زار وزير خارجية أميركا، بومبيو مستوطنة بسغوت المغتصبة، يوم 19-11-2020 ، جاء مبعوثاً من إدارة ترامب التي انتهكت قوانين الشرعية الدولية، ومبادئ العدالة!
كلُ ما سبق كان مُتوقَّعا منذ فترةٍ طويلة، غير أن مدير مصنع النبيذ في مغتصبة، بسغوت، يعقوب بيرغ، أهدى، بومبيو، هديتين، الأولى، تسمية نبيذ بسغوت باسم، (نبيذ بومبيو) على غرار مستوطنة ترامب في الجولان، أما الهدية الثانية فهي قطعة نقدية ادَّعى، يعقوب بيرغ، أنها اكتُشفت في مكان مصنع النبيذ، فهي تعود إلى القرن الأول الميلادي، أثناء الثورة اليهودية على الحكم الروماني، وأن القطعة النقدية، عليها صورة قارورة نبيذ كان يملكها يهود أرض الميعاد، أجداد رئيس المستوطنة!
قال يعقوب بيرغ لبومبيو: «ها هم الأحفادُ يعودون إلى أرض أجدادهم، بعد ألفي سنة».
تخيلتُ، لو أن، ترامب زار المستوطنة نفسَها لأهداه رئيسُ بلديتها مخطوطة من (الطابو) في عهد الهيكل الأول، تُثْبت ملكيتهم لأرض الميعاد!
قبل أسبوعٍ واحد فقط، نشرت معظم صحف إسرائيل خبرا آخرَ عن اكتشافٍ أثريٍ يهوديٍّ جديد، وهو، اكتشاف قلعة النبي، داود في الجولان، يوم 10-11-2020 ! وادَّعوا أن هذه القلعة يرجع تاريخها، إلى ما بين القرن العاشر، والسابع قبل الميلاد، في مملكة، غيشور!
حاولت الحصول على صور الاكتشاف من كل الصحف التي أُتيحتْ لي، فلم أجد سوى بقايا حجارة في حفرة، الشبه بين الحجارة المُكتشفة والقلعة، كالشبه بين بيوت الإنسان الحجري، وناطحات السحاب! أشرفتْ على هذا الاكتشاف سلطةُ الآثار، ووزارة الإسكان الإسرائيلية.
قبل تاريخ نشر الخبر السابق أيضا، نُشر خبرٌ آخرُ: ادَّعتْ سلطةُ الآثار الإسرائيلية يوم 12-10-2020 أنها اكتشفت وحدة وزن في أحد الأقواس في مدينة القدس ، منحوتٌ عليها شرطتان، تساوي مائة وخمسين غراما، ترجع إلى عصر الهيكل الأول أيضا! كان يستخدمها الزائرون للوزن والتجارة، وتقديم الأضاحي للهيكل!
أعلن المكتشفون أن هذا الاكتشاف يهدف لتعزيز روابط اليهود بالقدس.
لم يكتفِ المُزَيِّفونَ بتزييف الآثار، بل عمدوا إلى جريمة خطيرة أخرى، وهي سرقة، ومحو، وطمس، وبيع الآثار الفلسطينية القديمة، فقد نشرت معظم صحف العالم على مدار ثلاثة أيام بدءا من يوم 26-10-2020 خبراً عن المتحف الإسلامي في القدس، الذي افتتح عام 1974، وهو يخضع للسيطرة الإسرائيلية، يحوي آلاف القطع الأثرية الفلسطينية الإسلامية النادرة، من القرن السابع الميلادي حتى القرن التاسع عشر.
نُهبَ المتحف عدة مرات، سُرقت مائتان وخمسون قطعة أثرية إسلامية من مقتنيات المتحف عام 1983، يعود سبب النهب إلى أن هذا المتحف لا يحتوي على أي أثرٍ يهوديٍّ في فلسطين!
كان هذا المتحف يعتزم بيع مجموعة كبيرة من الآثار الإسلامية في سوق لندن، خلال الشهر الجاري، بحجة أزمته المالية، إلا أن رئيس دولة إسرائيل، رؤوفين رفلين، أوقف البيع!!
الخبر السابق نشرته معظم وسائل الإعلام في العالم، واشنطن بوست، رويترز، هآرتس، إسرائيل هايوم، وعشرات غيرها!
لم يكتفِ المحتلون بتزييف الآثار، وزرع آثار بديلة، تحت ستار غياب أصحاب الحق، ومن الجهات الأكاديمية المعتمدة علميا، وصمت منظمة اليونسكو عما يجري من تزييف، بل أقدمت قواتُ الاحتلال الإسرائيلي، بخاصة، وحدة الآثار العسكرية، بالتنسيق مع الإدارة المدنية، يوم 20-7-2020 على سرقة منحوت حجري كبير، ثُماني الأضلاع من مدينة بيت لحم ، يعود تاريخُ نحته إلى العصر البيزنطي، بحجة أنه من ممتلكات مستوطنة، تقوع!
علقتْ الدكتورة حنان عشراوي على السرقة:
«هذه اللصوصية والقرصنة الثقافية غايتها محو تاريخ فلسطين».
حتى الآن، نحن مشغولون بما يجري فوق الأرض، ولا نهتمَّ بما يجري تحت الأرض، نحن مصرون على تجريم العملاء، والجواسيس، وناهبي الثروات، وفي الوقت نفسه نغض الطرف عن جرائم الآثار، وتزييف التاريخ، وسرقة المتاحف، والكتب، والمقتنيات التراثية الفلسطينية!
والأسوأ من كلِّ ما سبق أن نتولى، نحن، بالنيابة عن أعدائنا تدمير آثارنا الفلسطينية، ونبني فوقها مقراتٍ عسكرية!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية