الأشقر: الاعتقالات بحق المقدسيين ظاهرة ممنهجة تهدف الى تهجيرهم

رياض الأشقر

أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى، اليوم السبت، أن الاحتلال يستخدم سياسة الاعتقالات ضد المقدسيين كورقة ضغط بطريقة ممنهجة ومقصودة لدفعهم إلى ترك أرضهم ومقدساتهم طواعية لإيجاد حياة آمنة وكريمة بعيداً عن منغصات الاحتلال واستهدافه المستمر لهم .

واوضح المركز في ورقة عمل قدمها مديره الباحث "رياض الاشقر" خلال ملتقى نظمه اتحاد الأكاديميين الفلسطينيين بعنوان "واقع مدينة القدس المؤشرات المستقبلية ومقومات الصمود"، ان الاحتلال منذ عشرات السنين يستخدم العديد من الوسائل لتهجير الفلسطينيين من القدس، ولكن تبقى الاعتقالات الأسلوب الأكثر خطورة والذي يعول عليه الاحتلال كثيراً في دفع الفلسطينيين المقدسيين لترك أرضهم وتهجيرهم .

وأضاف أن الاعتقالات غدت في صفوف المقدسيين ظاهرة يومية ملازمة لهم وأداة لممارسة الضغوطات عليهم واخضاعهم وارهابهم وفرض سياسة الامر الواقع، لتهجير السكان وافراغ المدينة من اهلها الأصليين لصالح الاحتلال وردعهم عن التصدي لمخططات الاحتلال بحق المدينة المقدسة .

واعتبر الاشقر ان خطورة الاعتقالات ضد المقدسيين انها ليست حدثاً عادياً او عابراً، او أمر يحدث لمرة واحدة، بل هي سياسة ممنهجة لاستنزاف المقدسيين وخلق واقع معيشي واقتصادي وأمنى قاسى، يستهدف كل مناحي حياتهم، بحيث تصبح مهددة وغير مستقرة، لدفعهم الى الهرب والابتعاد لإيجاد حياة آمنة.

وأشار الى ان حياة المقدسيين اصبحت مرهونة بهذه الاعتقال فعلى سبيل المثال لا يستطيع الطالب المقدسي ان يكمل تعليمه الأساسي والجامعي بسبب الاعتقالات، ولا يستطيع رب الأسرة ان يكسب رزقه بشكل مستدام لإطعام اطفاله ، وقد يؤجل الشاب المقدسي إتمام مراسم زواجه عدة مرات بسبب الاعتقالات الى أخره من جوانب الحياة المتنوعة.

وقال أن الاحتلال يتعامل مع المقدسيين كمواطنين ومقيمين دائمين في كيان الاحتلال، لذلك لا يسمح لهم القيام بأي أعمال دعائية أو سياسية أو تعبوية أو إظهار انتمائهم للقضية الفلسطينية، ولو برفع علم فلسطين، او المشاركة في أي فعاليات تأخذ طابع التصدي لمخططات الاحتلال.

وكشفت الدراسة التي قدمها الباحث" الاشقر" ان مجموع حالات الاعتقال في صفوف المقدسيين منذ بداية عام 2015 وحتى نهاية شهر يوليو الماضي ما يزيد عن 11 ألف حالة اعتقال منهم 3500 طفل، و حوالى 500 امرأة وفتاة .

بينما أصدر الاحتلال خلال السنوات الخمسة الماضية وحتى النصف الأول من العام الجاري ما يزيد عن (2500) قرار إبعاد بحق المقدسيين سواء عن المسجد الأقصى، او القدس القديمة، و أصدر ما يزيد عن (1500) قرار بالحبس المنزلي خلال تلك الفترة .

