سُئل العالم والطبيب المسلم ومكتشف الدورة الدموية ابن النفيس عن الوباء فقال: " الوهم نصف الداء والطمأنينة نصف الدواء، والثقة بالله أول خطوة للشفاء".
في ضوء هذه المقولة والحكمة الجميلة، وفي ظل انتشار وتفشي وباء فيروس كورونا في مجتمعنا الفلسطيني بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص بعد مرور سبعة أشهر من التحصين من قبل الأجهزة الحكومية بغزة لمنع دخول الفيروس إلى مجتمعنا، لكن قدر الله سبحانه وتعالى فوق كل شيء، فمنذُ اكتشاف الحالات الجديدة بفيروس كوفيد "19"، ليصاب الناس بحالة من الذعر والقلق والخوف والكأبة والهموم والملل وغيرها، بالإضافة إلى العامل المساعد في ظهور تلك الأشياء وهو فرض حظر التجوال من قبل الجهات المختصة كإجراء احترازي للوقاية من هذا الوباء.
فلماذا عزيزي القارئ قد حكمت على نفسك بهذه الأشياء ووضعت نفسك في زاوية السلبية اتجاه هذا الفيروس بدلاً من خروجك من هذه الأزمة إلى الحالة الإيجابية وأن هذا الأمر لا يؤثر عليك نفسياً ولا جسدياً ؟!
فقد قرأتُ تقرير قد نشره موقع بي بي سي لندن عبر شبكة الانترنت، في حوار أجراه مع عدد من خبراء علماء النفس في العالم في حديثهم عن وباء فيروس كورونا "كوفيد 19" وكيف يمكننا أن نغير الحالة السلبية إلى الإيجابية وتعزيزها بشكل يساهم في الوقاية والانتصار معنوياً على هذا الوباء.
فيقولوا خبراء النفس في تقريرهم، إن تغير نظرتك السلبية وأعراضها التي ذكرتها سابقاً بمجرد اكتشاف عن حالات فيروس كورونا في مجتمعك إلى الإيجابية عليك وعلى أسرتك وعائلتك وأفراد المجتمع، مع الالتزام بالتعليمات للوقاية الصحية من هذا الفيروس يجعلك تشعر بالراحة والطمأنينة وكأنه مرض عادي كباقي الأمراض، ويكون ذلك من خلال الأمور التالية وهي:
أولاً: شتت انتباهك: ويقصد بذلك ألا تجعل ذهنك وعقلك شغل الشاغل في الحديث عن هذا الوباء في كل لحظة ودقيقة بشكل سلبي اتجاه أفراد أسرتك وعائلتك ومجتمعك.
ثانياً: التأمل والممارسة: هو أن توهم نفسك وتفكيرك بالفيروس إلى أبد حدود من خلال عقلك وذهنك، فقد يضر ذلك أكثر مما ينفع، فتجنب ذلك ولو بشكل قليل تقلل وتتغلب على الضغوطات النفسية عندك وعند غيرك.
ثالثاً: أنظر إلى الوباء من زاوية مختلفة: فقد جسد خبراء علم النفس في ذلك، كلاعب التنس والإصرار على الفوز في مباراته وانشغاله في ذلك فقط، حيث أنه خلال المباراة إذا خسر عدد من النقاط مثلاً قد ستولى عليه مشاعر الخوف والقلق وقد يخسر بذلك، أما إذا فكر اللاعب من منظور أخر من خلال تقديم الأداء الأفضل عنده خلال المباراة، فلن يخسر، فيجب علينا الاستفادة من ذلك على صعيد هذه الأزمة التي نمر بها من انتشار وباء فيروس كورونا في مجتمعنا الفلسطيني، للخروج منها بالأداء الأفضل ويكون ذلك من خلال اتباع طرق الوقاية والسلامة من فيروس كورونا، كارتداء الكمامة والقفازات، والتعقيم المستمر بشتى الوسائل المتوفرة والبسيطة، والحفاظ على التباعد، وممارسة الرياضة بشكل مستمر وغيرها من العوامل المساعدة والقوية في تجنب الإصابة بهذا الفيروس لحماية نفسك وأسرتك وعائلتك ومجتمعك.
فالأحداث السلبية المسببة للضغوط النفسية غالباً ما تخرجنا عن السيطرة، وجعلنا دائماً في حيرة من أمرنا ونصاب بالخوف والقلق عند زرع في عقلك وذهنك أننا لا يمكن وأنه من المستحيل السيطرة على هذا الفيروس، لكن عزيزي القارئ إذا فكرت بعقلانية وحكمة في نطاق المعقول قد يقودك ويقود مجتمعك بالسيطرة على تلك الأعراض السابقة إذا فكرنا بإيجابية وليس العكس.
وأضيف على هذا أيضاً من باب النصائح المهمة، هو حاول عزيزي القارئ بقدر استطاعتك بالتقليل من استخدام منصات التواصل الاجتماعي في هذه الفترة، واستبدل بدلاً منها أشياء أخرى لاستغلال الوقت في ظل الشعور من الملل نتيجة الحجر الصحي في منزلك، كقراءة الكتب المفيدة وقراءة القرأن الكريم والدعاء والاستغفار وأخذ الدورات عبر موقع شبكة الإنترنت التي تفييدك علماً منها منصة معهد الجزيرة التعليمية وشبكة أريج عن بعد وغيرها من المنصات الالكترونية، إلى جانب الابتعاد عن الأفكار السلبية التي تنشر بين الحين والأخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهي تزيد من القلق والتوتر على نفسيتك.
وأخيراً عزيزي القارئ تفاءل بالخير تجده بإذن الله تعالى وصبر وتحمل، مثل ما نقولها بالعامية " شدة وبتزول وبتعدي"، ونتمنى لك السلامة ولأسرتك ولشعبنا العظيم صاحب التضحيات والمواقف الشجاعة عند الشدائد والمحن في وجوه الصعاب والألآم والتحديات التي يواجها في أي أزمة تحاك ضده، كان أخرها تلك الأزمة المركبة فالفيروس من ناحية وحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة من ناحية أخرى.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية