72 عاماً على الجرح الذي لن يندمل
قصة شعب أعزل كُتِبتْ قبل 72 عاماً بتواطؤ دولي وتآمر عالمي، هُجر من أرضه، وطُرِدَ من وطنهِ، وشُتِتَ في بِقاع الأرضِ، يُقاسي ويلات الغربة والبعد عن الوطن، وحلَّ مكانه أُناسٌ من شُذاذ الآفاق، ولا تزال فصول القصة تَروي مَزيداً من المعاناةِ والآهاتِ، تُكتب مشاهدها بالدماءِ والأشلاء والخذلان.
كانت بداية المؤامرة عندما انسحبت القوات البريطانية من فلسطين بعد احتلالٍ لأكثر من عقدينِ ونصف من الزمان (1920 - 1948)، بعد أن أعطت الأوامر للعصابات الصهيونية أن تبدأ اجتياح المدن والقرى الفلسطينية لإحتلالها، ودعت اليهود في العالم للهجرة إلى فلسطين، فأعلن كبير عصابتهم ديفيد بن غوريون -الرئيس التنفيذي للمنظمة العالمية الصهيونية- قيام وميلاد دولة الكيان الصهيوني، وعودة ما أسماه أرضه التاريخية، وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفيتي للإعتراف بها، على أثرها اقتحمت هذه العصابات المجرمة المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وطردت أكثر من 750 ألف فلسطيني وحولتهم للاجئين، وارتكبت أكثرَ من 70 مجزرةٍ ومذبحةٍ بحقِ الفلسطينيينَ، استشهد على أثرها أكثر من 15 ألف فلسطيني، وهدمت أكثر من 530 مدينة وقرية وبلدة فلسطينية وحولتها لمدن وقرى صهيونية.
اضطر 1.4 مليون فلسطيني كانوا موجودين في "فلسطين التاريخية" في 1300 مدينة وقرية فلسطينية من تركها خوفاً من الإجرام الصهيوني، بعد أن تواترت إليهم الأخبار عن المجازر والمذابح التي تُنفذها تلك العصابات وبمساندة ودعم من القوات البريطانية، وأقاموا في مخيمات حول العالم أنشأتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" التابعة لهيئة الأمم المتحدة.
وقد حاول الإحتلال الصهيوني إثبات أحقيته في أرض فلسطينَ من خلالِ إقناع العالم بشرعية الدولة اليهودية في "فلسطين التاريخية"، ونشر الافتراءاتِ والرواياتِ الكاذبة، وتغيير الأسماء الجغرافية للأماكن الفلسطينية إلى عبرية، ومحو الهوية العربية لها، والبحث الأركيولوجي في كافة الأماكن الفلسطينية لتزوير الآثار الفلسطينية وإعطاءها صبغة يهودية.
اليوم وبعد مرور 72 عاماً على المأساة الإنسانية الفلسطينية، لا زالت مشاهدَ الإعدامِ والقتلِ والذبحِ التي ارتكبتها العصابات المجرمة بحق الرجال والشيوخ والأطفال والنساء العُزّل، ومشاهد النزوح راسخة في ذاكرة كل فلسطيني يرويها جيلاً بعدَ جيل، ولا زال أكثر من 6 مليون فلسطيني مُتمسك بحق العودة للديار التي هُجر منها عنوة وقهراً، هذا الحق الذي كفلته المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي أصدرتها، والتي لم تُنفذ حتى الآن، منها القرار (194) القاضي "بوجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة لديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم".
سيظل الخامس عشر من آيار من عام 1948 صفحة سوداء لكل من رفع شعار "الكبار يموتون والصغار ينسون"، وذكرى محفورة في قلب 13 مليون فلسطيني متمسك بأرضه التي ورثها جيلاً عن جيلٍ عن أجداده، وسيظل يُطالبُ بحقه الطبيعي في العودة لبلاده التاريخية، هذا الحق الذي لن يسقط بالتقادم، وسيظلُ يُقاوم ويُقاوم حتى تحرير كل ذرة ترابٍ من فلسطين من دنس الصهاينة المجرمين المُحتلِين، وتحرير القدس الشريف العاصمة الأبدية لفلسطين شاء من شاء، وأبى من أبى، يرونه بعيداً ونراه قريباً