رسالة الأسير مروان البرغوثي من شقين
الرجوب يكشف تفاصيل 3 قرارات مهمة اتخذتها فتح بشأن الانتخابات
كشف اللواء جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح اليوم الخميس تفاصيل 3 قرارات اتخذتها حركة فتح بشان الانتخابات التشريعية.
وقال الرجوب إن القرار الأول يتعلق بأن لا يكون أعضاء اللجنة المركزية والمجلس الثوري جزءا من المنافسة في الانتخابات، ليكونوا في الإطار القيادي ليضبط ويصمم الإيقاع وتقديم هذه الكوكبة لشعبنا وللناخب كي نحظى بثقته، كي لا نأخذ فرص غيرنا وأن لا نكون جزءا من التنافس.
أما القرار الثاني، فهو المعايير المتعلقة باختيار مرشحي قائمة الحركة والمصادقة عليها، وهي: البعد الجغرافي، والبعد التاريخي وفق مؤهلات والمناعة الوطنية عند الأفراد، والفهم السياسي والقانوني لأولئك الأشخاص، وبعد متعلق بمشاركة المرأة ولدينا قرار بمشاركة 30% من الأخوات ولكن طموحنا أن يكون 50%. وهناك معيار متعلق بالدين الذي هو جزء من ثقافتنا ولكن بمفهومها الوطني الديمقراطي وليس بمفهومها الأيدلوجي المتحجر، والبعد النضالي والسياسي، والبعد الاجتماعي، والبعد النقابي والأكاديمي، والقطاع الخاص، وسيكون للمرأة والشباب حصة الأسد. وبعد وضع المعايير والمصادقة عليها في اللجنة المركزية لحركة فتح ، يتم تشكيل القائمة وعرضها على اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة للمصادقة عليها.
أما القرار الثالث، فهو أن فتح تتطلع إلى بناء جبهة وطنية عريضة أبوابها مفتوحة لكل القوى السياسية النضالية من الفصائل أو القطاع الخاص أو الأكاديميين والعناوين الاجتماعية والمقاومين والنشطاء."
وأكد الرجوب أنه لن يكون هناك إلا قائمة رسمية واحدة لحركة فتح، وأخذنا قراراً باللجنة المركزية لحركة فتح بمجموعة اتجاهات لأول مرة في تاريخ الحركة.
وقال :" الاتجاه الأول بالتوافق على معايير وطنية بالمفهموم الشامل، وعرضها ونشرها على كل أطرنا التنظيمية والقاعدية، إذ إن هناك فرز لمرشحي الحركة، ضمن حالة توافق داخلية، والقائمة يفترض أن تكون معبرة عن مصالحنا، وفهمنا لدور حركة فتح ولدور المجلس التشريعي في هذه المرحلة الأهم والأخطر منذ ١٩٦٥/١/١، هذا المجلس قد يواجه خيار إعلان الاستقلال الوطني وتجسيده من طرف واحد في ظل حماية دولية.
وأوضح الرجوب ان المجلس التشريعي القادم سيواجه إعادة صياغة القوانين التي حصلت في مرحلة الانقسام، وتوحيد أجهزة الدولة، وإيجاد ثقافة لها علاقة بمجتمع وطني وديمقراطي، وهذه التحديات بحاجة لفرسان مدركين للاستحقاقات المطلوبة منهم.
نص الحوار
س: ما الذي أحدث الاختراق هذه المرة في ملف الحوار بينكم وبين حركة " حماس " رغم وجود محاولات سابقة؟
ج: أود التأكيد أن تفاهمات اسطنبول لم تكن البداية، فالانطلاقة الحقيقية بدأت باللقاء الإعلامي المتلفز بيني وبين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الأخ صالح العاروري في تموز 2020، وهذه الانفراجة بنيت على أسس وتفاهمات ثنائية شكلت أساسًا موضوعيًا لانطلاقة الحوارات بين كافة الفصائل.
بعد هذه التفاهمات الثنائية التي تم التعبير عنها في اللقاء المتلفز مع العاروري تمثلت في إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وتم التوافق والإقرار المشترك لأول مرة بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، بالرغم من أن "حماس" خارج المنظمة، كما تم توحيد مفهوم المقاومة وفق استحقاقات وطنية وإقليمية ودولية وأن المقاومة حق مكتسب بكل الأشكال ولكن تم التوافق على أن المقاومة الشعبية في هذه المرحلة هي الخيار الأنسب لأسباب لها علاقة بالعاملين الإقليمي والدولي لحسم الصراع لصالحنا.
أعتقد أن هذه التفاهمات الثنائية هي من قادنا لمؤتمر الأمناء العامين ومخرجاته ومن وضعت الإطار الوطني العام للمرحلة المقبلة، والذي أكد بالإجماع على قيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، وعلى قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باللاجئين، ومنظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والمقاومة الشعبية كخيار في هذه المرحلة، وأن تغيير قواعد الاشتباك مع الاحتلال يجب ان يتم بالتوافق وبناء شراكة من خلال إجراء انتخابات بالتمثيل النسبي.
س: هناك من يتساءل، لماذا بدأتم بالانتخابات قبل المصالحة؟
ج: في الخطوة الأولى للحوارات التي تمت، بدأت في إطار ثنائي أسس لإطار ومرجعية وقواسم مشتركة بحدها الأدنى أو بحدها الأقصى لكل فصائل العمل الوطني الفلسطينية، وفيما بعد عدنا مرة ثانية لتفاهمات ثنائية في اسطنبول والتي حظيت بمباركة كل فصائل العمل الوطني.
حصلت هناك انتكاسة بعد تفاهمات اسطنبول، لكن تم التغلب عليها، وعدنا إلى بيان بيروت - رام الله ( بيان الأمناء العامين للفصائل) في الثامن من شهر أيلول 2020، وجاءت تفاهمات اسطنبول وما ترتب عليها من مراسيم رئاسية بتحديد مواعيد لبناء عملية ديمقراطية بالترابط والتتالي.
لقد صدر مرسوم الرئيس بشأن الانتخابات بعد تبادل الرسائل الثنائية بينا وبين إخواننا في "حماس"، ونحن اليوم بدأنا بالخطوة الأولى باتجاه الانتخابات التي تبدأ بانتخابات المجلس التشريعي ثم انتخابات الرئاسة وتنتهي بانتخابات المجلس الوطني، لنصل لمربع أننا شعب واحد، نعيش في وطن واحد، وقضيتنا قضية سياسية واحدة، وقرارنا قرار وطني واحد ومعبر عن طموحاتنا وتطلعات شعبنا من خلال عملية ديمقراطية فيها النزاهة والشفافية وكل الضوابط التي تؤمن مشاركة كل الفلسطينيين في الوطن والشتات في صياغة هذا النظام السياسي، الذي تمثله منظمة التحرير، التي هي المرجع والإطار القيادي والمظلة لكل الفلسطينيين في الداخل والخارج.
هناك كثير من الخطوات الإصلاحية التي يجب أن تتم لصالح حماية مشروعنا، ونرى فيها نتاج المراحل الثلاث للانتخابات؛ فالمجلس التشريعي أمامه تحديات كبيرة بإلغاء أو إصدار قوانين وتحديد الصلاحيات والسلطات بما يضمنه أن يكون أحد مكونات النظام السياسي.
نحن ندرك أن هناك تراكمات ولكن بالخطوات العملية نحن قادرين أن نصل إلى شاطئ الأمان، ونحن بحركة فتح عندما توجه لنا الإخوة بحركة حماس أواخر أيار الماضي، وبدأ النقاش الثنائي بيننا، كان بعد أن توجه لهم الأميركان من خلال جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي الأسبق، وطلبوا أن يفتحوا معهم قناة على أرضية صفقة القرن ، لكن الإخوة في حماس توجهوا لنا وطورنا مجموعة من الآليات وقاربنا بين الشراكة وإنهاء الانقسام بحوار وطني فلسطيني فلسطيني.
س: إذن، هناك الكثير من نقاط التفاهم السياسية ؟
ما يميز هذا الحوار أنه أكد على الأرضية النضالية وأن المقاومة الشعبية بكل أشكالها في هذه المرحلة هي الخيار الاستراتيجي نحو إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على حدود العام 1967، وان الحوار هو الطريق إلى إزالة إفرازات وترسبات الانقسام، نحن توافقنا أن يكون بعد انتخابات المجلس التشريعي تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبمجرد إجراء الانتخابات فإن ذلك سيكون نهاية للانقسام عبر تشكيل تلك الحكومة الملقى على عاتقها البدء بتوحيد مؤسسات الدولة المدنية والأمنية، ومن ثم الانتقال إلى انتخابات الرئاسة كرمز للوحدة الوطنية من خلال عملية ديمقراطية، ثم نأتي لمحطة المنظمة وتشكيل المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية، علما بأن تنفيذ كل مرحلة مرتبط بإنجاز المرحلة التي سبقتها.
الإقليم له دور أساسي، وكنا نريد في حركة فتح أن تتم كل تلك الحوارات ثنائيًا، لكن لدينا دول شقيقة مثل مصر الراعي للعملية والمسار القادم، ولدينا دول مثل قطر وتركيا وسوريا تحدثنا نحن وحماس معهم وهم جزء من المنظومة التي يجب أن تشكل رافعة إيجابية لاستمرار المسار وتنفيذ كل المراحل، وفق مبدأ الترابط والتالي.
س- ما هي التحديات الماثلة اليوم؟
ج: نحن في حركة فتح أمامنا 3 تحديات: تحدي الاحتلال، وتحدي الانقسام، وتحدي تجديد شرعية النظام السياسي. نحن ندرك أن الانتخابات من الممكن أن تشكل قاسماً مشتركًا بين التحديات الثلاثة، وستكون اشتباكًا مع هذا الاحتلال سواء بإجرائها أو عدمه، ومشاركة المقدسيين فيها أو عدم ذلك، وفرض نتائج الانتخابات بعد ذلك. نحن نريد أن تكون المعركة بهذا الشأن بين الاحتلال والمجتمع الدولي.
هذه الانتخابات هي الوسيلة الأفضل لإنهاء الانقسام، وفق مقاربات بناء الشراكة من خلال مسيرة متتالية تقودنا إلى دفن الانقسام، وهي تحقق التحدي الثالث بتجدد شرعية النظام السياسي، كما أن الانتخابات هي المدخل الأنسب برؤية استراتيجية للتحديات التي أمامنا. هذا قرارنا ونحن غير نادمين ومقتنعين أنه المسار الصحيح باتجاه الهدف الواضح، ونحن ننظر إلى الإقبال الشديد على التسجيل للانتخابات بإيجابية، وهو أمر كان واضحًا بالانخراط بعملية التسجيل بعد إعلان الفصائل في القاهرة.
س: هل يفهم من كل ما جرى أنه اتفاق سياسي بين الفصائل وتحديدًا بين فتح وحماس؟
ج: أود لفت الانتباه إلى أن البيان الذي صدر عن اجتماع الأمناء العامين أكد بصريح العبارة على أننا نتطلع إلى اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود العام 1967، وحل مشكلة اللاجئين بحقهم بالعودة والتعويض وهذا لا خلاف عليه.
لقد شددنا على أن وثيقة الوفاق الوطني والتي تؤكد بالمضمون قبل 15 سنة، الانتخابات، هي الطريق، ومنظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وأنا أعتقد أن لدينا شيء مشترك بما يتعلق بالمنظمة والموضوع السياسي تم التوافق عليه، وجزء بما يتعلق بالشراكة تم التوافق عليه من خلال العملية الديمقراطية بالانتخابات العامة القادمة، وحركة فتح منذ البداية أكدت على أمور ترتكز على أسس المقاربة بين إنهاء الانقسام وبناء الشراكة.
في اجتماع الأمناء العامين، تم التوافق على المقاومة الشعبية، وهناك سقف سياسي بإقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية عام 1967 و القدس عاصمتها، وأن نحافظ على منظمة التحرير الفلسطينية وفق هذا المفهوم الاستراتيجي. لقد كنا مرنين وسنبقى إيجابيين، لكن لا يمكن أن نفرط بأي ركيزة، بحيث تقودنا تلك التفاهمات والتوافقات أن نعيش بوطن واحد كشعب واحد وبأهداف ومنطلقات واحدة وبقيادة واحدة وهي منظمة التحرير الفلسطينية.
الدور التاريخي لـ"فتح"
"هذا دورنا التاريخي وفهمنا لدورنا بالتاريخ كحركة فتح، أعتقد أن ضمائرنا سواء على المستوى القيادي أو القاعدي مطمئنة لتوجهاتهنا ولإدراكنا تجاه شعبنا، والانتخابات بالمفهوم التاريخي الإستراتيجي هي المدخل والأفضل والأنسب والأقدر على مواجهة الاحتلال وإنهاء الانقسام وتراكمماته، ومشروع الاستقلال وإقامة الدولة، والانتخابات هي الطريقة الوحيدة اليتيمية لتجديد شرعية النظام السياسي.
كفتحاويين نؤمن ونحترم شعبنا ونرى بالإنسان الفلسطيني الأقدس لحسم هذه المعركة وخلق موازين قوى متعلقة بمشروع الدولة. عقيدتنا الوطنية حول الدولة والهوية، حيث ان الماركسيين والشيوعيين والقومييين والبعثيين والإسلام السياسي جميعهم أتوا إلى مربع حركة "فتح" بأن الوطنية الفلسطينية هي العقيدة ويجمع عليها كل الفلسطينيين، والمعركة اليوم تتعلق بالمعسكر الوطني، ولها علاقة بإنجاز الاستقلال الوطني، والمواطن الفلسطيني شريكنا وهو يقرر من يمسك بزمام الأمور في قيادة الشعب الفلسطيني بالمرحلة القادمة.
قناعتنا أننا قادرين على نيل ثقة شعبنا، ولا يمكن له أن يتخلى عنا بالرغم من كل السلبيات غير الصحيحة. نحن كنا نعيش ببحر متلاطم من التدخلات الدولية والإقليمية في محاولة لتدمير وضرب المناعة الوطنية لدينا، لكن حتى الآن شعبنا حي، ومؤسسات الدولة على الأرض حية، وبعد الانتخابات بالإمكان إحداث التغيير الجذري في النظام وفي آليات العمل، ولكن من خلال عملية ديمقراطية من خلال الالتزام بالمؤسسات والأطر الوطنية، وهذا الإخراج نتاج وطنية فلسطينية عند كل فصائل العملي الوطني الفلسطيني، ونحن كفتحاويين كنا وسنبقى مبادرين بالتغيير المرتبط بالتغيير والإصلاح واتخاذ القرار بما يضمن أن لدينا حد أقصى من حالة الإجماع على القضايا والأهداف الاستراتيجية."
مجتمع وطني ديمقراطي
"نحن نريد أن نعيش بمجتمع ديمقراطي وطني فيه سيادة قانون وسلطة واحدة وفيه تعددية سياسية وحرية وتعبير عن الرأي وفيه انتخابات كخيار يتيم للوصول إلى الحكم وتداول النظام السياسي بالوسائل السلمية، نحن منفتحون على كل مكونات الشعب الفلسطيني السياسية والنضالية الاجتماعية والقطاع الخاص، ولكن نحن نؤسس لبنية تحتية لإدارة الانتخابات وخوضها لوحدنا، ولكننا منفتحين على الجميع، وانفتاحنا على الجميع صادق ووطني ولا يوجد لدينا تفكير تصفية حسابات ولا نريد أن نقصي أحدا.
حتى الآن لم نشتبك مع أي قوة سياسية أو اجتماعية فلسطينية لبناء الشراكة، وفي حركة "فتح" نحن الآن في حالة تقييم وبناء تنظيمي ذاتي لبناء بنية تنظيمية فتحاوية حدها الأدنى خوض الانتخابات لوحدنا، ولكن منفتحين وفق معايير، ومعاييرنا يجب أن تنطبق على شركائنا لأننا في مرحلة هي الأصعب بحيث نكون قادرين على حمل المسؤولية، ونريد بناء جبهة وطنية وليست فصائلية تعبر عن كل مكونات الشعب الفلسطيني، ومن يريد أن يلحق بهذه الجبهة نرحب به، هذه عقيدتنا وهي الوحدة الوطنية ونؤمن بالحوار لتحقيقها.
س: ماذا عن مشاركة الأسير القيادي مروان البرغوثي في هذه الانتخابات؟
ج: من جانبنا نحن موحدون في هذه الانتخابات، حصل لغط باسم الأخ مروان البرغوثي، وهو قائد وطني وعضو لجنة مركزية منتخب منا جميعاً ونحترمه ونحترم دوره في التاريخ، كان هناك لقاء بينه وبين عضو اللجنة المركزية حسين الشيخ الذي حمل من مروان رسالة من شقين؛ الأول بإنجاح الانتخابات التشريعية على قلب رجل واحد ولكن على مبدأ أن نُنجح الانتخابات التشريعية وحينما نصل لموضوع الانتخابات الرئاسية فلكل حادث حديث.
اللجنة المركزية لحركة فتح هي من سيقرر من هو مرشح الحركة، وفق حوارنا مع الجبهة الوطنية ومع المجتمع الفلسطيني، وسنجري استطلاعات رأي، ونحن نريد فارسًا يقودنا إلى الخلاص وشاطئ الأمان، ولكن من خلال ثقة المواطن.
نحن لا نريد أن نعيد إنتاج أنفسنا، وسنعالج كل الترسبات التي علقت بمسيرتنا ومؤسساتنا، ولكن بالمحصلة هناك مؤسسات فيها الإيجابي والمشرق، والإيجابي في تلك المؤسسات أكثر من السلبي في ظل احتلال يستهدف كل شي.
في ظل قدرتنا على الصمود والبقاء نريد أن نرى أنفسنا من خلال تلك الإيجابيات وليس من خلال السلبيات التي هي نتاج للعمل والانخراط في واقع صعب، التحديات في هذا الواقع غير موجودة عند أحد آخر.
س: بخصوص الانتخابات في القدس، ما هي الصعوبات التي تواجهنا، وكيف يمكن التغلب عليها؟
ج: القدس بالنسبة لنا هي الأساس والجوهرة، وموقفنا بحركة "فتح" أن القدس يجب أن تكون خارج كل التجاذبات السياسية، ويجب أن تعطى حقها بمفهومها التاريخي والديني والنضالي والسياسي والإنساني، وهذا حق لشعبنا وللمقدسيين بأن نعمل على إخراج القدس من أية تجاذبات داخلية أو إقليمية بادعاء التقرب من القدس والمقدسيين.
القدس يجب أن نحميها ونحافظ على عروبتها وإسلاميتها ومسيحيتها واستمرار مسيرتها، في القدس 400 ألف مقدسي وهم صخور صلبة على صدر الاحتلال، وواجبنا أن نوفر لهم كل أسباب الصمود المقاوم.
الانتخابات في القدس هي معركة مع الاحتلال لن تكون سهلة، إضافة إلى معركة إنجاح الانتخابات بالشفافية وخلو الحملة الانتخابية من مظاهر العنف الجسماني وحجم المشاركة بالانتخابات وفرض نتائج الانتخابات على المجتمع الدولي.
س: ماذا لو أصرت إسرائيل على منع مشاركة المقدسيين هل لدينا بدائل؟
ج: أود التأكيد أنه لا بديل عن القدس بأن تشارك ترشيحًا وانتخابًا ولا خيار غير ذلك، ولتكن المعركة بين إسرائيل والمجتمع الدولي، فلماذا نبحث عن بدائل وسلالم للآخرين حتى تجري الانتخابات في القدس.
لدينا قراران في حركة فتح بان تكون القدس خارج التجاذبات، ولا يجوز أن تكون القدس مسرحًا للفصائل والأطراف الإقليمية. والقدس عنصر وحدة والقدس مقدسة، والقدس حاضرة في الترشيح والتمثيل، وليبحث غيرنا عن حلول ولسنا نحن.
س: تأتي هذه التطورات في الساحة الفلسطينية، مع تسلم إدارة جديدة في أميركا، كيف ستكون شكل العلاقة مع تلك الإدارة؟
ج: الآن هناك إدارة أميركية جديدة، وهناك تحولات عن سابقتها من الإدارة السابقة، ونقر بأن هذه الإدارة ليست مثل الإدارة السابقة وجوهر مواقفها يصب في صلب السياسة التقليدية الأميركية السابقة منذ العام 1967 حتى جاء دونالد ترامب. الآن هم عادوا إلى المربع السابق.
لكن ما أود قوله أن الفلسطينيين اكتووا بالحصرية الأميركية لرعاية عملية السلام، هذا لن يكون، ونحن لا نراهن على إدارة بايدن، بل نراهن على أن ننجز وحدتنا الوطنية الفلسطينية، وأن نكون قادرين بهذه الوحدة الديمقراطية على محاصرة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ، كي يتحول الاشتباك ما بين تنياهو والمجتمع الدولي.
نحن نراهن أيضًا على بعدنا الإقليمي، وعلى حق الشعوب في تقرير مصائرها، وعلى قيم وأخلاق العالم في مصالحه بالأمن والاستقرار، هذا ما نسعى إلى تحقيقه في علاقتنا مع الأميركان ومع غيرهم، دون الدخول في التفاصيل والقضايا الانتقائية، ولن نسمح لأي كان مهما علا شأنه بأن يحتل إرادتنا، واتكاؤنا تاريخيًا على شعبنا في كل المنعطفات الحادة بوجه عمليات التصفية، والإرادة الفلسطينية قادتها حركة فتح بعمالقتها وعلى رأسهم الرئيس ياسر عرفات بأن العقيدة الوطنية يجب أن يعتمد عليها الفلسطينيون.
هذا الحلم لياسر عرفات نحن اليوم نجسده، ولا بد أن نعبره في شهر أيار القادم، في أول عملية ديمقراطية لها علاقة بتجسيد الاستقلال الوطني على أرض فلسطين، مؤسساتنا موجودة وإرادتنا حية وصندوق الاقتراع يحسم ويخلق موازين قوى لحماية مشروع الاستقلال الوطني وليس أي مشروع آخر، سواء كان شخصيًا أو فصائليًا أو جهويًا أو حتى لصالح هذا أو ذاك من الأطراف الإقليمية التي تعتقد أن بأموالها أو بواقع الجغرافيا أنها قادرة أن تملي علينا شيئا.
س: هل من كلمة أخيرة توجهونها لشعبنا الفلسطيني في مرحلة الإقبال على الانتخابات؟
ج: إن التفاهمات الحالية هي نتاج حوار عميق تخوضه الحركة منذ شهر أيار الماضي، إلى الآن، وكانت هناك تفاهمات قبلها لمواجهة صفقة القرن التي كانت تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، ونحن أفشلناها بصمودنا وإصرارنا. ويسجل لشعبنا ولحركة فتح ورئيسها الأخ "أبو مازن" هذا الانتصار. وقد كان الأخ الرئيس ابو مازن جلموداً من الصخر والصبر والصمود والمقاومة في وقت يهرول فيه بعض الأشقاء العرب نحو التطبيع وانهاروا واستسلموا لإدارة ترامب، ونحن اجتزنا مرحلة إفشال صفقة القرن، ثم جاء العمل المشترك مع حركة حماس وكل فصائل العمل الوطني وتمكنا من اسقاط سياسة الضم، ثم كسرت الحركة وقيادتها وعلى رأسها الرئيس أبو مازن كل الحواجز وحطمنا كل الترسبات وتجاوزنا كل الآلام والجروح التي تركها الانقسام وتوجهنا لإخواننا وشعبنا وأهلنا، وهذا واجب علينا وقطعنا شوطاً كبيرًا في قضية إنهاء الانقسام.
هناك بعض التحديات الثانوية بقضية إنهاء الانقسام سوف نتغلب عليها، والآن جميع الشعب الفلسطيني أمام تحدي واحد بأن نحكم ضمائرنا من أجل صياغة النظام السياسي بشكله وجوهره الجديد، ولأجل ذلك نأينا بأنفسنا كأطر قيادية عن التنافس على مواقع في هذا النظام، بل لحمايته وتسليم سيف العز وسيف الكرامة وسيف الوطنية الفلسطينية بإرثنا وقناعتنا الفردية والجماعية، من أجل إعادة الاعتبار للحالة الوطنية الفلسطينية من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وإنجاز الاستقلال الوطني.
س: كلمة أخيرة لأبناء شعبنا؟
ج: أقول لشعبنا ثقوا بقدرة هذه القيادة الوطنية الفلسطينية التي قادت مسيرة العمل الوطني بكل تجلياته، والآن نحن أمام تحدٍ بأن نتمسك بمشروعنا ونحافظ على ما أنجز ولا ننحرف بأي اتجاه، وأن تكون بوصلتنا بالمعركة مع الاحتلال الإسرائيلي ونوحد بوصلتنا إلى القدس، وأن نعالج قضايانا الداخلية بما فيها الترسبات السلبية.
نحن في حركة "فتح" جاهزون دوماً للتقييم والمراجعة ولاستخلاص العبر، والانطلاق برؤية نابعة من واقعنا وبآليات منسجمة مع مصالحنا وقادرة على تحقيق طموحاتنا وتطلعاتنا بفهم نابع من مبادئنا ومنطلقاتنا ومفاهيمنا التي دوما كانت وطنية فلسطينية.
يا شعبنا العظيم، ثقوا في المسار والخيار، وحاكمونا من خلال صندوق الاقتراع، وليس بأي وسيلة أخرى. ونؤكد رفضنا لأي تدخل خارجي في هذه العملية الديمقراطية، ونصر على الحفاظ على إرادتنا الوطنية المستقلة الصادقة والنابعة من معاناة شهدائنا وجرحانا وأسرانا وصمودنا في كل فلسطين، ونأمل أن تحدد بوصلتنا خطواتنا في المرحلة القادمة، وبكل تأكيد نحن ذاهبون إلى المحطة الأهم بعد انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.