مديرة مؤسسة التعاون: الوضع السياسي المعقد في فلسطين سينعكس سلباً على نشاط المؤسسة
أكدت مدير عام مؤسسة التعاون يارا السالم، أن تنفيذ المخطط الإسرائيلي بضم المستوطنات والأغوار للسيادة الإسرائيلية، وتغير العالم بعد جائحة فيروس كورونا ، وتراجع الاقتصاد العالمي، سينعكس سلباً على الدعم المقدم لمؤسسة التعاون، التي تعمل على دعم مؤسسات المجتمع المدني والأفراد في داخل فلسطين ومخيمات اللاجئين في لبنان، لتعزيز صمودهم.
يشار إلى أن مؤسسة التعاون تعد من المؤسسات الفلسطينية الرائدة في دعم قطاعات أساسية للفلسطينيين بهدف تعزيز صمودهم، وتم إنشاؤها بالتزامن مع حرب لبنان عام 1983م، من قبل فلسطينيين من رجال الفكر والثقافة ورجال الأعمال، بهدف توفير سبل الدعم للفلسطينيين في القدس المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة ، تعليماً وصحياً واجتماعياً، خاصة في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ احتلال فلسطين وتشريد أهلها من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
الوضع السياسي سيؤثر سلباً على دعم مؤسسة التعاون
وحول تأثير الوضع السياسي على عمل المؤسسة، أكدت السالم في لقاء خاص مع فضائية النجاح، أن الوضع السياسي الحالي صعب ومعقد، لأن الوضع السياسي مرتبط بالتمويل، والمؤسسة تحصل على تمويلها من مختلف الجهات الخارجية، العربية والدولية التي تهتم بدعم فلسطين ومشاريع التعاون.
وأشارت إلى أنه سيكون هناك تأثير على حجم التمويل في حال تم تنفيذ خطة الضم في الضفة الغربية والاغوار، الأمر الذي سيؤثر على حجم البرامج، وبالتالي سيؤدي إلى تقليصها، وتحويلها إلى قطاعات معينة بتركيز أكبر من القطاعات التي ندعمها حاليا، لهذا سيكون للوضع السياسي أثر سلبي على التعاون، وأوضحت أنه انطلاقا من استشعار المؤسسة بالخطر تقوم حاليا بإعادة هيكلة برامجها بحيث نكون على جهوزية لأي درجة من الخطر يمكن أن يصل إليها الوضع، بحيث يمكن تحويل موارد المؤسسة إلى القطاع الصحي إذا ما تم هناك تصعيد في الوضع السياسي وسيتم تحويل البرامج إلى الاحتياجات الأهم على أن يتم تعويض ذلك في حل تحسن الأوضاع.
القطاعات التي تدعمها التعاون
وأوضحت السالم ، أن مؤسسة التعاون تركز جل عملها منذ انطلاقها قبل 37 عاماً على أربعة محاور أساسية، وهي قطاع التعليم، قطاع الصحة، قطاع التنمية المجتمعية بما يتضمنه من مساعدة أيتام، والعديد من المشاريع الخاصة بتمكين الشباب والمرأة وغيره، والقطاع الرابع هو إعادة ترميم المدن القديمة مثل مدينة القدس و نابلس ، وجنين وغيرها من المناطق الأثرية التي تحتاج إلى إعادة تأهيل وترميم.
دور التعاون في دعم قطاع التعليم والصحة
وأوضحت أن التعاون قامت بالعديد من المشاريع، التي تهدف إلى بناء الجامعات، والمدارس في كافة أرجاء الوطن، وتأهيل المدرسين، والعمل على المنهاج الفلسطيني، وابتعاث المدرسين إلى برامج زمالة للتعلم في الخارج، واكتساب القدرات الأجنبية، والعالمية، وتزويد الطلبة الفلسطينيين بها، إيمانًا من المؤسسة بأن التعليم رسالة أساسية نحتاجها في فلسطين من أجل تعزيز صمودنا، بحيث يتم هناك مشاركة ما بين خبراتنا ومعرفتنا والعالم.
وتابعت السالم أن التعاون دعمت التعليم العالي، بالإضافة إلى تزويد خبرات عالمية للمدرسين والمعلمين، في الجامعات الفلسطينية، وخصصت جوائز سنوية تحفيزية للإبداع والتميز، إلى جانب الدعم في جميع مراحل التعليم كون التعليم يعتبر الوسيلة الأساسية من أجل خلق أفراد جاهزين للاندماج في سوق العمل. موضحة أن للمؤسسة العديد من البرامج التي تقوم بها قبل وبعد التخرج من أجل تأهيل الشباب إلى سوق العمل من خلال معايير معينة، مشيرة إلى أن التعاون وفرت وظائف للآلاف من الشباب خلال السنوات الماضية في القطاع الخاص ولفترة محدودة مدفوعة الأجر، وذلك من أجل تشجيع القطاع الخاص على تدريبهم ثم تعيينهم.
وأضافت، أن التعاون قامت ببناء العديد من المستشفيات، (معظم الوحدات التخصصية في كافة مستشفيات الوطن هي دعم من التعاون)، بالإضافة إلى أن أكبر دعم يقدم لشبكة مستشفيات مدينة القدس المحتلة يتم من خلال التعاون لتمكينها من القيام بعملها في ظل الضغوط التي تتعرض لها.
اللاجئون في لبنان
وعن دور مؤسسة التعاون في دعم اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات لبنان الذين يعانون من ظروف إنسانية صعبة منذ لجوئهم، أوضحت السالم أن هناك مكتب لمؤسسة التعاون في لبنان يتابع الأوضاع في المخيمات الفلسطينية ويركز على التعليم، كون التعليم هو الأساس لمساعدة المخيمات، إضافة إلى سعي التعاون للوصول للطلبة الذين يتلقون تعليمهم في الجامعات والمدارس وتوفير فرص عمل لهم في السوق.
وأضافت أن التعاون تولي عناية خاصة بالقطاع الصحي في المخيمات الفلسطينية بلبنان، نظراً للإهمال الذي يتعرض له هذا القطاع من قبل السلطات، إلى جانب العديد من المشاريع من بينها برامج الطفولة المبكرة.
وتابعت السالم، أن المؤسسة ورغم انها تقوم بدعم مؤسسات المجتمع المدني بشكل عام عبر علاقة تشاركية وتكاملية مع كل من القطاع الخاص والعام، إلا أنها تستقطب أفراد وتقوم بتقديم الدعم المباشر لهم حسب نوع البرنامج، كالبرامج المخصصة "للشباب" يتم دعمه مثل برامج الريادة.
جائحة كورونا ودور التعاون في مواجهتها
وعن نشاط مؤسسة التعاون في ظل جائحة كورونا العالمية، أوضح السالم، أن المؤسسة قامت بإطلاق حملة ضد جائحة كورونا، تحت عنوان "فلسطين تناديكم" في كافة مناطق الوطن، وأيضا حملة في مخيمات الشتات في لبنان تحت عنوان "كلنا يد واحدة"، وعبر هذه الحملات تم جذب العديد من الأموال عبر المؤسسات الدولية والعربية والأفراد وأعضاء مؤسسة التعاون، وحصلت خلال الشهرين الماضيين على 6 مليون دولار لداخل فلسطين (القدس والضفة وقطاع غزة)، وحوالي مليون دولار إلى مخيمات لبنان، موضحة أن كل هذه الأموال ذهبت لدعم القطاع الصحي، وتعزيز جهوزيته واستعداده للتشخيص والعلاج من هذه الجائحة.
وأضافت، تم تجهيز المستشفيات بالمستلزمات والأجهزة الطبية، عبر علاقة وثيقة مع وزارة الصحة الفلسطينية وغيرها من المؤسسات الوطنية إضافة إلى دعم العائلات المستورة، وذات الدخل المحدود والتي عانت بشكل كبير خلال تلك الفترة من انقطاع سبل الدخل، كتأمين السلال الغذائية في قطاع غزة، وسكان منطقة "C" وحول الجدار في الضفة الغربية، وأوضحت أن المميز في كافة هذه المشاريع أن المؤسسة تخلق فرص عمل في نفس الوقت، كذلك تم دعم المزارعين الذين يوفرون المواد الغذائية، وإمداد المستهلكين بالمنتج الفلسطيني.
وحول استراتيجية عمل مؤسسة التعاون بعد جائحة كورونا، أوضحت مدير عام مؤسسة التعاون يارا السالم، أنه من منطلق الاستجابة للتغيرات العالمية وحالة الانكماش الاقتصادي التي يعاني منها العالم، إلى جانب الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها فلسطين، قامت التعاون بعمل تعديل على استراتيجيتها، وسيركز على التعليم وكيفية رؤيتنا له وغيره من المواد بحيث يتم التركيز على التعليم عن بعد، وكافة متطلبات هذا الموضوع، وأيضا التركيز على قطاع الزراعة وخاصة في موضوع الأمن الغذائي، وتوفير فرص عمل للشباب والتركيز على نوعية العمل في القطاع الزراعي وغيره، وسيكون هناك تعديل في نظرتنا لكيفية الخدمات التي نقدمها من خلال المشاريع والبرامج المختلفة التي تركز على التعليم عن بعد، لنركز على أن تكون البرامج أكثر استجابة للاحتياجات في المرحلة الراهنة بحيث يتم تحويل كافة الدعم من برامج أخرى إلى المشاريع الطارئة إذا ما تطور الوضع، وبنفس الوقت التركيز على أهمية التشبيك حيث أن التعاون لا تستطيع وحدها أن نقوم بعملية تغيير إغاثية وتنموية، لذلك يتم التشبيك ما بين المؤسسات المختلفة للمجتمع المدني لتكمل بعضها البعض إلى جانب الحكومة والقطاع الخاص.
دعم جامعة النجاح انموذجاً
وحول ما قدمته مؤسسة التعاون من دعم لجامعة النجاح الوطنية، أوضحت السالم، أن المؤسسة قدمت نحو 40 مشروعاً لجامعة النجاح الوطنية خلال السنوات الماضية، بحوالي 12-13 مليون دولار، منها مشروع المكتبة 5 مليون دولار، ومركز الطفولة 3 مليون دولار، والمساهمة في مبنى هشام حجاوي للعلوم التطبيقية، ومختلف المختبرات الموجودة حاليا بالجامعة.
وقالت:" ناقشنا مع إدارة الجامعة مؤخراً البناء على التعاون الذي قمنا بتقديمه، إلى الجامعة في المراحل الماضية والتي استمرينا به اليوم عبر توفير دعم إضافي إلى مركز الطفل في الجامعة، كما تم مناقشة سبل التعاون فيما يتعلق ببرنامج "زمالة" وهو برنامج تحت برنامجنا الكبير للتعليم الذي يتعلق بتأهيل المدرسين الجامعيين في جامعات دولية لكسب الخبرة والعودة إلى أرض الوطن بخبرات جديدة، حيث سيتم توسيع هذا البرنامج وعمل مكثف بين الجامعة والتعاون في هذا الاطار.
وأكدت أن هناك رؤية واحدة بين مؤسسة التعاون وجامعة النجاح الوطنية وسيتم البناء على ما تم البدء به، وهناك العديد من الافكار التي يمكن أن يتم العمل عليها فيما يتعلق بمشاريع الطاقة الشمسية، والزراعة.
التعاون والمعهد الفلسطيني للطفولة
وأشارت السالم إلى أن مؤسسة التعاون أنشأت المعهد الفلسطيني للطفولة، اعتقادا منها أن المعهد يخدم المواطن الفلسطيني بشكل كبير خاصة وأن العائلات التي لها أبناء هم بحاجة إلى عناية خاصة، وأن هذا المركز هو الوحيد في منطقة الشمال وفلسطين الذي يوفر الخدمات الرائعة بالمساعدة في تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة ليكونوا أفرادا فعالين في المجتمع وتخفيف العبء على عائلاتهم التي لها صعوبات كبيرة في التعامل، وكيفية التعامل مع أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وأعربت السالم عن أمنياتها أن تجد التعاون الموارد في الفترة القريبة القادمة من أجل أن يتم إعداد مركز آخر في منطقة أخرى من فلسطين لسد احتياجات الهائلة التي يحتاجها ابناؤنا في مختلف المناطق.
وأشارت إلى أن التعاون قدمت دعم آخر للمعهد خاص بجائحة فيروس الكورونا، نظراً لأنه كان هناك صعوبات فنية ومالية وغيرها ضمن الوضع الماضي، لذلك تم تقديم دعم إضافي لضمان أن يكون هو منارة لذوي الاحتياجات الخاصة للأفراد والكوادر الفلسطينية المؤهلة للتعامل مع هذه الفئة.
مؤسسة التعاون ومصادر الدعم
وأوضحت مديرة مؤسسة التعاون، أن المؤسسة لها مجال عمل معين وهو فلسطين، وأن هناك تعاون كبير ما بين الفلسطينيين المغتربين ومؤسسة التعاون وخاصة أن معظم أعضاء التعاون فلسطينيين في الخارج ولذلك هناك تعاون كبير ما بين المؤسسة والجاليات الفلسطينية في الخارج لدعم الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة.
وأكدت أن المؤسسة ليس لديها أفكار لتوسيع نشاطاتها خارج فلسطين وخارج مخيمات الشتات في لبنان كونها تعاني أصعب الظروف، بل إن هناك توجه من أجل زيادة التعاون مع الفلسطينيين في الخارج من أجل زيادة الدعم في الفترة القادمة، لأن الموارد المالية من المتوقع أن تشح، وهناك العديد من البلدان المانحة تريد أن تحول دعمها إلى بلدان أخرى، كذلك فإن الوضع السياسي والكساد الاقتصادي يؤثر على إمكانية اجتذاب الأموال.