لم يكن مفاجئاً توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاق مع دولة الاحتلال الاسرائيلي، فالمؤشرات التي كانت تخرج من أبو ظبي تؤكد بأنه ثمة نهاية لهذا المؤشرات تقضي بتوقيع اتفاق للتطبيع الكامل والعلني بينهم.
ولا أريد أن أسرد كل هذه المؤشرات، فهي كثيرة أخذت اتجاهات عديدة منها ما هو سياسي أو رياضي أو ثقافي أو اجتماعي أو تكنولوجي ومنها ما هو متعلق بزيارات رسمية لشخصيات حكومية إسرائيلية، ومنها ما هو مرتبط ببرقيات تهنئة متبادلة، والفصل الأخير منها الهجوم الممنهج للإعلام الاماراتي على المقاومة الفلسطينية عبر استغلال حادثة هروب أحد عناصر حماس عبر البحر لإسرائيل، والتي لم يتبين حتى اللحظة سبب الحادث ودوافعه.
لكن الأهم في هذا المقال أن أتناول المخاطر والمقاربات المختلفة التي ساهمت في انجاح الاتفاق.
أولاً: مخاطر الاتفاق.
عندما تنقلب دولة الامارات العربية على نفسها أولاً بمخالفة واضحة للقانون الاتحادي (رقم 15) لسنة 1972 والذي يجرم التطبيع مع إسرائيل، وعندما تنقلب الامارات على مقررات جامعة الدول العربية لاسيما مبادرة السلام العربية 2002 وجوهرها ينص على لا تطبيع مع إسرائيل قبل إنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، إلخ...
وعندما تنقلب الإمارات على مبادئ رسخها القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية بالقبول بمبدأ السلام مقابل السلام بعد أن نصت هذه القرارات على مبدأ الأرض مقابل السلام في إشارة لاعتراف الامارات بالاحتلال على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.
إن الاتفاق وكما وصفه الشعب الفلسطيني بكل ألوانه السياسية بأنه خيانة للقدس ولدماء الشهداء، يدفعنا لطرح المقاربات المختلفة التي ستحكم على من المستفيد من هذا الاتفاق ومستقبله.
1. المقاربة السياسية والأمنية والعسكرية.
قد تكون من أهم المقاربات التي مهدت الطريق لإبرام هذا الاتفاق، ولو تعمقنا في التأمل في هذ المقاربة سنعلم خفايا ما يجري بالمنطقة والأصابع الصهيو أمريكية التي تصنع الأحداث حتى نصل لشرق أوسط جديد تكون اليد الإسرائيلية هي اليد الطولى فيه.
فما يجري في المنطقة من حالة نزاع وصراع وتيه سياسي وأزمات هنا وهناك، زاد من حدة الاستقطابات فعادت إلى السطح سياسة المحاور والأحلاف بقوة، ولعل أكثر ما بات يهدد الإمارات غير إيران هي تركيا وشبكة التحالفات والاتفاقيات الجديدة، لعل أهمها: اتفاق ترسيم الحدود مع ليبيا، واتفاق نشر القوات مع قطر وسلطنة عمان، والاتفاق الأخير مع باكستان الدولة النووية.
هذا الواقع الجيو سياسي ساعد بشكل كبير بسرعة توقيع الاتفاق من المنظور الإماراتي، ولكن الأمر مختلف من المنظور الأمريكي – الإسرائيلي، ترامب يعتبر هذا الاتفاق وغيره في الشهور القليلة القادمة هدية له لكسب أصوات اللوبي اليهودي واليمين، ونتانياهو يرى في الاتفاق تعزيز لشعبيته وحرف لبوصلة التظاهرات التي تنادي باستقالته على خلفية قضايا فساد.
وفقاً لهذه المقاربة تخرج الإمارات خاسرة، لأنه لا يمكن للاحتلال الصهيوني أن يدخل في مواجهة عسكرية بنفسه من أجل مصلحة الآخرين.
2. المقاربة الاجتماعية والاقتصادية.
نسبة اليهود في الإمارات لا تتجاوز 3000 يهودي، وعليه العامل الاجتماعي في التقارب قليل جداً، فعدد الفلسطينيين أضعاف مضاعفة، وعدد الشيعة يصل إلى 17% تقريباً، وعليه لا مبرر اجتماعي لإبرام هذا الاتفاق، كما أنه لا مبرر اقتصادي رغم أهمية وتقدم البلدين إلا أن اجمالي الناتج المحلي للفرد الإماراتي متوسطه 42.400$ بمتوسط راتب 115 ألف درهم، وهو ما يدفعنا للقول بأن هذا الاتفاق وإن أثر على حجم الرفاهية والتقدم فإنه بالمقارنة بالتهديدات والمخاطر لا يقارن.
الخلاصة: لن تكون الإمارات الأخيرة فنفس المؤشرات التي سبقت توقيع الاتفاق بالنسبة للإمارات قائمة في عدة دول الآن، ومنها: البحرين - سلطنة عمان – السودان – المغرب، والخطاب الصادر مؤخراً من بعض النخب السعودية، بالإضافة إلى عمق العلاقة والمصلحة التي تربط المملكة بالإمارات ترجح وجود ضوء أخضر سعودي لهذا الاتفاق، وهذا ما أكده مستشار ترامب كوشنير بأن السعودية ستوقع اتفاقية سلام مع إسرائيل
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية