لولا أن التمدد الحوثي جاب أنحاء اليمن شمالاً وجنوباً وشكل امتداداً للنفوذ الإيرانيالشيعي في منطقة الخليج العربي لما كانت عاصفة الحزم لتنطلق حيث ناقوس الخطر بدأ يقرع أبواب المنطقة العربية بأسرها، فقد أوْلى اجتماع القمة العربية في شرم الشيخ أهمية بالغة في مضمونه تجاه هذا الأمر على حساب القضية الفلسطينية التي كانت جزءاً لم يترقي إلى درجة الأهمية الكبرى في هذه الدورة، فكان الاتفاق على تشكيل تحالف عسكري عربي بمبادرة السعودية وتدعمها مصر ودعمته غالبية الدول العربية وانضمت إلى هذا التحالف عدة دول عربية ولكل دولة منهم حساباتها الخاصة من وراء هذا التحالف، فكانت البداية في اليمن بقيادة السعودية وهي المتضرر والأكثر خوفاً من سيطرة الحوثيين على اليمن الذين يتلقون كل الدعم اللوجستي والمادي من إيران، وما تشكله سيطرة الحوثيين من خطر على الأمن الإقليمي الخليجي ومن ورائه الأمن القومي العربي، ولكن يبقى السؤال هنا إلى أين ستصل الأمور وما هي نتائج عاصفة الحزم ؟ فهل ستنحصر بالهجمات الجوية؟ أم ستتوسع برياً؟ فالحرب البرية ليس بنزهة بين جبال اليمن وتضاريسها المتعرجة التي اعتاد عليها اليمنيون، رغم أن تضاريس المملكة السعودية لم تختلف كثيراً عن طبيعة الأرض اليمنية إلا أن احتمالات الحرب البرية تبقى ضئيلة حتى اللحظة نظراً لأن الهجوم الجوي يفي بالغرض ويحقق أهدافه التي يعرفها جيداً الجيش السعودي، ولسبب آخر ألا وهو قرار البرلمان الباكستاني بعدم المشاركة في عاصفة الحزم إرضاءً لإيران التي تحدها من شرقاً.
اعتقد أن تقارب بعض الدول من إيران ومحاولات التودد لها على أكثر من صعيد وعلى سبيل المثال التقارب العماني الإيراني قد أعطى استشعاراً للسعودية بأن إيران بدأت تتعاظم بدورها في المنطقة، فكان لابد من قرار جريء اتخذه الملك سلمان وهنا برزت قوته كزعيم عربي، فكانت عاصفة الحزم هي عنوان القرار الغاية منها توجيه رسالة عربية لإيران بأن لهذا التعاظم حد يجب أن تقف عنده، وأن تكف إيران العبث في استقرار الوطن العربي بل المنطقة كلها، ومن جهة أخرى تريد السعودية حسم وتحديد موقف جماعة الإخوان المسلمين من علاقتها بإيران التي لطالما تدعمهم بكل قوة وبالفعل نجحت السعودية وحازت على تأييد جماعة الإخوان لعملية عاصفة الحزم حفاظاً على علاقتهم مع المملكة السعودية، إذن فبعد أن اتخذت السعودية قرارها العسكري وحشد تسعاً من الدول وقادتهم في عملية عاصفة الحزم فهي بذلك تعود إلى الصدارة في المنطقة، ولو نظرنا إلى الموقف الأمريكي من عاصفة الحزم للاحظنا أنه جاء من باب الحفاظ على العلاقات الإستراتيجية بين أمريكا والسعودية في ظل التقارب مع إيران، لاسيما أن أمريكا لم تكن ترغب أو تسمح إن صح القول أن تحل أزمة دولة عربية بأيدي عربية خارجاً عن سيطرتها أو دون تدخلها وقد لاحظنا التدخل الأمريكي وحسم المعركة في ليبيا وإسقاط نظام القذافي وزعزعة الاستقرار في ليبيا حتى يومنا هذا، ومن جهة أخرى فإن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح بأي تحرك إيراني ضد السعودية لأن أمن واستقرار السعودية خط أحمر نظراً للمصالح الاقتصادية والنفطية، ولكن أمريكا بميولها إلى نسج علاقة مع إيران عبر صفقة النووي الإيراني قد تتجه إلى الاستغناء عن الخليج بعد ضمانها النفط.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية