بالصور..13 عاماً على مجزرة مخيم جنين

جنين/سوا/ يصادف اليوم السبت، الذكرى السنوية الـ13 لمعركة ومجزرة مخيم جنين التي تخللها معارك ومواجهات عنيفة بين الأهالي والمقاومة من جهة، وقوات الاحتلال الاسرائيلي على مدار عشر أيام.

و استشهد خلال المعركة 63 فلسطينيا بينهم 23 مقاتلا من مختلف فصائل المقاومة التي خاضت المعركة، فيما اعترف الاحتلال بمقتل 23 جنديا وإصابة العشرات، وهدمت آلياته العسكرية 455 منزلاً بشكل كامل و800 منزلاً بشكل جزئي، وشردت آلاف اللاجئين.

‎السور الواقي

‎تحول مخيم جنين، خلال انتفاضة الأقصى لمعقل للمقاومة، ومنه انطلقت الخلايا الأولى لكتائب القسام وشهداء الأقصى وسرايا القدس وألوية الناصر صلاح الدين التي نفذت سلسلة عمليات ضد الاحتلال وأهدافه، وتخللها تنفيذ عمليات مشتركة لكتائب الأقصى وسرايا القدس.

ورغم اغتيال عدد كبير من القادة العسكريين والميدانيين للانتفاضة في المخيم، استمرت المقاومة والعمليات ما أثار ردود غضب الاحتلال الذي فشل في وقف العمليات، حتى أطلق رئيس الوزراء الاحتلال ارئيل شارون انذاك اسم "عاصمة الانتحاريين " و"عش الدبابير" على مخيم جنين.

‎وفي الساعة الواحدة من فجر 3/4/2002، شنت قوات الاحتلال هجومها الواسع على مدينة ومخيم جنين بمشاركة المئات من أفراد الوحدات المختارة في جيش الاحتلال بمساندة الطائرات والدبابات التي قصفت المخيم وحاصرته مع المدينة على مدار أسبوعين في الحملة التي أطلق عليها وزير الحرب ارئيل شارون حملة "السور الواقي".

‎مواجهات ومعارك

‎رغم التهديدات الإسرائيلية بعقاب المخيم والانتقام من أهله، فإنهم رفضوا الهرب والتخلي عن المقاومة، والتفوا حولها وشاركوها في المقاومة والمعركة التي دارت في كل ركن وزاوية لتتحول شوارع وأزقة المخيم لمسرح لمعارك عنيفة بين قوات الاحتلال والمقاومة الفلسطينية التي شكلت غرفة عمليات مشتركة، إضافة للعشرات من المقاتلين المتطوعين وأهالي المخيم والمدينة والبلدات والقرى المجاورة ومدينة طولكرم ممن حضروا للمخيم ورفضوا الاستسلام مع مقاتليه رغم الحصار المشدد والقصف الذي لم يتوقف.

‎وبمعنويات عالية، وإرادة قوية، وتحت راية الوحدة الوطنية ورغم إمكاناتها القتالية المتواضعة، خاضت المقاومة في المخيم معارك شرسة وضاربة مع الاحتلال الذي اضطر لاستبدال قواته ثلاث مرات بإشراف "شارون" الذي حضر شخصيا للإشراف على عمليات الجيش الذي تعرض لعدة كمائن أدت إحداها لمقتل 13 جندي إسرائيلي.

‎تدمير البنية التحتية

‎ورغم الحصار المكثف، والقصف المتواصل الذي أدى لارتفاع عدد الشهداء وسقوط العشرات من الجرحى، رفض مقاتلي المخيم الاستسلام والخضوع لتهديدات الاحتلال الإسرائيلي الذي دمر كل مقومات الحياة في المخيم والمدينة وعزلهما بشكل كامل عن العالم الخارجي، وقصف مولدات الكهرباء وخطوط المياه وشبكات الاتصالات التي قطعت وعاش الأهالي في عزله وظلام دامس.

بينما ورغم النقص في المواد التموينية التف الأهالي حول المقاومة وتقاسموا الطعام والماء حتى نفذ وعانى الأطفال من نقص في الحليب واحتياجاتهم الرئيسية.

‎سلاح المقاومة

‎ويوثق أهالي المخيم في استحضار الذكرى، أن أهم ركائز معركتهم في مقاومة الاحتلال ودباباته سلاح "العبوات" التي صنعها مقاتلو المخيم، فكانت من أكثر الوسائل القتالية التي تميزت بها المقاومة التي ألحقت خسائر فادحة في الاحتلال.

ونشرت وسائل الإعلام الاسرائيلية روايات لجنود الاحتلال الذين شاركوا في الهجوم على المخيم اعترفوا فيها بالخوف والقلق والرعب الذي عايشه خلال تلك الأيام الحالكة، وقالوا "إنهم كانوا لا يجرؤون على الحركة والتنقل بسبب العبوات التي كانت تعترض طريقهم في كل زاوية وشبر من المخيم ".

وفي شهادة أخرى قال أحد الجنود "إنهم حوصروا بين رصاص المقاتلين وعبواتهم الناسفة، فالعبوات كانت بانتظارهم في الشوارع وبين الأزقة وعلى بوابات المنازل، وحتى تحت مواسير المياه، ما أثار الرعب والخوف لدى الجنود".

صمود وتحدي

رفضت المقاومة الخضوع والتراجع والاستسلام رغم سقوط مجموعة من قادتها ومقاتليها، ومع اتساع نطاق المعارك، منع الاحتلال سيارات الإسعاف والفرق الطبية وطواقم الهلال الأحمر والصليب والأحمر ووكالة الغوث الدولية وكافة المؤسسات الحقوقية والإنسانية ووسائل الإعلام والصحفيين من دخول المخيم، ونزف بعض الجرحى في الشوارع في ظل عدم توفر الإسعاف والنجدة لهم حتى الموت ومنعت "إسرائيل" نقلهم للعلاج في مستشفى الشهيد خليل سليمان الملاصق للمخيم.

‎الصمود الأسطوري للمقاومة، ورفض رفع راية الاستسلام وإعلان المقاتلين من كافة الأجنحة العسكرية عن موقفهم القتال حتى النصر والشهادة، دفع الاحتلال لإرسال وحدات متخصصة في الاقتحامات للمخيم وبعدما جوبهت بنيران المقاومة، استخدم الاحتلال البلدوزرات الأمريكية الضخمة "كاتلرز" التي هدمت المنازل فوق رؤوس ساكنيها، وكانت حصيلة تلك العملية هدم 455 منزلاً بشكل كامل في أحياء الحواشين وجورة الذهب والساحة الرئيسة، إضافة لتدمير 800 منزل بشكل جزئي.

النكبة الجديدة

‎أهالي المخيم الذين تعلموا تاريخ النكبة الأولى عام 1948 عندما طردوا وهجروا من مدنهم وقراهم ولجؤوا إلى جنين وأسسوا أول مخيم فيها، عاشوا تلك التجربة خلال مجزرة المخيم، فبعدما بدأت عمليات الهدم للمنازل جمع الجنود الأهالي في الساحات واعتقلوا الشبان والرجال بينما شردوا النساء والأطفال والمسنين وأرغموهم على مشاهدة أبنائهم وأزواجهم يخضعون للتفتيش العاري والاعتقال.

وشردوا إلى ما بعد المجزرة ولأكثر من عامين إلى مدينة جنين والبلدات المجاورة، في منظر أعاد لهم صور النكبة وهم يجبرون على الخروج بين الدبابات والجنود رافعين الرايات البيضاء بعدما دمرت كل مقومات حياتهم واعتقل كل رجالهم، وبعضهم نجا من الموت بأعجوبة.

‎يوم لا ينسى

‎في اليوم العاشر من المعركة، أكملت قوات الاحتلال هدم منازل الأحياء المذكورة وحاصرت من تبقى من المقاتلين والأهالي في أحد المنازل مهددة بهدمه، ويتذكر المحرر النائب جمال حويل تلك اللحظات بالقول "بعد الصمود البطولي شرعت البلدوزرات بهدم المنازل لإرغامنا على الاستسلام وتضييق الخناق علينا، ولكن كان القرار الجماعي بالصمود والثبات والمقاومة حتى الرمق الأخير".

‎وأضاف "استمرت المعارك والاحتلال يطاردنا حتى حوصرنا في آخر منزل تبقى في وسط المخيم أكثر من 27 مقاتلا، وبدأ الاحتلال بالضغط علينا ومطالبتنا عبر مكبرات الصوت بالاستسلام مهددا بقصف المنزل علينا".

‎نتائج المعركة
‎استمر الاحتلال في حصار المخيم، ورفض السماح للطواقم والبعثات الدولية وخاصة الطبية والإنسانية دخول المخيم لإجلاء الضحايا والشهداء الذين دفن بعضهم تحت أنقاض المنازل ما أدى إلى تعفن الجثث.

وتحولت ساحة مستشفى جنين لمقبرة مؤقتة لجثت الشهداء، وفي نهاية المجزرة تبين أن قوات الاحتلال قتلت 63 شهيداً بينهم 23 مقاتلا، وقتل خلال المعارك مع المقاومة 23 جنديا بحسب اعتراف الاحتلال إضافة لإصابة العشرات من الجنود، وكانت حصيلة الاعتقالات المئات، لكن أفرج عن غالبيتهم وما زال أكثر من مئة منهم يقبعون في السجون بينهم عدد من قادة المعركة وعناصرها ممن صدرت بحقهم أحكام بالسجن المؤبد ومدى الحياة.

‎كما لا يزال مصير اثنين من أهالي المخيم مجهولا، ولم يعثر على جثتهم ولم يعترف الاحتلال باعتقالهم هما جمال الفايد، وهو معاق، ولطفي البدوي.

‎ورغم قرار مجلس الأمن بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث المجزرة إلا أن الاحتلال منع اللجنة من الوصول ولم يدخل القرار الدولي حيز التنفيذ، ورغم معاناة وتدهور أوضاع المخيم فإنهم رفضوا المساعدات التي قدمتها الوكالة الأمريكية للتنمية.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد