لا تزال القيادة والفلسطينية والفصائل الوطنية والاسلامية في مقدمتها حماس تراوح مكانها باطلاق الشعارات والتصريحات والتهديد.
وكل ما تقوم به عقد الندوات واصدار البيانات الصحافية والتجمعات الخطابية الخجولة، بما فيها التجمعات الخطابية التي تحييها حركة فتح في الاغوار، ولم يتبقى على موعد اعلان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ضم منطقة الاغوار واجزاء من الضفة الغربية إلا ايام معدودة.
القيادة الفلسطينية وحركة فتح لم تغير من نهجها ورؤيتها للعلاقة مع اسرائيل وتركت الباب موارب للاتصالات والضغط الناعم. على الرغم من اعلان الرئيس محمود عباس التحلل من الاتفاقيات مع اسرائيل ووقف التنسيق المدني والامني مع اسرائيل،  بما فيه التنسيق للمرضى والسفر للضفة المتوقف اصلا بفعل كورونا ويدفع ثمنه مرضى قطاع غزة الذين توقفت تحويلاتهم للخارج وبدون بدائل للعلاج، المفارقة وقف التنسيق لعلاج المرضى في الخارج خاصة مرضى السرطان، في حين ان  المعابر التجارية مفتوحة وتعمل كما كانت بواسطة التواصل التكنولوجي، وكذلك العمال لم يتوقفوا  عن العمل في المستوطنات وداخل اسرائيل.
السلطة الفلسطينية لم تتخذ قرار ات مصيرية في التحلل من الاتفاقيات الموقعة ووضع خطة وطنية بتوافق وطني فلسطيني لمواجهة الاحتلال ومشاريعه، ولم تضع موضوع حل السلطة على الطاولة واعادة الاعتبار لمنظمة التحرير،  واعادة التفكير ومراجعة حقيقية للمرحلة السابقة سواء بالوسائل والادوات المطروحة منذ ٢٦ عاما، أو انهاء الانقسام وتنازل طرفي الانقسام من اجل المصالح الوطنية.
يبدو ان القيادة الفلسطينية لا تزال سعيدة  في البقاء في الورطة المستمرة منذ ثلاثة عقود وحددت خياراتها للبقاء في الانتظار، والخطوات التي تم اتخاذها حتى الان خطوات مدروسة تسير في نفس سياق السنوات الماضية، وتتصرف وكأنها دولة كاملة السيادة وان المشكلة مع اسرائيل الحارة وخلافات على حدود وتعديات هنا وهناك على السيادة، وليس دولة احتلال تحتل البلاد والعباد، وأدواتها دبلوماسية وتجمعات سلمية محسوبة ومخطط لها، بحيث لا تخرج عن السيطرة، او كما صرح اعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح منع الفوضى.
فالقيادة وفتح لا تزال مواقفهم تعبير عن التخبط والتوجه لحل وسط مع اسرائيل سواء بالتأجيل وهذا معناه الرضا بالضم البطيئ وعلى مراحل ولا معنى لذلك سوى الموافقة غير المباشرة على الضم.
والتاجيل معناها استمرار نتنياهو والحكومة الاسرائيلية بالضم على مراحل، فسياسة ضم الضفة مستمرة منذ سنوات الاحتلال وبطرق ووسائل مختلفة، ولا تزال قيادة السلطة وحركة فتح تراهن على الوساطات العربية وغير العربية وفي مقدمتها شركاء نتنياهو  في الحكومة وثنيه واعلانه تأجيل قراره، وضم بعض المستوطنات، فهذا لن يغير من طبيعة الحال والامر الواقع الذي تفرضه اسرائيل لاستكمال بناء المشروع الصهيوني، فهناك اجماع صهيوني من الحكومة والمعارضة على قضايا لا تراجع عنها بدء بالمستوطنات، فغالبية الاسرائيليين يؤمنون بحق اسرائيل في الضفة الغربية.
حتى بعض التحليلات الاسرائيلية التي تدعي ان غانتس والاجهزة الامنية ضد الضم، وتقديرات الجيش الاسرائيلي والاجهزة الامنية ما هي إلا تحذيرات من خطورة الضم، وليست ضد الضم، فالحديث عن خلافات بين الاجهزة الامنية المختلفة اعتقد انه غير  منطقي.
فالقرار في النهاية في يد المستوى السياسي والتحذيرات هي وقائية اكثر منها تقريرية، بل ان بعضها تطالب بالتأجيل لاسباب غير مقنعة  وهي تدور حول قدرة الجيش على مواجهة اي انتفاضة فلسطينية، والجيش والاجهزة الامنية لديهم استجابة عالية في مواجهة ذلك. ويظل السؤال هل لدى الفلسطينيين القدرة على المواجهة الشاملة في ظل اختلال موازين القوى فلسطينياً واقليمياً ودولياً؟
 التطبيع العربي يسير على قدم وساق ويتحدث بعض المسؤولين العرب بوقاحة عن تطبيع علمي وصحي وغيره من اشكال التطبيع الذي يمنح مشروعية للاحتلال وجرائمه ضد الفلسطينيين، حتى ان بعض الدول العربية هي من تقوم بدور الوسيط بين نتنياهو والرئيس عباس.
ما يجري في فلسطين لا يدل على ان الفلسطينيين تحت الاحتلال مع انهم في  مرحلة حاسمة من تاريخهم الوطني وخطر الضم وتعزيز نظام الفصل العنصري واستكمال المشروع الصهيون، وفصل الضفة عن قطاع غزة.
والاوضاع الداخلية كارثية من جميع النواحي وطنيا وسياسيا واقتصاديا وانسانيا وصحياً وعدم القدرة على مواجهة خطر جائحة كورونا التي تضرب  الضفة الغربية، وفشل الخيارات في مواجهة تلك الاوضاع. وهناك انعدام للثقة في جميع مكونات العمل الوطني بما فيها حماس فحتى الان مواقفها غامضة وضبابية وهي في موقف تحسد عليه وربما هي  التي وضعت نفسها فيها من خلال الاستمرار في حكم غزة ورفعها شعار المقاومة وما هي خياراتها في مواجهة الضم، وهل باستطاعتها فتح معركة مع اسرائيل؟ واذا ما تدهورت الاوضاع الامنية هل يكون فيها منتصر؟ وكل ما يصدر منها تصريحات وشعارات رنانة وهي تدرك خطورة الاوضاع في قطاع غزة، حصار مستمر  ولا أمل بفكه، إلا اذا قررت اسرائيل تحييد القطاع عن معركة الضم وفكفكة الحصار عبر تسهيلات والاستمرار في سياساتها بفصل الضفة عن القطاع وترك  حماس تحكم من خلال ما هو قائم وابقاء الناس على قيد الحياة.
الصراحة يحسد الفلسطينين على حالهم وخطابهم السياسي والوطني، وبرغم كل هذه المخاطر، فطرفا الانقسام يعمقان الانقسام، فالاعتقالات مستمرة والمناكفات والاتهامات ولم يتغير شيئ، وكأن الفلسطينيون عادوا إلى بدايات الانقسام الأولى لتسهيل مهمة اسرائيل في ضم ما تبقى من الضفة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد