مجدي أبو طاقية: يطوع "فن المصغرات" لتصوير الحياة الفلسطينية وجرائم الاحتلال

مجدي أبو طاقية يطوع فن المصغرات في مخيم النصيرات

في أحد ازقة مخيم النصيرات وسط محافظات غزة ينشغل الشاب مجدي أبو طاقية 40عاما في نحت المصغرات محاولا تصوير طبيعة الحياة المختلفة في المجتمع الفلسطيني.

أبو طاقية الفنان الأول والوحيد في غزة الذي ينشغل بهذا الفن الذي تعود أصوله الى الحضارة الفرعونية التي عرفت فن المصغرات او ما يطلق عليه "الدايوراما" وفيها يحاول الفنان تجسيد الخيال إلى واقع أو العكس، لتصور المجسمات أدق التفاصيل في جوانب الحياة الكثيرة والمعقدة.

بدأ أبو طاقية في فكرة صناعة المصغرات عام 1994م، أثناء احتلال القوات الاسرائيلية لقطاع غزة، من خلال جمعه للأعيرة النارية والقنابل الغازية التي كانت تلقى على المواطنين، ليعيد تأهيلها وتحويلها الى ميداليات وسلاسل تعلق في رقاب الفتيات.

وكان أبو طاقية يعمل سابقا في مهنة النجارة، واستطاع من خلالها تطوير قدراته ومهاراته الفنية بوضع لمسات فنية في صناعة الموبيليا أو الأبواب الخشبية للمنازل.

وبعد توقف لعدة سنوات نشط أبو طاقية ثانية في صناعة المصغرات من خلال تحويل الطلق الناري المتفجر الذي أصيب به شقيقه الأصغر في قدمه خلال مشاركته في مسيرات العودة عام 2018، الى مجسم صغير يكمل به لوحته الفنية.

ويقول أبو طاقية " ان نجاحه في صناعة مجسم الطلق الناري، شجعه على إنتاج مجسمات أخرى من مخلفات الاحتلال التي يجمعها من المناطق الحدودية كالطلقات النارية والقنابل المسيلة للدموع، إضافة إلى استخدام القطع الخشبية والفولاذية وقطع الصوف والقطن في إعدادها.

ويؤكد أبو طاقية أن فن المصغرات ليس سهلاً، لأن من يتقنه يدخل في تحدٍ مع نفسه، ففي كل مجسم ينهيه يدفعه لأن يبدأ بمجسم أخر أصغر حجماً من سابقه.

ويجسد أبو طاقية في مصغراته معاناة الشعب الفلسطيني على المعابر الحدودية للقطاع وخاصة فئة المرضى بصناعته للوحة فنية تجسد معبر رفح " لا تتجاوز ذراع اليد"، لينقل فيها الصعوبات والأوجاع التي يحياها سكان غزة نتيجة الحصار الاسرائيلي المفروض منذ 15 عام.

ويسلط أبو طاقية في مجسماته الضوء على جرائم الاحتلال ومعاناة الشعب الفلسطيني فجسد استشهاد الطفل محمد الدّرة بحضن والده على مفترق الشهداء إضافة الى تجسيد حياة العديد من الشهداء الذين ارتقوا خلال مشاركتهم في مسيرات العودة كأمثال المسعفة رزان النجار والمقعد إبراهيم أبو ثريا، لتبقى هذه المصغرات شاهدةً على غطرسة المحتل.

ولم يغفل أبو طاقية الجانب الفني في أعماله، فصغر الآلات الموسيقية المختلفة كالعود والجيتار والطبلة، وأدوات المطبخ الفلسطينية مثل البابور والمهباش والطاحونة وصباب القهوة وسراج الزيت المستخدم في الاضاءة، إضافة إلى صناعة الأواني الفخارية بكافة أشكالها.

وشارك أبو طاقية في الكثير من المعارض على المستوى المحلي، قائلا: "لاقت مجسماتي إعجاب الجمهور، وكانت كلماتهم بمثابة حافزٍ قوي للاستمرار في هذا الفن".

ويستغرق انتاج المجسم الواحد من أبو طاقية ساعة إلى ساعتين، على عكس بدايته في انتاج المجسمات التي كانت تستغرق عدة أيام.

وبالرغم من الجمال الذي يصنعه، يعاني أبو طاقية من عدم توفر المسكن الخاص الذي يمتلكه، فهو يعيش مع زوجته وأبنائه الأربعة في منزل مؤجر، بعد ان أرغم قبل سنوات على التقاعد من وظيفته في السلطة الفلسطينية، مما فاقم معاناته، ويذهب جلُ راتبه التقاعدي لدفع أجار المنزل، مما يجعله عاجزاً عن تلبية حاجيات أسرته.

وناشد أبو طاقية وزارة الثقافة وكافة المؤسسات الثقافية والفنية في الداخل والخارج للاهتمام بموهبته الفريدة في فلسطين على حد قوله، من خلال توفير المعدات اللازمة لصناعة المصغرات نظراً لانعدامها.

ويحلم أبو طاقية ان يصل إلى العالمية من خلال مشاركته في معارض ومؤتمرات دولية تهتم في فن الدايوراما، لتبادل الخبرات والمهارات مع أقرانه الفنانين في الدول المختلفة.

ملاحظة : هذا التقرير هو أحد مخرجات دورة فن التحرير الصحفي التي عقدها بيت الصحافة – فلسطين ، مؤخرا

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد