اختتام ملتقى فلسطين الثالث للرواية العربية عبر الإنترنت
اختتمت وزارة الثقافة الفلسطينية مساء اليوم السبت، فعاليات ملتقى فلسطين الثالث للرواية العربية التي تواصلت على مدار أربعة أيام، قدم خلالها مجموعةٌ من الكّتاب والنقّاد ندوات أدبية افتراضية تناولت مواضيع مختلفة تتعلق بالرواية والهوية والسرد والإعلام الثقافي.
وشمل اختتام الفعاليات عقد ندوتين أدبيتين الأولى تتحدث عن (الرواية كخطاب ثقافي.. التحديات والآفاق) بمشاركة الروائية رجاء بكرية، والروائي جميل السلحوت، والروائي سهيل كيوان، وأدار الندوة الروائي ناجي ظاهر، فيما ناقشت الندوة الثانية موضوع (الإعلام الثقافي.. مهماته وأدواره في تفعيل حركة النقد والمشهد الثقافي) بمشاركة كلٍ من الكاتبة والصحفية فاطمة بو ناجي، والشاعر والكاتب خالد جمعة، والشاعرة والكاتبة نداء يونس، وأدار الندوة الكاتب والصحفي توفيق العيسى.
وافتتح الروائي ناجي ظاهر الندوة الأولى التي عقدت في مقر جمعية السيباط في مدينة الناصرة وبثت عبر صفحة وزارة الثقافة الرسمية على شبكات التواصل الاجتماعي، بالحديث عن أن الرواية تحولت لديوان العرب، فهي احتلت كل الأماكن ليس في ثقافتنا الفلسطينية والعربية فحسب، بل عالمياً، وتحدث عن تحدي الرواية الفلسطينية بين الفن والأيديولوجيا وفيما يتعلق في مكانها وزمانها بالعالم العربي وتحديها كذلك مع الترجمة.
بدورها، أوضحت رجاء بكرية أن الخطاب الثقافي لا يعني أن نتنازل عن جماليات السرد فيما نكتبه، وكي نستطيع إغناء النص يجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار خطة الكتابة، ففي روايتها (عين خفشة) تحدثت الكاتبة عن جماليات المكان واللغة والطرح الفكري لقضية الوجود التي لم تتنازل عن نواحيها الفنية كي تشرع حضورها في العالم.
وأضافت بكرية في بيان وصل "سوا"، أن مصادر الثراء اللغوي والفكري يجب أن تعتمد الاطلاع على ثقافات الآخر، فنحن ملزمون بالبحث عن فضاءات أخرى فلسفية ونقدية لإثراء ثقافتنا، فالتعامل مع الثقافات الأخرى هو مكسب لأي مشروع ثقافي حيث لا يمكننا أن نغفل الصراع مع الآخر، وأكدت أن التحدي هو كيفية إحالة ما نتناوله من أفكارٍ محلية اجتماعية وفكرية لمشروع أوسع يتجاوز ثقافتنا إلى ثقافات أخرى، ما يستدعي كثيراً من التجربة.
وأشار الروائي جميل السلحوت إلى أن الرواية واحدة من عناصر البيئة الثقافية، وللثقافة الفلسطينية خصوصية فردية تستمد مضامينها في الغالب من الواقع الفلسطيني، وعند حديثه عن الفن الروائي قال إن الرواية فن مستحدث عند العرب، وأن طرح قضايانا الفلسطينية من خلال الثقافة والإبداع بأصنافه المختلفة وَصَلَ للشعوب أكثر بكثير من الخطاب السياسي في إشارة منه إلى محمود درويش وسميح القاسم وأحمد دحبور وعز الدين مناصرة وغيرهم في المضمار الشعري.
وقال السلحوت إن الرواية باتساعها شكلًا ومضمونًا عكست الواقع الفلسطيني المعاش ولكن الهمَّ السياسيّ كان صاحب الحضور الأبرز على الهموم الأخرى في الكتابات الفلسطينية.
بدوره قال سهيل كيوان إن الرواية الفلسطينية تواجه مصاعب كثيرة خاصة القضية السياسية، التي يصعب على الكاتب فيها كتابة رواية فنية، فالكاتب يشعر بالالتزام تجاه قضيته، وهو مطرٌّ لمعالجة هذه القضية، فالإشكالية تكمن بأن الكاتب بحاجة ليعبر عن الواقع السياسي بشكل فني وليس بشكل مباشر، فالراوي مسؤول عن إثبات هوية الفلسطيني ووطنه وأرضه، ومواجهة رواية الاحتلال.
وتطرق كيوان لروايته (بلد المنحوس) التي تتحدث عن الصراع العربي الفلسطيني- الإسرائيلي حيث حاول فيها البحث عن الآخر من أين أتى وما هي الظروف التي عاشها وعايشها وتعرض لها، فالقضايا حسب تعبيره يجب معالجتها بشكل فني محكم.
وفي افتتاح الندوة الثانية قال توفيق العيسى إنه يجب تسليط الضوء على قضايا الإعلام الثقافي، بوصفه رافداً وقناة مهمة في الترويج للمنتج الثقافي، بكافة أشكاله، وتعريفاته، معززاً دور النقد، في المشهد الثقافي العام، فالإعلام الثقافي يعتبر إعلاماً ثورياً، لعلاقته الجدلية مع القيمة المعرفية والحضارية، ومساهمته الرئيسة في تشكيل الوعي انطلاقاً من علاقته الطبيعية بالمضمون الثقافي الذي هو أساس وجوده، حيث لا يقتصر دوره في المادة الخبرية التقليدية، وإجابته على الأسئلة الصحفية الست فقط.
أما مداخلة الصحفي والكاتب خالد جمعه تمحورت حول الصحافة الثقافية لأدب الأطفال، مقدماً نبذة تاريخية عن أدب الأطفال وتعريفاته، وتطوره، مؤكداً أن الأدب الموجه للطفل عليه أن يراعي حاجات وقدرات وخصائص هذه الفئة، فأدب الأطفال له خصائص تميزه عن بقية أنواع الأدب، فهو يعتمد على اللغة الخاصة بهم، التي يجب أن تتناسب مع عمر وثقافة الطفل، ووضوح ودقة الأسلوب وعدم اللجوء للحشوات اللغوية، وبشكل عام فإن أهم خاصية لأدب الطفل هي أن يكون ممتعاً، وتطرق جمعة إلى أدب الأطفال في العالم العربي وكذلك على المستوى الفلسطيني حيث أشار إلى كتّاب الأطفال والعديد من الفنانين الذين أبدعوا في كتابة ورسم قصص الأطفال.
وأكد جمعة أن تغطية أي عمل للأطفال صحفياً، يجب أن نفرق فيه بين العمل المقدم للأطفال في ذاته، وبين التغطية الصحفية لهذا العمل، ففي الوقت الذي يجب أن يتمتع العمل نفسه بلغة تتناسب مع الأطفال، فإن الخبر الصحفي يكون موجهاً لقراء ربما لا يكونون من فئة الأطفال، وناقش جمعة آلية التغطية الصحفية لصدور كتاب للأطفال، والمسرحيات الخاصة بهم، والألبومات الغنائية، وأفلام الكرتون.
وأشارت الكاتبة والشاعرة نداء يونس إلى علاقة الإعلام بالإعلام الثقافي وإشكالية هذه العلاقة مع القوة الضاغطة الاقتصادية والسياسية، والتعامل معها من خلال فكرة المردود المادي وليس التأثير المستدام وسيادة الإعلان على الإعلام، وظهور أشكال جديدة من إدارة المنتج الثقافي رقمياً والنقص الواضح في البرامج الإعلامية والصفحات الثقافية والزوايا المتخصصة بالأدب المترجم في فلسطين.
وأضافت حول تشكل علاقات جديدة بالمنظمات والقنوات الإعلامية الثقافية والصحافة الدولية المعنية بالترويج والنشر للأنشطة الثقافية والنقدية الفلسطينية ضمن المشهد الثقافي العالمي، وركزت على سبل تفعيل الإعلام الثقافي وتجاوز إشكاليات الترجمة وتبني فكرة خلق قاعدة بيانات للأدب الفلسطيني وتحديدًا المترجم منذ ما قبل النكبة وفي كل أماكن التواجد الفلسطيني، واستغلال التطور الرقمي كل هذا تحت مظلة مؤسساتية.
أما الصحفية والكاتبة فاطمة بو ناجي تحدثت عن الإعلام الثقافي ودوره في تحقيق الإشعاع لهذا الحقل ومدى نجاحه في ذلك، وكذلك الحواجز التي عرقلت سير مهمته، مؤكدة أن روايتنا واحدة وإن اختلفت تفاصيلها، فالإعلام الثقافي بين الافتراضي والواقع يجب أن نكون أكثر وعياً أن لهذا الإعلام خاصية وطنية، فالثقافة ليست تعبيراً أدبياً حرفياً، بل الإعلام هو الوسيط لتهذيب الفكر وترويج هذه الثقافة بكافة أشكالها وجوانبها، وهو الأداة الأقوى في التغيير، بالإعلام نبني وبه نهدم.
وتحدثت بو ناجي عن أنواع الإعلام الثقافي الذي ينقسم إلى قسمين: إعلام ثقافي متحقق، والآخر مزيف الذي بدوره ينشطر إلى إعلام ثقافي مزيف واع ٍ والآخر غير واع ٍ ، ولخصتْ تجربتها الخاصة "التجربة المغربية"، وتجربتها في الصحافة المكتوبة، كونها مشرفة على صفحة يومية تعنى بالفنون والثقافة عامة