"الشباب والثقافة" تكرم معين بسيسو "شاعر القضية والإنسان"
كرمت الهيئة العامة للشباب والثقافة ب غزة ، الشاعر والكاتب المسرحي الفلسطيني معين بسيسو، الملقب بـ "شاعر القضية والإنسان"، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للشعر، وضمن مشروع "عاش هنا" الذي تنفذه الهيئة.
وحضر حفل التكريم الذي أقيم في ديوان عائلة بسيسو بمدينة غزة، رئيس الهيئة الأستاذ أحمد محيسن، ومدير عام العمل الأهلي والآداب الأستاذ سامي أبو وطفة، ومدير عام الفنون الأستاذ عاطف عسقول، ونجل الشاعر الأستاذ توفيق بسيسو، ورئيس مجلس عائلة بسيسو الأستاذ وضاح بسيسو وأعضاء المجلس، وضيف الحفل وكيل وزارة الثقافة الأسبق الأستاذ مصطفى الصواف.
وفي كلمة له، أوضح محيسن أن مشروع عاش هنا يهدف إلى تكريم المبدعين الراحلين من أبناء الشعب الفلسطيني، تقديرًا لإسهاماتهم المؤثرة في العمل الوطني ودورهم الريادي في النهوض بالثقافة الفلسطينية ونشرها ونقلها إلى العالم، مبينًا أنه تم حتى الآن تكريم (10) شخصيات في كافة محافظات قطاع غزة وسيتم خلال المرحلة القادمة استكمال المشروع بتكريم كوكبة أخرى من الشعراء والأدباء والفنانين.
وقال محيسن: "نحتفي اليوم بتكريم أحد رواد الثقافة الفلسطينية، وأيقونة في التاريخ النضالي الفلسطيني، حيث ترك وراءه تراثاً أدبيًا نضاليًا ما زال يلهب المشاعر ويحرض على الغضب والثورة ومقاومة الاحتلال".
وأضاف: "يمثل الشاعر بسيسو رمزًا للوحدة الوطنية والتكاتف والتعاضد حيث إنه كان من أكثر الأدباء الفلسطينيين دعوة للوحدة الوطنية بين قوى وفصائل العمل الوطني، وتوحيد الجهود النضالية نحو الاحتلال".
ومن جهته قال الصواف: "إن الأعمال الأدبية للشاعر معين بسيسو تؤرخ فصول تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، حيث إن المؤرخ المعاصر يستطيع أن يطلع عن قرب على التاريخ الفلسطيني الحديث من خلال أشعار بسيسو منذ قصائده المبكرة في مواجهة النكبة ورفض مشروع توطين الشعب الفلسطيني خارج بلاده، وصولاً إلى مرحلة الثورة الفلسطينية بكل ما تضمنته من معاناة وألم وأمل، حيث أنه يُعد أحد رواد الشعر المسرحي في فلسطين"، مشيرًا إلى أنه استطاع من خلال عمله في مجال التعليم أن يعزز الوعي الوطني لدى التلاميذ ويحرضهم ضد الاحتلال.
وبدوره ثمن بسيسو هذه المبادرة لتخليد ذكرى الشاعر الراحل معين بسيسو، مستعرضًا أبرز المحطات التاريخية في حياة الشاعر ونشاطه السياسي والأدبي والثقافي ودوره في نقل القضية الفلسطينية إلى آفاق عالمية.
ويذكر أن الشاعر الراحل معين بسيسو ولد في مدينة غزة بحي الشجاعية عام 1926، تلقى تعليمه الابتدائي في مدارس غزة، ثم أكمل تعليمه الإعدادي والثانوي في كلية غزة.
وانخرط في العمل الوطني مبكرًا في وقت مبكر، بعد انضمامه إلى "عصبة التحرر الوطني في فلسطين" في قطاع غزة عام 1947، وفي عام 1948 التحق بالجامعة الأمريكية في القاهرة كلية الآداب قسم الصحافة، وتخرج فيها عام 1952.
وتأثر بسيسو بأشعار عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى"، ونشر أولى قصائده في مجلة "الحرية" اليافاوية عام 1944، ثم بدأ ينشر قصائده الوطنية في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية.
وبعد سفره إلى القاهرة، بدأ ينشر كتاباته في مجلة "الملايين" المصرية الناطقة باسم "الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني"، وفي القاهرة، صدر ديوانه الأول بعنوان "المعركة" في يناير 1952، ثم تلاحق صدور دواوينه ومسرحياته الشعرية وأعماله النثرية في القاهرة، وبيروت وبغداد.
وبعد عودته إلى قطاع غزة، عمل مدرسًا للغة الإنجليزية في المدرسة الحكومية في حي الشجاعية، وفي مطلع عام 1953 سافر إلى العراق، حيث عمل لبضعة أشهر، مدرسًا للغة الإنجليزية في مدرسة قرية "الشامية" في محافظة الديوانية.
وبعد عودته إلى قطاع غزة، عُيّن مدرساً للغة الإنجليزية في مدرسة "مخيم البريج" الإعدادية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا "، بيد أنه فُصل منها، عقب اتهامه بتنظيم تظاهرة شارك فيها طلاب المدرسة احتجاجًا على غارة لقوات الاحتلال استهدفت المخيم في 28 أغسطس 1953 وسقط خلالها 50 شهيدًا وعشرات الجرحى.
وفي أواخر عام 1953، شارك معين بسيسو، مع عدد صغير من أعضاء "عصبة التحرر الوطني في فلسطين"، في عقد المؤتمر الأول لـ "الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزة"، وانتُخب أميناً عاماً لهذا الحزب، وأصبح يشارك في تحرير نشرته السرية وكانت تحمل اسم "الشرارة".
وفي مارس 1955، اعتقلته السلطات المصرية، التي كانت تحكم قطاع غزة، بتهمة قيادته المظاهرات الوطنية الكبرى التي اندلعت في القطاع ضد مشروع إسكان وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في شبه جزيرة سيناء، وأُطلق سراحه في شهر يوليو 1957.
وعمل بسيسو بعد إطلاق سراحه مديرًا لـ "مدرسة صلاح الدين الإعدادية" التابعة لـ "الأونروا" في غزة، بيد أن السلطات المصرية عادت واعتقلته في أبريل 1959، وبقي معتقلاً حتى مارس 1963.
وبعد عودته إلى قطاع غزة، عمل مدرسًا في مدرسة "جباليا" الإعدادية، ثم في مدرسة "بني سهيلا" في خان يونس، كما ساهم بعد تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، في إنشاء الإذاعة الفلسطينية.
وغادر بسيسو مدينة غزة بعد احتلالها عام 1967 وانتقل إلى دمشق، حيث عمل في جريدة "الثورة" السورية، وبدأ يكتب برامج متنوعة للإذاعة السورية حتى عام 1968، وفي عام 1969، وبعد فترة قصيرة أمضاها في موسكو، سافر بسيسو إلى القاهرة ليعمل محررًا في القسم الأدبي في جريدة "الأهرام"، ثم قرر في عام 1972، الانتقال إلى بيروت، حيث عمل حتى عام 1974 في مجلة "الأسبوع العربي".
وانتُخب بسيسو عضواً في الأمانة العامة لـ "الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين"، وعضواً في الأمانة العامة لـ "اتحاد كتاب آسيا وإفريقيا"، وتولى في بيروت رئاسة تحرير الطبعة العربية من مجلة "اللوتس" الصادرة عن "اتحاد كُتّاب آسيا وأفريقيا".
وعُيّن بسيسو في بيروت عام 1981 مستشاراً ثقافياً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وكان عضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني.
وبقي بسيسو في بيروت، خلال الاجتياح (الإسرائيلي) للبنان في صيف 1982، وشارك، مع عدد من الكُتّاب الفلسطينيين والعرب، في تحرير جريدة "المعركة"، وغادر بيروت، مع مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، واستقر في تونس.
ومنحه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1979 "درع الثورة للفنون والآداب". كما نال سنة 1980 "جائزة اللوتس" الدولية للآداب من "اتحاد كتّاب آسيا وأفريقيا".
ومن أعماله الشعرية المسافر، المعركة، الأردن على الصليب، قصائد مصريّة، فلسطين في القلب، مارد من السنابل، الأشجار تموت واقفة، كرّاسة فلسطين، قصائد على زجاج النوافذ، جئت لأدعوك باسمك، الآن خذي جسدي كيساً من رمل، آخر، القراصنة من العصافير، حينما تُمطر الأحجار.
ومن أعماله المسرحية: مأساة جيفارا، ثورة الزنج، شمشون ودليلة، مأساة جيفارا، ثورة الزنج، الصخرة، العصافير تبني أعشاشها بين الأصابع، محاكمة كتاب كليلة ودمنة.
ومن أعماله النثرية: مات الجبل، عاش الجبل، نماذج من الرواية الإسرائيلية المعاصرة، قصة باجس أبو عطوان، دفاعاً عن البطل، البلدوزر، دفاتر فلسطينية، كتاب الأرض، أدب القفز بالمظلات، الاتحاد السوفيتي لي، 88 يوماً خلف متاريس بيروت، قصة عودة الطائر، وطن في القلب.
وتُرجمت أعماله الأدبية أدبه اللغات الروسية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية واليابانية والفيتنامية والفارسية، وإلى لغات شعوب عدد من جمهوريات آسيا الوسطى التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي السابق.
وتوفي معين بسيسو في إثر نوبة قلبية حادة ألمت به في لندن يوم 23 يناير 1984، ورفضت قوات الاحتلال طلب عائلته بدفنه في مسقط رأسه في مدينة غزة، فنقل جثمانه من لندن إلى تونس، ثم إلى القاهرة حيث دُفن في مقبرة الأربعينات.
وفي نهاية الحفل تم إزاحة الستار عن لوحة مذهبة زينت جدار ديوان العائلة نقش عليها اسمه وتاريخ ميلاده ووفاته.