واستطرد الاشقر ان الاحتلال يستهدف الاحتلال الوجود الرسمي الفلسطيني في مدينة القدس والمتمثل في السلطة الفلسطينية، ولا يرغب في وجود أي سلطة او كيان سوى سلطته وكيانه، لذلك فهو يلاحق كل من يقف خلف أي نشاط سياسي او اجتماعي او صحي او حتى ترفيهي يحمل صفة رسمية، حيث اعتقل الاحتلال محافظ القدس "عدنان غيث" ما يزيد عن 20 مرة منذ توليه منصبه، قبل عامين، وكذلك وزير القدس " فادي الهدمي " اعتقل العديد من المرات .

بل ان الاحتلال لاحق الشبان الذين كانوا عملوا في تعقيم شوارع القدس لحماية المواطنين من جائحة كورونا واعتقل العشرات منهم وارغمهم على دفع غرامات مالية باهظة مقابل الإفراج عنهم .

وكذلك أقدم الاحتلال على اعتقال كافة النواب المقدسيين ولفترات طويلة، بهدف التأثير على شرعيتهم والحد من دورهم في التصدي لجرائم الاحتلال، حيث اعتقل النائب المقدسي "محمد ابوطير" العديد من المرات، والنائب "أحمد عطون" والنائب "ابراهيم ابوسالم" و والنائب "محمد طوطح" ووزير القدس السابق "خالد ابوعرفه " كما أقدم الاحتلال على ابعادهم عن القدس بقرار رسمي عام 2010 .

وبين الأشقر أن الوجود الديني مستهدف حيث تم اعتقال العديد من الرموز الدينية لإرهابهم ومنعهم من تحريض المواطنين على التصدي لاقتحامات المستوطنين وعمليات التهويد المستمرة، وقد اعتقل الاحتلال الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى العديد من المرات، والشيخ ناجح بكيرات نائب مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، كذلك اعتقل شيخ الاقصى الشيخ "رائد صلاح" وأصدر بحقه حكم بالسجن الفعلي لمدة عام ونصف ويقبع حاليا في عزل سجن عسقلان.

و يركز الاحتلال في استهداف المقدسيين على فئة الأطفال حيث ان ثلث حالات الاعتقال التي تستهدف المقدسيين هي لأطفال قاصرين، الذين يشكلون خط الدفاع الأول عن القدس، من خلال الالتحام مع جنود الاحتلال في الأحياء المختلفة والتصدي لاقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى بجانب الرجال والمرابطات.

ولا يتورع جنود الاحتلال عن اعتقال أطفال في سن الحدث نذكر منهم على سبيل المثال اعتقال الطفلين "محمد ربيع عليان" 4 سنوات فقط، والطفل "قيس فراس عبيد" 6 سنوات، بحجة قيام الطفلين بإلقاء الحجارة على دوريات الاحتلال.

ولم يكتفى الاحتلال باعتقال الأطفال إنما يستهدفهم بعد اطلاق سراحهم بقرارات الحبس المنزليّ، وكذلك فرض عقوبة الإبعاد عن المنازل، والغرامات المالية الباهظة على معظم الأطفال الذين تم عرضهم على المحاكم سواء صدرت بحقهم أحكام بالسجن الفعلي أو غرامة مالية فقط مقابل اطلاق سراحهم.

وفى نهاية ورقته اوصى الاشقر بضرورة تعزيز مقومات الصمود لدى المقدسيين لدعمهم في مواجهة إجراءات الاحتلال ومحاولاته لإفراغ المدينة من أهلها ، وفضح سياسة الاحتلال بحق المقدسيين واستنزافهم بشرياً ، وكذلك توفير الدعم القانوني المكثف لأسرى القدس وخاصة فئة الأطفال والنساء .

كما أوصى بتدريب كادر قانوني لدراسة قوانين الاحتلال التي تطبق على اهل القدس، ومحاولة استغلالها لخدمة المقدسيين وتعزيز صمودهم، وتوفير الدعم المالي والنفسي والاجتماعي والقانوني للمقدسيين لمساعدتهم على الصمود ، وتوثيق انتهاكات الاحتلال المستمرة بحقهم والعمل على رفعها للمحاكم الدولية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد