أهم مكتسبات الاحتلال هي حالة العبث والفوضى والجنون الفلسطيني، وغير ذلك توالي، لأن مشكلة الاحتلال منذ البداية تتمثل في الانسان الفلسطيني، فهو يريد الأرض خالية من السكان، والممارسات الفلسطينية السلطوية في غالبها مثلت انهاك لهذا الإنسان.

وبما أن خيار الدولة الفلسطينية، انتهى تماما في عام 2017ـ أخر موعد حسب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس ، وبعد الضوء الأخضر الأمريكي لحكومة الاستيطان لاستكمال المشروع الاحتلالي، وضعف الموقف الشفوي العربي والعالمي في المقابل، يجب التحول في المسار الفلسطيني لخيارات أخرى تناسب الواقع الخطير والمستقبل المهدد.

واضح أن منظمة التحرير غير قادرة على التقدم نحو الدولة ولا التراجع نحو الثورة وأدواتها التقليدية، وفي نفس الوقت من الصعب الاستمرار كسلطة بالتكلفة المالية العالية وشح المصادر، وكذلك بالنسبة لحركة حماس التي علمت ان حدود فعلها وحكمها لن تتجاوز حاجز إيرز لتبقى تحت وطأة حصار غزة .

كل الخيارات تقليدية ومعدومة القدرة على الاستمرار في نفس الاتجاه الخاطئ، حتى قرارات المجلسين المركزي والوطني ليس لها أرجل ولا أسنان، لأنها قائمة على نفس الأرضية السياسية العاجزة والتي تصادر أهم مقومات المقاومة أي الانسان الفلسطيني.

أعتقد أن الخيار الهجومي هو الذهاب نحو الضم الاختياري وكسر ادوات القوة لدى الحركة الصهيونية وأجهزتها، بالإعلان عن تبني خيار دولة واحدة ديمقراطية لكل مواطنيها، كخيار شعبي سلمي، يهدف الى كسر أدوات العنف الاسرائيلي، وفضح العنصرية، والتمهيد لاستعادة زخم حق العودة كحق انساني يؤسس للحقوق المدنية والسياسية.

إن من يرى أن حل الدولة الواحدة بالمفهوم الفلسطيني والانساني مستحيل، يريد منا أن نبقى دافعي ضرائب، ومصدر امتيازات للمنتفعين من وهم الدولة الفلسطينية، أو من يريد أن نبقى مسلوبي الإرادة حتى تستكمل الحركة الصهيونية مخططها بسلب الأرض واقصاء الانسان في أتون الأزمات، داخل معازل فلسطينية في المدن الاسمنتية والمخيمات الفقيرة تحكمها روابط واقطاعيات سياسية وأمنية.

لم يكن الانسان في الجزائر وجنوب أفريقيا وايرلندا يرى أمل في الحرية والانعتاق وهو يفكر في حسابات اللحظة، لكن الشعوب أقوى من جيش الحركة الصهيونية، وليس مقبولا من منظمة التحرير الفلسطينية وأخواتها الفصائل أن تبقي هذا الشعب أسيرا في أغلال السراب، وعبدا لمنظومة حكم قائمة على نفقات الأمن الباهظة، وامتيازات السلطة المكلفة، وأغلال الشركات الاحتكارية وسطوة سلطة النقد وبناتها من البنوك، في دورة مالية خطيرة تعيش على تسليع لقضية والانسان من مؤسسات انتهت شرعيتها القانونية والشعبية ولا تؤمن بمبادئ المواطنة وممارسة الحقوق والحريات العامة.

ان احتكار الشعب خشية أن يجد سكان الأرض المحتلة قيادتهم ومشروعهم، وفرض الوصاية عليه عبر خيارات غير مجدية، كانت بداية تغييب الحلول العادلة والمنصفة وتحويل الحق الفلسطيني الى مكتسبات محدودة وامتيازات فئوية في عملية مستمرة بلا نهاية.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة سوا الإخبارية

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد