين، قلنا أن فلسطين بحاجة لإتمام عملية الإفراج وان فلسطين لا تريد أن تتاجر بهذا الموضوع وإنما أن تقول فقط: شكرا للسويد.


وأضاف: قلنا لهم ساعدونا من اجل فلسطين، ليس عندنا ملايين وأننا نعاني أصلا من أزمة مالية، وللحقيقة فإنه كانت هناك مصداقية عالية من طرفهم معنا ونفذوا كل اتفاق تم التوصل إليه معهم وكانوا صادقين في أدق التفاصيل، لأن فلسطين كبيرة".


وأضاف: حل الليل يوم الخميس وكانت الاتصالات مع أكثر من عاصمة تتواصل لاعتبارات الخوف من الفشل أو تدخل أطراف غير مرغوبة أو اعتبارات تدخل المال.

التحرير
تمت عملية التحرير في عمق 500 متر داخل الأراضي السورية من جهة الحدود الأردنية.


وأشار المسؤول الأمني إلى انه في الساعة الثانية والربع من ظهر يوم الجمعة "دخلنا بإسناد حقيقي من المخابرات الأردنية وحرس الحدود الأردني، وقد جاءت سيارة فيها الرهينتان وقد ألقتهما وغادرت المكان مسرعة".


توجه ضابط من المخابرات العامة الفلسطينية إلى الرهينتين اللذين كانا يخشيان من انه قد تم تسليمهما من مجموعة مسلحة إلى أخرى.


وقال مسؤول الأمن: الضابط قام بمغامرة كبيرة بأن وصل إليهما وتقدم منهما وعرف بنفسه بأنه من المخابرات العامة الفلسطينية وانه قد تم تحريرهما وأنهما في طريقهما إلى السويد، ومن ثم صعد معهما تلة حيث كانت بانتظارهم سيارات في منطقة شبه آمنة.


وأضاف: "أعطيناهما المياه وتم تسجيل شريط قصير لهما بالسيارة شكرا فيه فلسطين والرئيس محمود عباس على تحريرهما وانطلقت السيارة إلى داخل الأراضي الأردنية بالتنسيق الكامل والدعم والمساندة من السلطات الأردنية".


وتابع المسؤول الأمني الفلسطيني: "تم تسليمهما إلى السويد في الأردن بجهد فلسطيني - أردني وذلك في السفارة السويدية وفي الليل وصلا إلى السويد.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد