أبو سيف يعلن الموسيقار "لاما" شخصية العام الثقافية 2021
احتفل الشعب الفلسطيني اليوم السبت، بيوم الثقافة الوطنية الذي يصادف يوم ميلاد شاعر فلسطين محمود درويش .
وقالت وزارة الثقافة إن يوم الثقافة الوطنية الفلسطينية يمثل مرتكزًا أساسيًّا من مرتكزات الفعل الثقافي الوطني الفلسطيني من خلال ما تمثله الرّواية الفلسطينية، و ما تؤصله الحكاية الراسخة في ذاكرة الأجيال المتوارثة منذ أن بزغ نجم الحياة على أرضنا الرابضة بين الماءَيْن، لتؤكد رواية الحق والعدل والمقاومة لرواية النقيض والكذب والتزوير والتّدليس.
وأضافت الوزارة في بيان لها أن : "هذا يوم للاحتفال بالمنجر الثقافي والمعرفي والتراثي الفلسطيني بما أبدع شعبنا العظيم على هذه الأرض وعنها في المتاح من الجغرافيا أو في ربوعها أو في الشتات القصري واللجوء القهري، يوم لنتذكر من خلدوا فلسطين وأهلها والحياة فيها.. من كتب قصيدة أو رواية أو صدح صوته بموال وأغنية أو رسم لوحة أو وقف على خشبة المسرح أو خلف كاميرا السينما أو التقط صورة أو أبدع عملاً أينبع في ربيع تراثنا".
وتابعت الوزارة أنه: "في يوم ثقافتنا الوطنية مازلنا على هذه الأرض، لن نذهب إلى أي مكان آخر، أما الغزاة اللصوص فهم من سيرحلون، لأن البلاد لأصحابها. فالبلاد التي قاتل أهلها بكل وسيلة ممكنة لا يرون مناصاً إلا مواصلة نضالهم من أجل استردادها، من أجل الحفاظ على عبق وجودنا الأزلي والأبدي فيها".
وأوضحت أن : "نحن ورثة الحكايات الأولى التي انتشرت في غابات البلاد وسافرت عبر عبق الأزهار فوق تلالها وطفت على موج بحرها الوادع وسرت بين الوديان بين الجبال، نحن الذين نشبه شجر السرو على حواف الطرقات والبوص حول منباع المياه وأشجار الزيتون وهي تستقبل الريح الوافدة من كل الاتجاهات، والحبق والحنون الزعتر والميرمية.. نحن الذين بالقلم كتبنا القصيدة في حب فلسطين، وخلدنا الحياة عليها في الرواية واللوحة والأغنية واللحن والصورة، نحن الذين كتبنا على جدران كهوف البلاد وحملنا الأبجدية على قواربنا مسافرين في العالم. شعبنا الذي أبدع في القدس ويافا وحيفا وعكا واللد ووصفد والناصرة والمجدل وبئر السبع و غزة و نابلس والخليل وكافة مدنه وقراه كما أبدع في المخيمات واماكن اللجوء، الشعب الذي قال الحياة بلا فلسطين لا يمكن عيشها".
وفي ذات السياق أعلن الدكتور عاطف أبو سيف وزير الثقافة الروائي، عن الموسيقار باتريك لاما ابن مدينتي القدس وبين لحم شخصية العام الثقافية للعام 2021، هذا وقد قامت وزارة الثقافة بإنتاج فيلم خاص عن سيرة ومسيرة باتريك لاما أعده وأخرجه الفنان الفلسطيني احمد داري.
وقال أبو سيف إن : "منجزات لاما الموسيقية كان لها دور كبير في التأكيد على الهوية الوطنية الفلسطينية وعلى عمق ارتباط هذا الشعب بأرضه خاصة الأوبيرا الشهيرة "كنعان" التي جسد هذه الأصالة وهذا الوجود الضارب في أعماق الأرض"، مضيفاً أن لاما حمل معه فلسطين مثل كل الفلسطينيين في حله وترحاله فكان هو المسافر وهي الباقية فيه.
وأضاف ابو سيف إن اختيار لاما هو انحياز للمثقف الذي يعرف الدور المنوط به في سرد حكاية شعبه وفي توظيف الفن والإبداع لدفاع عن حقوقه، و الثقافة دوماً كانت أداة هامة في نضال الشعب من أجل الحفاظ على وجودها وكان لها في كفاح شعبنا ضد كل موجات الاستعمار التي آخرها النكبة والنكسة دور أبدعه الكاتب والشاعر والفنان وحملة التراث في كل مناحي الحياة.
وأكد أبو سيف أن الوزارة آخذة بعين الاعتبار التدابير الوقائية والصحية الواجبة بسبب الجائحة والاجراءات ستنظم سلسلة من الفعاليات المختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل الفلسطيني والشتات احتفالاً بهذه المناسبة على مدار أسبوع. إن الغاية من هذه الفعاليات تاكيد ما قام به المثقفون من دور في إسناد كفاح شعبنا عبر تخليد مقولات وأفكار كوكبة من كبار المبدعين الفلسطينيين على مدار قرن من الزمن وتنظيم معارض فن تشكيلي وندوات ولقاءات حول الثقافة والآداب والفنون الفلسطينية.
ومن الجدير ذكره أن شخصية العام الثقافية الموسيقار "باتريك لاما" مؤلف موسيقي وعازف بيانو فلسطيني من مواليد مدينة القدس العام 1940، بدأ تكوينه الموسيقي مع والده، أوغستين لاما، مؤلف وعازف الأرغن في كنيسة القيامة في القدس، كما درس آلة البيانو مع الأستاذ مرسيل كيامبي في الكونسرفاتوار الوطني للموسيقى في باريس، ثم في مدرسة مارغريت لونك في باريس أيضًا، وأخذ دورات تأليف مع الأستاذ هنري ديتيليه في دار المعلمين للموسيقى في باريس.
وألف عدة مقطوعات موسيقية وغنائية، بالإضافة إلى تلحين أعمال أوركسترالية. من أعماله التي لاقت صدى عالميًّا واسعًا: أوبرا كنعان المرتكزة على نصوص أوغاريتية غنيت باللغة العربية الفصحى لتكون بذلك أول أوبرا تغنى بهذه اللغة وقد عُزفت في ألمانيا.
ومن مؤلفاته أيضًا كتاب "الموسيقى الشعبية الفلسطينية" الصادر عن دار نشر تيموانياج كريتيان في باريس عام 1983 باللغة الفرنسية، كما شارك في تأليف كتاب "الثقافة الفلسطينية" الصادر عن دار نشر سيكومو في باريس العام 1981 باللغة الفرنسية، إضافة إلى نشر العديد من الأبحاث الموسيقية في الصحف والمجلات، كذلك ساهم في مشروع تنويط الأغاني الشعبية الفلسطينية الذي أشرف عليه مركز الفن الشعبي في البيرة.
انخرذ باتريك لاما مبكرًا في العمل الوطني الفلسطيني فكان من أوائل المؤسسين لفرع الاتحاد العام لطلبة فلسطين في سنوات الستينيات في فرنسا، حيث لم يكن يتجاوز حينها عدد الطلبة الفلسطينيين في باريس الثلاثين طالبًا، كذلك نشط في إطار حركة فتح في باريس مع الرعيل الأول ومنهم: الشهيد محمود الهمشري، الشهيد عز الدين القلق، داوود تلحمي، جورج وحنا أبو سعدة، رهيف وشفيق المالكي، وسلمان الهرفي وآخرين.
وكان أول من دعا لضرورة التمثيل الرسمي الفلسطيني في فرنسا على إثر المظاهرات الطلابية التي عمّت باريس العام 1968، و قلده الرئيس محمود عباس وسام الثقافة والعلوم والفنون، تقديرًا لإبداعاته الفنية في مجاليْ التأليف الموسيقي والعزف على البيانو، وتثمينًا لجهوده القيمّة في تكريس الهوية الفلسطينية عبر مؤلفاته الموسيقية الغنائية القائمة على شعر محمود درويش.